jo24_banner
jo24_banner

على نفسها وجماعتها ومستقبلها جنت براقش

محمد خضر قرش
جو 24 :

العجلة والتسرع لم تكنا يوما مفيدة لمن يريد إدارة دولة كبيرة لم يسبق له ان امتلك ناصية المراس والمعرفة السياسية والإدارية أو تمتع بخبرة العمل الرسمي بما في ذلك العلاقات الدولية والعامة أو استفاد من تجارب أحزاب مماثلة له سبقته في تبوأ الحكم بعد خروج قادتها من السجون والمعتقلات والعمل السري إلى سدة الرئاسة مباشرة بدون المرور بفترة تأهيل أو تدريب أو تكيف بما في ذلك الاستفادة من الفترة الانتقالية الممتدة بين فترة النجاح في الانتخابات واستلام إدارة الدولة وممارسة الحكم.أو ليس غريبا وشاذا وخارجا عن المألوف ان يقوم الرئيس مرسي الذي انتخب لتوه بفارق نقطة مئوية تقريبا بالتوجه في صبيحة اليوم التالي لإعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية وبدون علم أو تنسيق مسبق مع أي جهة رسمية بزيارة قصور الرئاسة للإطلاع على المكان الذي سيجلس فيه لإدارة الحكم !!. لقد أعطى هذا التصرف المتسرع انطباعا لدى حراس القصور الأمنيين والقائمين على إدارتها وغيرهم مدى عطش وتلهف وجوع هذا الشخص القادم لاستلام إدارة الحكم في الدولة المصرية. فهو لم يتمهل او ينتظر الموعد المحدد والإجراءات البروتوكولية المعهودة بمثل هذه الحالات، فعطشه وتلهفه لإدارة السلطة جعله غير مصدق نفسه بانه بات رئيسا لأكبر دولة عربية محورية في الشرق الأوسط ، من يرأسها من المفترض أن يقود الوطن العربي عمليا. ولم يتوقف التلهف والعطش والتسرع لإستلام الحكم عند حدود الرئيس المنتخب بل امتد لكل أعضاء مكتب الشورى والارشاد وللمرشدين السابق والحالي ولكل فروع الإخوان المسلمين في الوطن العربي دون استثناء.لقد قادهم غرورهم وتسرعهم وتلهفهم إلى الوقوع في أخطاء جسيمة سياسية واقتصادية واجتماعية دفعتهم لإدارة الظهر لكل من انتخبهم ووقف إل جانبهم ودعمهم فأخذتهم العزة بالاثم .فهم باتوا على عجلة من أمرهم ليس لأخونة دولة مصر بجيشها ومؤسساتها فحسب بل لأخونة الدول العربية المجاورة وغيرالمجاورة من الخليج إلى المحيط نكاية على ما يبدو بزعيم القومية العربية جمال عبد الناصر رحمه الله، الذي امتد واتسع تأثيره وسلطانه ليشمل الوطن العربي ككل والعالم الإسلامي ودول عدم الانحياز. ومن المفيد هنا أن اقتطف الأسباب والمبررات التي جعلت من محمد مرسي رئيسا لفئة معينة وليس للمصريين وبالتالي حولته إلى طرف في الخلافات السياسية بدلا من أن يكون حكما نزيها بين الجميع لكي يتم احترامه وبذلك بات طرفا وخصما وليس محايدا مما أضاع هيبته وتأثيره. وهذه المبررات والاسباب لم تأت على لسان أحد من الليبراليين أو العلمانيين أو الناصريين أوالقوميين أو من منافس له في جبهة الانقاذ بل جاءت من قبل عبد الرحمن ابن الشيخ يوسف القرضاوي، والتي لخصها في رسالته إلى والده نشرت على نطاق واسع يقول فيها:"لقد عاهدنا الرجل ، يقصد محمد مرسي، ووعدنا بالتوافق على الدستور، ولم يف، وبالتوافق على الوزارة، ولم يف، وبالمشاركة لا المغالبة في حكم البلاد، ولم يف، وبأن يكون رئيسا لكل المصريين، ولم يف، وأهم من كل ذلك أننا عاهدناه على أن يكون رئيس مصر الثورة، ثم رأيناه في عيد الثورة يقول لجهاز الشرطة – الذي عاهدنا على تطهيره ولم يف أيضا – يقول لهم : "أنتم في القلب من ثورة يناير!!!"، فبأي عهود الله تريدنا أن نبقي عليه ؟ لقد تصالح مع الدولة العميقة، ومع الفلول، ومع رجال أعمال مبارك، ومع كل الشرور الكامنة من العهود البائدة، بل حاول أن يوظفها لحسابه، وأن يستميلها لجماعته، وأعان الظالمين على ظلمهم فسلطهم الله عليه" . ويتابع عبد الرحمن مخاطبا اباه يوسف القرضاوي" لقد قلت لي ولكل جيلنا: أن"الحرية قبل الشريعة" ! بهذه الكلمة كنتُ وما زلتُ من الثائرين الذين يطالبون بالحرية للناس جميعا، بهذه الكلمة كنت في الميدان يوم الخامس والعشرين من يناير2011 ويوم الثلاثين من يونيو 2013 أيضا، ولم أشغل نفسي بالمطالبة بإقامة شرع الله، ولم أر أن من حقي فرض الشريعة على أحد، بل شغلت نفسي بتحريض الناس أن يكونوا أحرارا، فالحرية والشريعة عندي سواء، وهل خلق الله الناس إلا ليكونوا أحرارا ! لقد ناشدتَ يا أبي في فتواك الفريق السيسي وكل الأحزاب والقوى السياسية وكل طلاب الحرية والكرامة والعدل، أن يقفوا وقفة رجل واحد، لنصرة الحق، وإعادة الرئيس مرسي إلى مكانه، ومداومة نصحه، ووضع الخطط المعالجة، والبرامج العملية .." فماذا لو أخبرتك يا والدي أنهم طالما فعلوا ذلك طوال عام كامل ولم يستجب الرجل؟ماذا لو أخبرتك يا والدي مرة أخرى أن من مستشاريه الذين اختارهم بنفسه من نثق بعلمه ودينه وإخلاصه ووطنيته ومع هذا تركوه جميعا بعد أن اكتشفوا حقيقة أنهم ليسوا أكثر من ديكور ديمقراطي لاستبداد جديد، فلم يكن الرجل يسمع لأحد سوى جماعته ومرشده الذين لم يكونوا له يوما ناصحين أمناء ولا بطانة خير، وإنما أعانوه على ما لم يُصلح في مصر دينا ولا دنيا، ودفعوه إلى مواجهة الشعب بالجماعة لتبرير وتمرير قراراته المنفردة، مما أدى إلى دم كثير، وفتنة في الأرض، وما على هذا بايعه المصريون والثوار. ويضيف ابن الشيخ القرضاوي في رسالته قوله "ماذا لو أخبرتك يا والدي أنني قد فعلت ذلك بنفسي فما كان من الرئيس وأهله وعشيرته إلا أن صعروا لنا الخدود"!! .ويتابع ابن الشيخ القرضاوي " لم نر رجال دولة على قدر المسؤولية، بل رأينا مجموعة من الطامعين في الاستحواذ مهما كان الثمن .لقد كنا نتمنى جميعا لو أكمل الرئيس مدته، وأن تنجح أول تجربة لرئيس مدني منتخب، ولكنه أصر على إسقاط شرعيته بنفسه، وذلك بانقياده لمن يحركه، وبتبعيته لمن لا شرعية لهم ولا بيعة ولا ميثاق، ثم هم الآن يبتزون أتباعهم ورموزهم عاطفيا لكي يقعوا في هذا الشرك بدعوى حماية الشرعية والشريعة ! لقد تعامل الإخوان المسلمين مع رئاسة الجمهورية على أنها شعبة من شعب الجماعة، ونحن ندفع وسندفع ثمن ذلك جميعا دما وأحقادا بين أبناء الوطن الواحد ! إن كل كلمة كتبتها يا والدي أحترمها، وأعلم حسن نواياك فيها، ولكن تحفظي أنها لم تكن رأيا سياسيا يحتمل الصواب والخطأ، رأيا يكتبه "المواطن" يوسف القرضاوي ابن القرية والكتّاب، بل كانت فتوى شرعية يفتي بها إمام الوسطية "الشيخ" يوسف القرضاوي، وهو ما أذهلني وأربكني وآلمني .لقد آن لهذه الأمة أن تخوض الصعب، وأن ترسم الحدود بين ما هو ديني، وما هو سياسي، لكي نعرف متى يتحدث الفقهاء، ومتى يتحدث السياسيون !(انتهى الاقتباس ) بهذه العبارات والجمل القوية الواضحة وضوح شمس تموز القائظة رد عبد الرحمن القرضاوي على فتوى والده بضرورة دعم عودة مرسي إلى سدة الرئاسة .وعلينا ان نقف امامها طويلا فقد شهد شاهد من اهله. وللامانة أيضا فقد تطرق كل من نائب المرشد السابق محمد حبيب وعضوي مكتب الارشاد السابقين كمال الهلباوي وعبد المنعم ابو الفتوح المرشح السابق للرئاسة المصرية ايضا، لنفس المعنى والمضمون في اكثر من مقال وتصريح .وليس من باب المصادفة ايضا ان يتفقوا هؤلاء جميعا مع ما كتبه أحمد السكري نائب المرشد الأول حسن البناعام 1947 حينما قدم استقالته وغادر حركة الإخوان المسلمين.فالاسباب هي هي لم تتغير منذ نحو 66 عاما مما يؤكد ليس فقط صحتها وإنما استمرار المنهج الإستئثاري وعدم الثقة بالاخرين الذي تتبعه حركة الاخوان.فشعب مصر العظيم حينما ذهب إلى صناديق الاقتراع وانتخب مرسي بأغلبية نحو 1% كان يريد أن يراه رئيسا لكل المصريين ويخاطب كل التجمعات وليس تجمعات الأخوان فحسب. شعب مصر كان يريد رئيسا يجمع ولا يفرق رئيسا يعمل على توحيد المواقف الداخلية والعربية ووقف الانحدار نحو الهاوية .شعب مصر كان يريد رئيسا يؤمن بالعروبة وبالقومية العربية وليس عضوا في جماعة وقف مرشدها السابق محمد عاكف وبكل وقاحة ليقول "طز في مصر" فبالنسبة إليه هي ليست اكثر من عربة في قطار الاخوان المسلمين المكون من 22 قاطرة. فمرسي ينتمي إلى جماعة تؤمن وتمارس بان الديمقراطية ليست اكثرمن مجرد قبقاب يستخدمه المسلم عند الوضوء فحسب. كان المصريون والعرب ينتظرون من مرسي ان يعمل على تجميع الاقطار العربية المنقسمة والمشتتة ولاءاتها بين أميركا والغرب من جهة وإسرائيل من جهة أخرى .كان المصريون والعرب يتوقعون منه أن يبدأ بالتحرك لوضع حد للقتال المستعر في سوريا من خلال اللجنة الرباعية المشكلة من تركيا وإيران والسعودية ومصر فوجدناه مقابل هذا يعلن في تجمع شعبي في وسط القاهرة بقطع علاقة مصر بسوريا ويدعم ويشجع المتمردين ورجال القاعدة على تدمير سوريا واطالة امد الحرب الأهلية في عاصمة الخلافة الثانية ويسهل لهم دخول سوريا للقيام بالتفجيرات الانتحارية. كان المصريون والعرب ينتظرون بفارغ الصبر خطط واستراتيجية مرسي لمواجهة الانزلاق والانحدار نحو الطائفية والمذهبية ، لكننا وجدناه يذكي نار الفتنة المذهبية والطائفية ويحرض عليه وخاصة بين أقباط مصر ومسلميها .كان المصريون والعرب تواقون لتوحيد المواقف إزاء الغطرسة والتمادي الإسرائيلي في الوطن العربي وخاصة تهويد اولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشرفين ،فوجدناه يبعث برسالة ودية جدا إلى الرئيس الإسرائيلي بيرس بمناسبة قيام كيانه، لم يفعلهامن قبل حسني مبارك كما وجدناه يدير الظهر لفلسطين كليا وينسى انها محتلة وانها خط الدفاع الاول عن مصر وبوابتها نحو الشرق العربي كله. كان المصريون والعرب يتطلعون إلى حماية الأمن القومي العربي سواء فيما يخص موارده النفطية والمائية وموقعه الاستراتيجي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا نجده يسكت ويدير الظهر كليا عن القواعد الاميركية في قطر وغيرها .كان المصريون والعرب يرغبون باعادة مصر للعب دورها المركزي في منطقة الشرق الاوسط وان تكون قاعدة للتضامن العربي ومحاربة التغلغل الاستعماري الجديد الذي يطل بوجهه عبر وسائل واساليب وطرق شتى ،فوجدناه معنيا بحركة الاخوان المسلمين فقط وتقوية نفوذها وأخونة دولة مصر والدول العربية وبذلك تحولت مصر من قاعدة للنضال العربي إلى قاعدة لتعزيز دور الأخوان المسلمين. فلم تعد القومية العربية تعني له اي شيء . كان المصريون والعرب ينتظرون من مرسي أن يبدأ في تغيير خارطة الانتماءات والتوجهات والتحالفات العربية من أميركا والغرب الاستعماري إلى اقامة علاقات متوازنة مع بقية دول العالم وخاصة الصين الشعبية وروسيا الاتحادية بغرض خلق توازن في العلاقات الدولية لصالح القضايا القومية فرأيناه يقيم أفضل العلاقات مع أميركا والغرب وحتى إسرائيل.الشعب المصري حينما ذهب إلى صناديق الاقتراع وانتخب مرسي باغلبية نحو 1% رئيسا لم يكن يدر في خلده انه انه سيكون هو نفسه مرؤسا من قبل المرشد ونائبه وكان ينفد تعليماتهما ولا يقيم وزنا لمؤسسات الدولة المصرية.لقد خلط مرسي بين الدين والفتوى الشرعية.ففي حين أن الرأي السياسي يحتمل الخطأ والصواب لكن الفتوى الشرعية المستمدة من الدين الحنيف من المفترض ان لا تتعارض مع نصوص الدين وبهذا فقد مزج الاخوان المسلمين وخلطوا الفقه والشريعة بامور الدنيا وبالنتيجة بات الفقيه يمارس السياسة بكل ما فيها من عدم الصدق والمراوغة والكذب والانتهازية.فلم يعد هناك فاصلا بين الفقيه الديني الشرعي وبين السياسي. لذا فحينما يتدخل المرشد ورجال الدين في السياسة وإدارة الحكم فعليهم أن يتوقعوا معارضة القوى السياسية والحزبية لهم . فهم غير محصنين من الزلل أو الخطأ ومن الطبيعي ان نختلف مع ما يقولون ويصرحون ويعلنون من مواقفهم السياسية والحزبية،مما يجعلهم في مواجهة دائمة مع قوى الشعب والرأي العام .لم تستفد حركة الاخوان من تجارب غيرها في العديد من الدول فوقعت في المحظور والشرك كان عليها ان تتمهل في أخونة الدولة وتنصيب نفسها زعيمة للعالمين العربي والاسلامي. لقد جنت على نفسها وجماعتها ومستقبلها براقش وهي تستحق مصيرها الذي بلغته ووصلت إليه. كان بامكان براقش ان تنجو بنفسها واهلها وتتريث بنباحها حتى تختفي مطاردة الخصوم لها ولأهلها ،لكنها نبحت في التوقيت الخطأ والمكان الغلط وبالكلام والتصريحات المستفزة لعموم الشعب. لقد سمع الخصوم صوتها وانكشفت نياتها وظهر ما كانت تخفيه من أمر جماعتها مما أدى إلى مواجهتها وسقوطها بالضربة شبه القاضية. وبهذا قضت براقش بتسرعها في النباح على مستقبل جماعتها وليس على نفسها فحسب. 

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير