jo24_banner
jo24_banner

تعالوا إلى الحوار

د.لؤي بواعنة
جو 24 :


لقد ابتليت الانظمة العربية في العقد المنصرم بما عرف بالربيع العربي، فعبر البعض ونجا، ودمر البعض وعانى وما زال يعاني من ويلات التشريد والتهجير والدمار والقتل وسفك الدماء، وانعدام الوحدة الوطنية بين أبنائها وتلاشيها ، والشواهد ماثلة حتى الآن وللأسف. وبفضل الله ومنه تمكنا في الأردن بحكمة قيادتنا السياسية ووعي شعبنا ونخبنا السياسية والثقافية والقبيلة من عبور الازمة وتحاشيها رغم المعاناة التي كانت تمر بها البلاد من أوضاع اقتصادية وسياسة صعبة للغاية. هذا الشعب الذي عشق الاردن وترابه بحكم محبته له، وهذه القيادة التي تحملت الكثير من التحديات السياسية، هذه القيادة التي عرفت طوال عهودها منذ عهد الحسين بقبول المعارضة السياسية في اوج فتراتها التاريخية في خمسينات القرن المنصرم. والتعامل معها بكل حكمة رغم قسوة ظروف تلك المرحلة. فاحتوتها رغم اجندتها الخارجية واهدافها المعلنة وغير المعلنة ، بل على العكس جعلت بعضا منها في اعمدة حكم الدولة، فكانت قيادة حكيمة لا تعرف لسفك الدماء بابا او عنوانا. كانت ولا زالت، ونحن في هذه الظروف الصعبة اعتقد اننا بحاجة لخطوة محسوبة كهذه لنعبر من كل أزماتنا الساسية والاقتصادية بامن وسلام ، فنحن دولة نظاما وشعبا كنا وما زلنا مضرب الأمثال في الدبلوماسية والحنكة والالتفاف والحب والولاء شعبا وقيادة، فهل بتنا في مرحلة أحوج لذلك الالتفاف من كلينا.

انها الأردن التي ولدت في خضم ورحم المحن دائما، وابدا منذ نشاتها هذه الدولة الأردنية التي ارهقتها الازمات وجعلتها في كل مرة الاقوى والانجع على تحمل الآلام والصعاب والتحديات، سواء الاقتصادية ام السياسية،. والصحيح ان وطننا الغالي يمر بظروف اقتصادية سياسية صعبه بل ومعقدة سواء على المستوى الخارجي ام الداخلي نتيجة عوامل عديدة بعض متعلق بالاقليم ومخططات إسرائيل وبعضها الاخر متعلق بجائحة كورونا وانتقادات للحكومة ونهجها في إدارة الدولة. وجاءت حادثة السلط والظروف السياسية الداخلية الأخرى في ظل حظر شامل وقوانين دفاع تزيد من الاعباء على البعض ارهاقا اقتصاديا ومعنويا ، وفي ظل اعلام خارجي تحريضي مما يعرف ببعض الأصوات المعارضة في الخارج بحشدها الشارع الأردني ومحاولة تازيمة ضد ممارسات الحكومة واخطاءها وفساده، بل وتتجاوز ذلك محاولة التشكيك بقيادته السياسية والتحريض بطريقة قاسية لم نعتد عليها في بعض الأحيان، وزاد الأمر سوء بخلاف المثقفين والمواطنين وأصحاب الوجة النظر المختلفة حيال الوطن ومؤسسات ومقدراته.ومسؤوليه ونهجهم وسياستها، فكان الاختلاف بين مدافع ومقدرا لظروفها وبين معارض لنهج الحكومات واخطائها وعثراتها والتصيد لها في كل صغيرة وكبيرة. ، فانعدمت الثقة والحوار بين الجهتين فإما ان يكون في صف الموالاة والتاييد والحرص على امنها واستقرارها وأما في صف المعارضة وأما بينهما . كل ذلك شجع على زيادة الاحتقان السياسي الداخلي،. نتيجة اعتقالات هنا وهناك وممارسات حكومية غير مدروسة أيضا.. وفساد هنا وهناك. ولكني أرى من وجهة نظري الشخصية أنه يجب أن تبقى الدولة( اما) (وحضنا) للجميع، من يؤيدها ويقدر ظروفها، وتحدياتها وازماتها وتربص إسرائيل لها، وان هناك خطأ في التوقيت لمحاسبتها الان. وهناك من يعارض، ومن يرمي لإصلاح الدولة اما خوفا على بلاده او نكاية ببعض شخوصها، باشارته ان الحاجة ماسة للإصلاح وان الصبر قد نفذ .. وياتي التوقيت أيضا في آذار شهر البطولات والانتصارات على كل التحديات فهل ينجب اذارا خيرا جديدا للأردن وأهلها ..بفتح جميع القنوات على بعضها والتغلب على ازماتها واختلافاتها.

ارى انه لابد لهذه الدولة الراسخة ، بعقلائها وراشديها وحكمائها من احتضان الجميع، ومحاورتهم بالحسنى والحجة (مبادرة من الدولة، تعالوا إلى كلمة سواء ) كل في سربه، فالحوار البناء الهادف في أمور مقبولة ومنطقية افضل بكثير من صم الاذنين، وإغلاق باب الحوار، فالديمقراطية من مرتكزاتها الحوار، والحوار كما يقول جلالة الملك في ورقته الأولى جوهر الديمقراطية ومن ورقته اقتبس قولة :.".إن الاختلاف لا يؤشر على وجود خلل وليس شكلا لانعدام الولاء، بل ان الاختلاف المستند إلى الاحترام هو دافع للحوار، والحوار فيما بين الاراء المختلفة هو جوهر الديمقراطية.. والمبادرة للتنازل وصولا إلى حلول توافقية هي فضيلة ترفع من شان من يتحلى بها... "..

انها دعوة لتخفيف الوطاة وتقزيم لغة التخوين والتصعيد والسقوف العالية وغير العالية الني يتبناها البعض في آذار، فبدلا من الجلوس في الشوارع على أصوات الهتافات والهروات والانتقادات التي قد تخرج عن مسارها ربما، فليجلس الجميع بين جنبات الدولة الام الحاني لنا جميعا يتبادروا الأفكار والحلول والأخذ والشد لنبي وطنا بالحب والانتماء والتضحية لا بالتخوين وجلد الذات، والتشكيك، فنهدم بذلك وحدتنا الوطنية التي ضحينا بالكثير حتى بنيناها.. ولا نعرف اي طريق سنسلك، ومن سيركب الموجة من بعدها، انه الحوار مع جميع الأطراف وانها الدولة ام الجميع، التي تربينا في احضانها وترعرعنا فيها في مدارسها وجامعاتها، وناضل فيها الاباء والهاشميين يدا بيد، وقفوا فيها سدا منيعا في وجه إسرائيل وغيرها، ولا ضير ان نتلطف بها وتتطلف بنا في ظل رؤى عاقلة سديدة.
تابعو الأردن 24 على google news