jo24_banner
jo24_banner

الأقصى ينزف دما ...والعرب ينتظرون سلاما من إسرائيل

د.لؤي بواعنة
جو 24 :
 إلى هذا الحد وصلت الاستهانة والذل بالعرب والمسلمين.. !!! أجيب خجلا وحزنا عن الجميع نعم إلى هذا الحد. إذ لم يكن أمرا مستهجنا هذا الموقف المتخاذل على الصعيد العربي والإسلامي الرسمي (وليس الشعبي) ، لان ما وصل اليه العرب من ضعف وانقسام وتخاذل ومن ارتباطات مشينة ربما ومعاهدات مكبلة لهم ولقواهم المختلفة وتحييد لشعوبهم والاستهتار بارائهم ومواقفهم، كان نتيجة حتمية لموقفهم الحالي هذا، وربما اقل بقليل ،.والسؤال الذي يطرح نفسه هل هذا أقصى ما نملكه نحن كأمة في ظل هذه الاعتداء الغاشم ضد المقادسة والمصلين وضد اخواننا في العقيدة والعروبة في حي الشيخ جراح بالقدس _ والذي وصفته الامم المتحدة بأنه جريمة حرب_ الاكتفاء فقط بالشجب والاستنكار والادانة ليس إلا ؟ اي ذل واي عار وهوان هذا للعرب والمسلمين... صحيح ان المقادسة رجالا ومرابطين بمعنى الرباط الحقيقي للكلمة، وان الله معهم لأنهم يدافعون عن الإسلام وعن أرض مباركة، وعن أولى القبلتين، لكن هذا لا ينفي انهم بحاجة لدعم سياسي ودبلوماسية ومعنوي وان انتفت إمكانية الدعم العسكري لاعتبارات عديدة . وهذا لا يعني أيضا انهم ليسو بحاجة لدعم عربي واسلامي و إقليمي ودولي لوقف غطرسة الكيان الصهيوني واستقوائه على الشيوخ والأطفال والنساء والعزل المجردين من السلاح ومحاربتهم في دينهم قبل استقرارهم وحقهم في العيش بامن وسلام على أرضهم...

ما أود قوله قبل الحديث عن الموقف العربي والإسلامي المتخاذل، والمامول منهم بهذه الحالة الاستثنائية الآن ، التأكيد على عدد من الحقائق. الحقيقة الأولى: هي أن المقادسة بحاجة إلى ردة فعل حقيقة مؤثرة ومدوية ومزلزلة ، بل إلى ردة فعل أقوى بكثير لشعورهم بوجودنا وأنهم ليسو وحدهم ومعم مما هي عليه الحال الآن ، اما الحقيقة الثانية وهي أن العرب مكبلين باتقاقيات مقيدة لهم عن أي محاولة لرد عسكري او حتى هجوم اعلامي دولي صارخ وشديد اللهجة يصل لحد المحاسبة والمقاطعة.. ربما بحكم اتفاقيات الصداقة والتعاون في جميع المجالات ، والحقيقة الثالثة: وهي أن ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة شئنا أم أبينا ، لكن اقل ما يمكن أن يكون عليه ردة الفعل تجاه القدس والمقادسة بأن يتم التصعيد الدبلوماسي وخاصة من الدول العربية والإسلامية بأدوات اكثر تأثيرها وقوة وحزما مما هي عليه الآن من شجب واستنكار لاجبار إسرائيل عن التوقف عن غطرستها، ولتدرك هذه الدولة الاستعمارية المغتصبة أن هناك شعبا عربيا وسلاميا حيا او ما زال حيا، يدافع عن مقدساته وعرضه وليس عن الفلسطينيين وحدهم، ان أرادوا ذلك ، لأن البعض قزم مسألة القدس وجعلها قطرية اي فلسطينية متناسيا قوله تعالى في سورة الإسراء " سبحن الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصا الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا إنه هو السميع البصير "... لأن الاستنكار والشجب لن يثني إسرائيل عما هي عليه قيد انمله. ولن يثنيها عن مخططها.

