إطلاق النار على الناس في الشوارع.. ونظريّة "الأمن الناعم"
حذّر رئيس الجامعة الاردنية، د. اخليف الطراونة، من مغبّة ما وصفه بـ "أكذوبة الأمن الناعم". وأضاف عبر مداخلة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك": "نحن مع الأردن.. ومع الأمن ليس الناعم.. وإلا (..)".
الطراونة أشار في مداخلته إلى تفاقم الجريمة وانتشار الظواهر التي تهدّد أمن الأردن واستقراره، لافتا إلى حادثة وقعت في ساعات الفجر، حيث قام أحد الملثّمين بإطلاق النار من سيّارة "بي ام دبليو" على مركبة أخرى، وكاد أن يقتل صاحبها، وذلك قرب "المواصفات والمقاييس". وتابع الطراونة: "وكان هذا الحادث قد وقع منذ شهر تقريبا في نفس المنطقة، حيث أطلق ملثّمون النار على منزل شقيقتي، وقد تم إبلاغ المركز الأمني المختصّ بالحالتين".
مداخلة الطراونة ابتعدت –على أهميّتها- عن حقيقة وأهداف مفهوم "الأمن الناعم" الذي ابتدعه وزير الداخليّة حسين هزاع المجالي وروّج له، عندما كان يشغل منصب مدير الأمن العام، حيث عمد إلى ابتكار هذا المفهوم لتبرير الفشل الأمني في تطويق الجريمة ومنع انتشارها، محملا مسؤولية هذا الفشل للفعاليات الاحتجاجيّة المطالبة بالإصلاح الشامل، نظرا لـ "اضطرار" الأمن العام لاستخدام ما أسماه بـ "الأمن الناعم".
الأمن هو الأمن.. ولا يوجد أمن ناعم وأمن خشن وأمن وسط !! فكلّ مواطن من حقّه التظاهر سلميّا والتعبير عن رأيه في كل ما يتعلّق بالشأن العام، وواجب الأجهزة الأمنيّة هو حماية المتظاهرين ومنع البلطجيّة من الاعتداء عليهم، وليس كما كانت تتصرّف بعد الجهات التي تستدعي مجموعات البلطجية لمعاونتها في قمع التظاهرات السلميّة !!
أمّا الخارجون عن القانون سواء أكانوا فاسدين أو مجرمين أو عصابات تطلق النار على الناس في الشوارع وتروّع الآمنين، فتنبغي محاسبتهم دون مهادنة، ومن غير المقبول أن يبرّر الأمن تقصيره في التصدي لأمثال هؤلاء بنظريّة "الأمن الناعم" التي ابتدعها المجالي لتأليب الشارع على الحراكيّين، عبر تحميلهم مسؤولية اضطرار الشرطة لاتّباع هذه النظرية الوهميّة.
والمسألة الأكثر خطورة فيما يتعلّق بدفع الجريمة إلى أقصى درجاتها بما يهدّد الأمن والاستقرار الوطني، هي السياسات الرسمية المغامرة، وهو ما حذّرت منه jo24 عبر العديد من المقالات والتحليلات، حيث أن هناك من يقوّض الدولة بسياسات لن تقود سوى لخلق كل مبرّرات انتشار الجريمة والعنف المجتمعي، والنتيجة الطبيعيّة للتنصّل من المسؤوليّة والإصرار على هذه السياسات المغامرة، هي إطلاق النار على الناس في الشوارع !!
...