مسلسلات ليست "رمضانية"!
فريهان الحسن
جو 24 :
في جلسة مسائية هادئة تجمع أفراد الأسرة، كبارا وصغارا، بعد تناول وجبة الإفطار، استعدادا لمتابعة أحداث أحد المسلسلات الرمضانية التي تبث على واحدة من الفضائيات الكثيرة، يفاجئ الطفل، الذي لم يكد يتم العاشرة من عمره، جميع من حوله بالتلفظ بكلمة "بذيئة" لم تكن قد ذكرت أبدا في منزله!
الكلمة الخادشة للحياء حد عدم تمكني من ذكرها هنا، قالها الطفل بكل عفوية وثقة، موجهاً إياها عدة مرات لشقيقته الصغرى، وهو يضحك! وحينما تلقى التوبيخ من والديه بقسوة، أجابهما:"أنا ما جبت الكلمة من عندي.. ما هي كل يوم بتنعاد ميت مرة في المسلسل هدا وغيروا كتير". وتساءل: "ليه عادي يحكوها وأنا مش عادي أحكيها؟!".
رغم تعجب الوالدَين من جواب طفلهما، إلا أنهما حمّلا نفسيهما المسؤولية، لأن الأولاد يشاركونهما مشاهدة جميع ما يبث على شاشة التلفاز، في وقت بات كثير من الأعمال التلفزيونية تحتوي على كلمات "مسيئة" و"خادشة"، وحتى مقاطع "جنسية" لم تكن تُسمع أو تُشاهد إلا في أفلام السينما!
هكذا، لم يكن من حل إلا أن قررت الأم منع أطفالها من مشاهدة بعض الأعمال الدرامية، لاسيما وأن "العدوى" انتقلت لبقية أطفالها الذين باتوا يرددون في أحاديثهم مع بعضهم بعضاً كلمات "غريبة"؛ ويقلدون سلوك وحديث بعض الممثلين بشكل عفوي إنما محرج أمام الآخرين!
ثمة مسؤولية كبيرة يتحملها الأهالي بسبب عدم اكتراثهم لمشاهدة أولادهم مثل تلك الأعمال غير المناسبة أبدا لأعمارهم، وبما يؤثر على طريقة تربيتهم وتنشئتهم عموماً، والتي يفترض أن تراعي تطورهم الذهني والعاطفي بدون تشويش ناهيك عن التشويه.
فاليوم، هناك كم هائل من المعلومات "المسيئة" في المسلسلات التلفزيونية؛ تُحفظ في ذاكرة الأطفال رغم تناقضها مع ما يفترض أنه عالمهم الحقيقي والفعلي، كما تدفعهم إلى "نضج" سابق لأوانه، وهو بالتالي فاقد لأسسه الذي به يكون نضجاً حقيقياً.
غير أن تلك المسؤولية التربوية والرقابية الأخلاقية لا يتحملها الأهل فقط. فالعبء الأكبر والأول إنما يقع على كاهل القائمين على هكذا مسلسلات؛ إنتاجاً وعرضاً، وهم الذين لم يراعوا "حرمة" رمضان، ولا الخصوصية العائلية في شهر تكثر فيه جلسات جميع أفراد الأسرة على التلفاز لمشاهدة باقة متنوعة من أعمال تلفزيونية أشبه بـ"سينمائية" في جرأتها!
في هذا الموسم الرمضاني، يتم تداول ألفاظ لا تليق بالذوق العام. كما أنها لا تخدم النص؛ وهي الحجة/ الذريعة التي اعتدنا سماعها من قبل عدد من الفنانين والنقاد لتبرير التجاوز على قيمنا وأخلاقنا، أو على الأقل مشاعرنا.
رسالة الفن هي تنمية الذائقة الراقية داخل الإنسان، لا تشويهها، وهو ما يجب أن يبرز خصوصاً في الأعمال التلفزيونية كون الشاشة الصغيرة هي وجهة العائلة بأفرادها كافة، ووسيلتهم الترفيهية والمعرفية صغاراً وكباراً.
وللإنصاف، فهناك فنانون استطاعوا كسب حب الجمهور واحترامه من خلال أعمال هادفة، تعبر عن رسالة عظيمة. وبذلك صار صوتهم يصدح بكل ما فيه خير ورقي وتوعية دون إخلال.
هي دعوة للقائمين على الأعمال الرمضانية، أن يبتعدوا عن الإسفاف، ويراعوا الذوق العام والأخلاق. وهي دعوة أكثر إلحاحا في الشهر الفضيل!
(الغد)
في جلسة مسائية هادئة تجمع أفراد الأسرة، كبارا وصغارا، بعد تناول وجبة الإفطار، استعدادا لمتابعة أحداث أحد المسلسلات الرمضانية التي تبث على واحدة من الفضائيات الكثيرة، يفاجئ الطفل، الذي لم يكد يتم العاشرة من عمره، جميع من حوله بالتلفظ بكلمة "بذيئة" لم تكن قد ذكرت أبدا في منزله!
الكلمة الخادشة للحياء حد عدم تمكني من ذكرها هنا، قالها الطفل بكل عفوية وثقة، موجهاً إياها عدة مرات لشقيقته الصغرى، وهو يضحك! وحينما تلقى التوبيخ من والديه بقسوة، أجابهما:"أنا ما جبت الكلمة من عندي.. ما هي كل يوم بتنعاد ميت مرة في المسلسل هدا وغيروا كتير". وتساءل: "ليه عادي يحكوها وأنا مش عادي أحكيها؟!".
رغم تعجب الوالدَين من جواب طفلهما، إلا أنهما حمّلا نفسيهما المسؤولية، لأن الأولاد يشاركونهما مشاهدة جميع ما يبث على شاشة التلفاز، في وقت بات كثير من الأعمال التلفزيونية تحتوي على كلمات "مسيئة" و"خادشة"، وحتى مقاطع "جنسية" لم تكن تُسمع أو تُشاهد إلا في أفلام السينما!
هكذا، لم يكن من حل إلا أن قررت الأم منع أطفالها من مشاهدة بعض الأعمال الدرامية، لاسيما وأن "العدوى" انتقلت لبقية أطفالها الذين باتوا يرددون في أحاديثهم مع بعضهم بعضاً كلمات "غريبة"؛ ويقلدون سلوك وحديث بعض الممثلين بشكل عفوي إنما محرج أمام الآخرين!
ثمة مسؤولية كبيرة يتحملها الأهالي بسبب عدم اكتراثهم لمشاهدة أولادهم مثل تلك الأعمال غير المناسبة أبدا لأعمارهم، وبما يؤثر على طريقة تربيتهم وتنشئتهم عموماً، والتي يفترض أن تراعي تطورهم الذهني والعاطفي بدون تشويش ناهيك عن التشويه.
فاليوم، هناك كم هائل من المعلومات "المسيئة" في المسلسلات التلفزيونية؛ تُحفظ في ذاكرة الأطفال رغم تناقضها مع ما يفترض أنه عالمهم الحقيقي والفعلي، كما تدفعهم إلى "نضج" سابق لأوانه، وهو بالتالي فاقد لأسسه الذي به يكون نضجاً حقيقياً.
غير أن تلك المسؤولية التربوية والرقابية الأخلاقية لا يتحملها الأهل فقط. فالعبء الأكبر والأول إنما يقع على كاهل القائمين على هكذا مسلسلات؛ إنتاجاً وعرضاً، وهم الذين لم يراعوا "حرمة" رمضان، ولا الخصوصية العائلية في شهر تكثر فيه جلسات جميع أفراد الأسرة على التلفاز لمشاهدة باقة متنوعة من أعمال تلفزيونية أشبه بـ"سينمائية" في جرأتها!
في هذا الموسم الرمضاني، يتم تداول ألفاظ لا تليق بالذوق العام. كما أنها لا تخدم النص؛ وهي الحجة/ الذريعة التي اعتدنا سماعها من قبل عدد من الفنانين والنقاد لتبرير التجاوز على قيمنا وأخلاقنا، أو على الأقل مشاعرنا.
رسالة الفن هي تنمية الذائقة الراقية داخل الإنسان، لا تشويهها، وهو ما يجب أن يبرز خصوصاً في الأعمال التلفزيونية كون الشاشة الصغيرة هي وجهة العائلة بأفرادها كافة، ووسيلتهم الترفيهية والمعرفية صغاراً وكباراً.
وللإنصاف، فهناك فنانون استطاعوا كسب حب الجمهور واحترامه من خلال أعمال هادفة، تعبر عن رسالة عظيمة. وبذلك صار صوتهم يصدح بكل ما فيه خير ورقي وتوعية دون إخلال.
هي دعوة للقائمين على الأعمال الرمضانية، أن يبتعدوا عن الإسفاف، ويراعوا الذوق العام والأخلاق. وهي دعوة أكثر إلحاحا في الشهر الفضيل!
(الغد)