2024-05-27 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

السلطة تحتفل بتراجع الحراك السياسي.. ماذا بعد ؟!

السلطة تحتفل بتراجع الحراك السياسي.. ماذا بعد ؟!
جو 24 :

كتب تامر خرمه

هل انتهت اللّعبة وبات الصراع محسوماً لصالح قوى الشد العكسي؟ سؤال يدور ببال من يراقب المشهد الأردني، حيث يسهم تراجع الحراك في فتح شهيّة السلطة لإقحام أظافرها مجدّداً في خبز الناس ومصادرة أمنهم المعيشي.

ولكن.. ألا يعكس تصاعد الاحتجاجات العماليّة في ظلّ تراجع الحراك السياسي النخبوي ملامح المرحلة المقبلة، التي لن يجدي فيها التمسّك بلعبة إدارة الأزمة والإبقاء على القضايا الجوهريّة قيد الإهمال على الرفّ ؟! خاصّة بعد قيام التحالف الطبقي المهيمن على قوت الناس باستعداء مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، في ظلّ تفاقم أزمته البنيوية إلى أقصى درجاتها، حتّى بات "الإصلاح" الشكلي ضربا من ضروب العبث واللاّجدوى في مواجهة حركة التاريخ.

ربّما لم تنجح السلطة باحتواء "الآخر" كما يحلو لها تسميته، لكنّها نجحت إلى حدٍّ ما بتأجيل لحظة الانفجار حتّى هذه اللحظة. ولكن من السذاجة ترديد ما نسمعه اليوم من أوهام حول تمكّن السلطة من تجاوز رياح التغيير التي عصفت بالمشهد السياسي العربي، أو أنّها تجاوزت ساعة الصفر وحالت دون الانفجار الشعبي، فما هذا الحديث سوى حفل استعراضي مضاد للتوتّر لا ضمانة فيه لتجنّب ما يخفيه الغد.

الحراك الإصلاحي النخبوي لا يخدم في حقيقة الأمر أيّ جهة بقدر ما يخدم السلطة نفسها، التي نجحت في إلى حدّ ما في مماطلة الناس بلعبة المشاغلة السياسيّة، فالإصلاح يشكّل الضمانة الوحيدة لاستمرار هذه السلطة وبقائها مزيدا من الوقت، لكنّ الجموح البرجوازي بلغ نقطة انقلب فيها السحر على الساحر، فتجنيد البرلمان جرّده تماما من الشرعية الشعبيّة، لتجد السلطة نفسها محاطة بمجموعة من المشجّعين الذين احترفوا التزلّف البهلواني لدرجة الاصطدام المباشر مع مطالب الفئات الشعبيّة، والانحراف السياسي الأهوج، الذي قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع في أية لحظة.

في ظلّ هذه الأجواء، ليس من المجدي اللعب بورقة المشاغلة السياسية، حيث لم يعد في الشارع الأردني متسع لمزيد من الأوهام.. وما تراجع الحراك النخبوي إلا مؤشّر على انتهاء مرحلة اللّعب بوعود الإصلاحات الشكليّة، وبدء مرحلة الاحتجاجات الشعبيّة التي لا يعنيها أيّ شكل من أشكال الترقيع السياسي.

بصراحة.. المواطن لا يعنيه كثيرا من هي الجهة أو الحزب السياسي الذي سيشكّل "الكتلة النيابيّة" الأكبر، ولا يعنيه الحديث النظري عن "التمكين السياسي"، بقدر ما تشغله القضايا المطلبيّة التي تطرح نفسها بقوّة لتعيد التأكيد على أولويّتها، باعتبارها الرافعة الحقيقيّة لبلورة الخطاب السياسي الذي من شأنه أن يحظى بالتفاف جماهيري، يمكّنه من نقل مشروعه من اطاره الطوبوي إلى نطاق الإمكانيّة الواقعية.

بين هموم الناس وطموح النخب السياسيّة، قد يكون من المفيد أن نذكّر بأن الشارع الأردني لا يمكن له أن يتحرّك بدافع الشعارات السياسيّة التي تطرحها النخب من حين لآخر، خاصّة في هذا التوقيت الذي يراقب فيه الناس تطوّرات الأوضاع في مصر وسوريّة.. لذا لا بدّ من العودة إلى طرح القضايا المطلبيّة التي تشكّل تاريخيّاً الرافعة الأساسيّة لأيّ مشروع سياسي.

تابعو الأردن 24 على google news