السؤال الذي يطرح نفسه لكل القوى العربية المستكينة التي تنفق المليارات على على الأسلحة والدعم من أجل التدخل في دول هنا وهناك لمصالح وغايات لاقيمة لها ، وحتى تلك الدول التي لا تنفق وقادرة على اتخاذ مواقف مشرفة بحكم القدرة والاهمية والتاريخ المشرف ، هل انتم راضون عما وصل اليه الحال لمقدساتكم؟ . هل تعتقدون انكم بعلاقاتكم مع أمريكا والغرب وإسرائيل قادرون على صون عروشكم، اعتقد ان الجواب لا، وأن القادم اسوء إن بقيتم على حالكم وضعفكم وخذلانكم ، وعندما ترفضكم شعوبكم، ستكون أمريكا وإسرائيل من اوائل الدول التي ستتخلى عنكم، ولهذا عليكم تسجيل مواقف مشرفة أمام الله أولا وشعوبكم ثانية قبل فوات الأوان. لأن العروش غير دائمة، فهي للاقوي. لو كنتم اقوياء لهرول الغرب والمحتل لتوقيع اتفاقات معكم، ولكن العكس هو الصحيح ضعفكم جعلكم تطلبون اتفاقيات مع الغرب للحفاظ على مكتسبات آنية، وللهروب من استحقاقاتكم العروبية والإسلامية عن مقدساتكم.. فهل انتم راضون عما يحدث، اخاطب ضمائركم قبل أن اخاطب عقولكم واستراتيجياتكم، ومقوماتكم واستعداداتكم

لم يكن حال المسلمين في العصور الوسطى بأفضل حال مما هي عليه الآن. فالمسلمون طوال عهودهم يتعرضون الازمات والنكبات في عقيدتهم ومقدساتهم، والقدس تحديدا فهي موضع صراع الحضارات والاديان . فقد كانوا قبيل الغزو الصليبي وفي العهد العباسي تحديدا أثناء التنافس السلجوقي_ الفاطمي منقسمين متخاذلين متخاصمون،، فاندفع الغرب بدوافع دينية صليبية وسياسية بتسيير حملته الصليبية للشرق واخترق الاناضول فالشام حتى احتل بيت المقدس عام ١٠٩٩م وسفك الدماء في شوارع بيت المقدس وقتل ما يزيد عن سبعين ألفا.. فما كان من المسلمين الا ان استنفروا دولة الخلافة في بغداد لنجدتها ، اذا سار وفد يمثل أهل الشام والقدس بقيادة قاضي دمشق ابو سعد الهروي لينبيء ديوان الخليفة المستظهر ببغداد بسقوط القدس، وقابل الخليفة وبين له بشاعة جرائم الفرنج (فاورد في الديوان كلاما أبكى العيون واوجع القلوب ).. ثم صرخ القاضي ايا سعد في المسجد الجامع بغداد لعله يستثير إخوته ويشعرهم بالعار لعلهم يتنبهون وكان ذلك في شهر الصيام واخذ ياكل علانية مع أن الناس في شهر رمضان وما هي إلا ثوان حتى اجتمع الناس حوله واقترب جماعة من الجند لاعتقاله، بيد أن ابا سعد نهص يسأل بهدوء من يحيطون به كيف يمكن أن يظهروا مثل هذا الاضطراب حيال إفطار في شهر الصيام في حين يبدون لا مبالاة تامة حيال ذبح آلاف المسلمين وتدمير المقدسات الإسلامية وإذ اكره الجمهور على الصمت فقد اخذ يصف بالتفصيل ما دهم بلاد الشام، ولا سيما القدس من مصائب، ويعلق ابن الاثير على ذلك بقول "وبكوا (اي اللاجئين ) وابكوا" وتركهم الهروي واخذ يجوب الشوارع والقصور يحمل أنباء الفضيحة وهو يصرخ قائلا ".أرى أن دعائم الدين قد وهت وضعفت". وفي هذا يعلق الكاتب الشهير أمين معلوف صاحب كتاب الحروب الصليبية كما رآها العرب، على هذه الاستغاثة بقوله "ويبدو أن لاجيء القدس الذين عقدوا عليه جميع آمالهم قد نسوا أن سلطته لا تمارس خارج قصره، وأن السياسة تضجره على كل حال ". اترون ما كان رد الخليفة العباسي، لم يكن رده على قدر الحدث بل كان ردا ضعيفا للغاية، إذ اكتفى بتسيير وفد يضم عددا من قضاة بغداد واعيانها للوقوف على أمر سقوط بيت المقدس، والتحقيق مما ارتكبه الفرنج، في حين ترى مصادر أخرى انه أمرهم بالسير لتحريض الملوك على الجهاد. لكن الوفد عاد لبغداد يحمل اذيال الخيبة بعد أن وصل لمسامعه حدوث مصاب جلل لبغداد، وهكذا انتهى دور الخليفة رمز المسلمين ووقائدهم عند هذا الحد.... بسبب ضعف مؤسسة الخلافة والقائمين عليها.. وعلى الرغم انه وريث تاريخ مجيد. الا أن هذا العصر الذهبي قد ولى منذ زمن طويل. وعلى الرغم من ضعف مؤسسة الخلافة ببغداد فقد ارسلت النجدات بعد حين،، وأن لم تكن من الخليفة بل من السلطان السلجوقي ولكنها لم تستطع استرجاع بيت المقدس لضعفها وانقسامها حتى قيض الله لهذه الأمة عماد الدين زنكي وولده نور الدين، وصلاح الدين الأيوبي.. الذي نجح بلملة جراح الأمة وتوحيدها حتى قهر الغرب واستعاد بيت المقدس وجعلها تسعى ورائه لتوقيع اتفاق صلح معه بعد أن انهكتهم الحروب وادركوا ان استرجاع بيت المقدس أمرا صعبا . فهل ننتظر هبة واستجابة لصرخة المقادسة هذه بمواقف يسجلها التاريخ كما حدث يوم استباحتها من الصليبين، ام ان الخليفة العباسي يوم سقوط القدس ما زال يعيش بيننا ومعنا.. ام اننا سنبقى ننتظر ونحلم بهذا اليوم حينما يقيض الله لهذه الأمة من يرفع رأيتها ويحمى مقدساتها ويلبي صرخة مقدسياتها. هل علينا أن نبقى متشبثين بأن السلام هو الحل،،، اي سلام الكي ننتظره مع شعب عرف ببطشه وغدره للأنبباء قبل العباد، اي سلام وهم مغتصوب للارض، اي سلام ونحن منقسمون،، الا تستثيركم أيها العرب أن الأقصى اماكن إسلامية مقدسة للجميع والدفاع عنها واحب بالمال والنفس،،أم اصبحنا أمة مستباحة.. اعتقد جازما أن كل ذلك يستحق منا التفكير مليا ومجددا لعلنا نستيق من سباتنا وغفلتنا..

وبالرغم من كل التخاذل و المعطيات السابقة فنحن بأمس الحاجة لحشد دولي واممي ضد كل ما تقوم به سلطات الاحتلال من بطش وتهجير وابعاد واقصاء وتهويد للمدينة المقدسة.. وتكاد تكون الأردن في مقدمة الدول المعنية بذلك نظر للدور والاهمية التي تحتلها القدس في قلوبنا وضمائرنا واجندتنا الهاشمية ، وتقوم بهذا ، مع ضرورة رفع سقف تلك الخطابات واللهجات مع دولة كاسرائيل معتمدة على الله أولا وعلى الدعم الشعبي ثانيا وتعاطف الدول الصديقة والمخلصة في العالم التي لا تقبل الظلم ولا الجور مهما علا شانه.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير