2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لا تقم لمثل هذا المعلم!

فريهان الحسن
جو 24 : المعلم يبتزني ويساومني.. وطلب مني أن أختار:
إما أن يزيدني عشر علامات بمادة الفيزياء مقابل أن أسجل في مركزه "التعليمي" مع بداية العطلة الصيفية، أو أن تبقى علامتي منخفضة، وبالتالي نزول في المعدل.. فماذا أفعل؟؟
هكذا سألني طالب في الصف الأول ثانوي في احدى المدارس، وهو يجهل كيفية التصرف مع أستاذه الذي لا يتوقف إلحاحه على أن يختار الطالب بين الأمرين!!
المعلم لم يكتف بمقابلة الطالب في المدرسة ومحاولة إقناعه بهذا الأمر، إنما اتصل به على هاتفه النقال ليحذره من أنه إن لم يدفع المبلغ خلال فترة وجيزة للمركز "تسعيرة" دروس مساق الفيزياء لمرحلة التوجيهي؛ سيقوم بوضع العلامة على الكشف بدون العشر علامات.
ليس ذلك فقط، المعلم طلب أيضا من الطالب أن يقنع 5 من زملائه ليأتوا معه إلى المركز، وبالتالي سيحصلون على نفس "الامتيازات"..
هذه طريقة ذلك المعلم في "الترويج" لمركزه "العلمي" الذي أغلب رواده من تلاميذه في المدرسة، ويسعى إلى جمع أكبر عدد ممكن من الطلبة، لتزيد نسبته وحصته ومكاسبه المالية، من خلال الضغط على أعصاب الطلبة ومساومتهم على معدلاتهم..
للأسف، تلك ليست قصة من نسج الخيال، انما هي حقيقية حدثت وما تزال تحدث في مدارسنا ومن معلم "جشع"، يتاجر بمهنة التعليم المقدسة والنبيلة.. فأي ضمير يتمتع به هذا المربي "الفاضل"؟؟!
ما الذي سيتعلمه الطالب حينما يرى مثل تلك النماذج في مدرسته؟ وكيف سيستطيع احترام هذا المعلم الذي يفترض به تقديم رسالة تربوية وإنسانية تبقى محفورة في عقل الطالب العمر برمته؟ وهل سيقتنع الطالب أن جهده ومثابرته ودراسته نتيجة تفوقه، أم سيصل لقناعة من أن دفع المال لمركز المعلم سيسهم في الوصول إلى النجاح والمعدل المبتغى؟!!
هذه النوعية من المعلمين "الجشعين" والتجار وضعاف النفوس موجودة في مدارسنا لتلوث أدمغة طلابنا، وتتعمد التقصير خلال الحصة المدرسية لإدراكها أن هذا الطالب سيكون بحاجة لدروس أخرى لن تتوفر إلا من خلال هذه المراكز، أو عن طريق دروس خصوصية تعطى بأثمان مرتفعة جدا في المنازل، وتتضاعف أسعارها بحسب "المواسم"!!
"تجار" مهنة التعليم هدفهم الأساسي الحصول على الربح السريع ولو كان على حساب القيم والأخلاق والتربية، هم يبتزون الطالب وذويه، ويستغلون حاجة الناس الذين يضطرونهم أحيانا لفعل ما هو بعيد عن قناعاتهم ولا يتماشى مع مبادئهم..
هؤلاء المعلمون لا يدركون ما يعانيه الآباء من خوف على مستقبل أبنائهم التعليمي، فيعملون ليل نهار ويقتطعون من قوت يومهم من أجل تعليم جيد لهم يخرجون من خلاله إلى المستقبل بعلم واسع يؤسس حياتهم القادمة. في المقابل يوجد معلمون لا يهمهم سوى المكاسب الشخصية البعيدة كل البعد عن نبل المهنة وقداستها..
أشعر بالحزن والأسف والخذلان وأنا أتحدث عن هذه النماذج؛ من معلمين يسعون إلى إخراج جيل اتكالي غير مستعد للابداع والتفوق، لا ينتمي لشيء ولا يكنّ أي احترام لمدرسته ولا لأساتذته.
الطالب الذي روى لي قصته يشعر بسخط كبير على هذا المعلم، ولا يكنّ له أي نوع من الاحترام ويدرك تماما كم هو استغلالي وجشع ويبتز الطلبة. ولكن الكارثة حينما ختم حديثه وقال لي أنه سيأخذ المبلغ من والده لكي يسجل بمركز هذا "المعلم"، خوفا من أن "يسخط" علامته ويتحكم في مصير معدله!!
ولكم أن تتخيلوا أي مستقبل ينتظر هؤلاء الطلبة؟
أكيد أن الشاعر أحمد شوقي حينما قال "قم للمعلم وفه التبجيلا..."، لم يكن يقصد هذا النمط من المعلمين!
الغد
تابعو الأردن 24 على google news