حكومة تفلس مبكرا!
حديث رئيس الحكومة المروّع عن الإقتصاد- على وجاهته- يفقد قيمته لأنه جاء في سياق تحضير الرأي العام لموجه من رفع الأسعار ستثقل كاهل المواطن.
مشكلة الحكومة مزدوجة فهي تريد حل عجز الموازنة وارتفاع المديونية من جيب المواطن في حين يعتقد المواطن أن بإمكان الحكومة حل مشكلة العجز عن طريق محاربة الفساد واسترجاع الأموال المسلوبة بطرق شتى، فهناك انطباع- لا اعرف مدى دقته- بأن حجم الأموال المسلوبة والمنهوبة كافية لسد العجز في الموازنة.
عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على معالجة ملفات الفساد خوفا من دخول عش الدبابير فاقم من أزمة الثقة بين الحكومة والشعب، وساهم في ذلك قيام مجلس النواب المدجّن والباحث عن مصالح اعضائه بمعالجة مشوهة لملفات الفساد ما اعطى انطباعا بأن المجلس بيّض ملفات الفساد، وهنا يتساءل المواطن عن جدوى تحميله كلفة السياسات الاقتصادية الفاشلة في ظل عدم وجود ممثلين حقيقيين له وفي ظل اغلاق ملفات الفساد؟!
لغاية الآن تفشل الحكومة في اقناع الناس بضرورة رفع الأسعار، ولم ينجح كتابها ومحللوها الاقتصاديون- الذين يتهمون المعارضين لرفع الأسعار بالتزلف للشارع- في تغيير المزاج العام الرافض لرفع الأسعار. والحقيقة ان الموقف من الحكومة ليس وليد اللحظة الحالية وإنما يأتي بعد أن حذر كتاب وطنيون من السياسات الاقتصادية الفاشلة منذ أن وصل لسدة الحكم طغمة من الليبراليين الجدد أسسوا لما نمر به الآن. وربما هنا علينا أن نتذكر ان التزلف والنفاق للحكومات وكيل المديح لسياستها الفاشلة ساهم أيضا في خلق فجوة ثقة بين الشعب والحكومات وكرس الخلل وسرع من نمو العجز الى معدلات غير مسبوقة.
دخل على الأردن أموال طائلة في سنوات حرب بوش على الارهاب، ولكن المنح والعطايا والمساعدات أنفقت بشكل سيئ ولم ينفع عندها التحذير من مغبة عدم توظيف المساعدات بشكل ملائم. وبعد أن ضربت الأزمة المالية في عام ٢٠٠٨ خرج السياسيون الذين تسببوا بالأزمة الاقتصادية الطاحنة من الباب الخلفي بعد أن لفظهم الشعب ولم تجر محاسبتهم ، وعلى العكس فقد تمت مكافأة بعضهم، أهناك استخفاف بالشعب أكثر من هذا؟!
نحن نمر بلا شك بأسوأ أزمة، فمعدلات البطالة تخطت حاجز ٢٠٪ وفق الاحصاءات غير الرسمية وأعداد كبيرة من الناس أصبحت تحت خط الفقر، وقدرة الدولة على توفير ٦٠ ألف فرصة عمل سنويا في موضع شك كبير، وارتفاع المديونية لمستوى العشرين مليار دولار يهدد استقرار الدولة وارتفاع العجز بالموازنة بهذا الشكل يطرح تساؤلات كبيرة حول أهلية الحكومات ومجالس النوب في قيادة دفة البلد.
وعود على بدء، نقول يخفق فايز الطروانة وفريقه الاقتصادي في اجتراج حلول خلاقة للأزمة الإقتصادية والمالية، ولم يجد غير تحميل المواطن عبء المرحلة، والشارع لا يحتمل المزيد من الأعباء المالية بعد أن تقلصت الطبقة الوسطى وازدادت الفجوة بين الغني والفقير وتلاشت قدرة العائلات العادية على توفير جزء من متطلبات الحياة اليومية.
وكما توقعنا، فإن الحكومة التي لا يؤمن رئيسها بالاصلاح والتي تحافظ على فريق اقتصادي غير فعال وفريق في السياسة الخارجية يخفق في جلب المساعدات (١٨ مليون دينار هذا العام على حسب ما أفاد به رئيس الوزراء) ستصطدم بشارع غاضب لسان حاله يقول "يا ربي غوثك.”