هل ينجح بايدن في تحجيم قدرة الرد الإيراني على اسرائيل ؟!
سلامة العكور
جو 24 :
ثمة خلاف ملحوظ حول رؤى المراقبين والمحللين السياسيين والعسكريين بشأن تداعيات التهديدات الامريكية والإسرائيلية لإيران ..هل هي حرب مفتوحة على ايران أم حرب محدودة ؟!!..أم أنها مجرد عمليات اغتيال لعلماء مؤثرين في ايران أم هي مناوشات على الحدود ؟..أم أنها مجرد ضغوط نفسية ومعنوية تمارس عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي لعل ايران تراجع حساباتها وموقفها من مطالب الرئيس ترامب لتعديل بنود الاتفاق النووي ..والكف عن صنع الصواريخ البالستية الذكية ..بل والكف عن المضي في سياستها المعادية لاسرائيل والمقلقة لأمريكا نفسها ..
اسرائيل ما انفكت تهدد وتتوعد بقصف المنشآت النووية الايرانية ...ودأبت وما تزال على محاولات إقناع الادارات الامريكية بضرورة شن حرب مفتوحة على ايران على غرار الحرب الامريكية العدوانية على العراق ..وقبل ذلك على افغانستان ..ثم العدوان الامريكي ـ الصهيوني على سورية ..فايران بالنسبة لمزاعم اسرائيل والرئيس ترامب تهدد أمن المنطقة من خلال أذرعها العسكرية في لبنان واليمن والعراق ونفوذها في سورية ..وجاء الرئيس ترامب ٍليحقق لاسرائيل شيئا من أطماعها التوسعية في القدس وفي الضفة الغربية وفي الجولان السورية ..وقام بدور ضاغط جدا وحاسما على صعيد جر الامارات والبحرين والسودان والعربية السعودية نحو الخندق الاسرائيلي ..ٍٍٍ
لكن ترامب ونتنياهو وكما يبدو قد ادركا ان اي حرب مفتوحة على ايران قد تشعل المنطقة بحرائق كبيرة يصعب جدا اطفاؤها ..
والنتيجة لن تكون في صالح اسرائيل ولا في صالح امريكا .. فاختارا كما يظهر جليا حرب الاغتيالات الاستراتيجية .. وهي حرب خاضتها ادارات امريكية وحكومات اسرائيلية منذ عقود .. واغتيال اسرائيل قبل خمس سنوات لجهاد مغنية في جنوب سوريا .. ثم اغتيال ادارة ترامب للقائد الايراني قاسم سليماني وللعراقي عبد المهدي المهندس انما هي عمليات تصفية ظن كل من ترامب ونتنياهو انها قد تغير المعادلة وقواعد الاشتباك الذي فرضها محور المقاومة .. لكن وقد جاء الرد الايراني عليهما في جنوب لبنان وفي قاعدة الاسد الامريكية في العراق ليؤكد ضحالة تفكيرهما وافلاسهما السياسي في التعاطي مع تطور القدرات الايرانية العسكرية والتكنولوجية ..
وقبل ايام جاءت عملية اغتيال العالم النووي الايراني محسن فخري زادة في طهران ، ثم جاء تهديد ايران لمنفذي عملية الاغتيال ولمن ورائهم برد صاعق يزلزل كيانهم مما يهدد بزعزعة الامن والاستقرار في المنطقة ويصعد التوتر المقلق في اجوائها.. وقد ثبت ان اسرائيل وراء هذه الجريمة البشعة وباعتراف امريكي..
لقد شعرت القيادة الاسرائيلية بحالة من انتعاش الثقة بالنفس وبقدرة اسرائيل على تحقيق بعض اهدافها القريبة والبعيدة على صعيد فرض السلام الذي تريده مع الدول العربية اولا ثم مع الشعب الفلسطيني .. حيث شهدت المنطقة هرولة قادة البحرين والامارات والسعودية والسودان نحو اسرائيل لتطبيع العلاقات معها .. ولاقامة علاقات جديدة تدفع باتجاه اقامة حلف اسرائيلي – عربي باشراف امريكي ..وذلك بالتزامن مع اجراء الانتخابات الرئاسية الامريكية التي انتهت بفوز جو بايدن وهزيمة دونالد ترامب .. ما دفع القيادة الفلسطينية المترددة لاتخاذ موقف ينهي الانقسام الفلسطيني ويدفع باتجاه تحقيق وحدة وطنية مسلحة ببرنامج كفاحي ناجح ومؤهل لتنشيط النضال الوطني الفلسطيني التحرري .. لتتخذ موقفا يعيد عملية الالتزام باتفاق اوسلو والالتزام بالتنسيق الامني مع العدو الاسرائيلي وصولا الى تنفيذ صفقة القرن المشؤومة ...
وبالعودة الى الرد الايراني الذي وصفته القيادة الايرانية بأنه حتمي ، فانه قد يكون من حيث حجم اضراره تحت سقف الحجم الذي يضطر القيادة الاسرائيلية وحتى الامريكية لشن حرب مفتوحة على ايران .. واذا ما كان فوق هذا السقف فان المنطقة ستشهد حربا مفتوحة تشارك فيها اطراف محور المقاومة والممانعة بقدراتها الصاروخية والقتالية المتطورة التي لا طاقة لاسرائيل على النهوض من تحت انقاضها وفي اخماد حرائقها المهلكة ..
اما المصالح الامريكية في المنطقة فلن يبقى لها حتى اثر بعد عين ..
اي ان الرد الايراني الذي قد يراعي فوز بايدن الذي تعهد بعودة بلاده الى الاتفاق النووي قد يحول دون نشوب حرب مفتوحة تروع شعوب المنطقة ..
على اي حال ، كلها أيام قليلة وسنرى ما يطرأ في المنطقة من متغيرات وتطورات وتداعيات ..
والأمر الجلل : أن اي حرب مفتوحة قد تنشب ستكون ساحتها المنطقة العربية بجميع شعوبها .. وأما الأنظمة العربية فلا دور لها فيها ..