العشائر ليست بديلا عن الدولة
د.لؤي بواعنة
جو 24 :
ان ما حدث ويحدث في بلادي، وما نتج عن تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة مؤخرا، لأمر جلل،و مؤسف أيضا. وضربا للديمقراطية في عقرها دارها، وللاصوات الحرة..ولكني... لن اناقش المصيب والمخطيء في هذه المناكفة البرلمانية او السياسية، فكلاهما قد وقع في الخطأ، المجلس والنائب. الا أن النائب حتى وان مارس دورا رقابيا حقيقيا ودافع عن حقوق الشعب وحريتهم وحاسب الحكومة تحت القبة،فهذا امر مبجل وترفع له القبعات ولكن ليس بالطريقة التي شوهدت واتبعت بين العنف و الضدية، والتصلب في الرأي، فالسياسة خبرة والعمل السياسي بحاجة لسياسة مع كل الأطراف . لكني اليوم ساعقب على الأخطر والادهى وهو نتائج ما حصل، فالمشكلة برايي المتواضع وقعت وتفاقمت بعد أن حول النائب لغة الخطاب والحوار صوب الدولة وضدها وليس مع طرفه الرئيس في الخصام وهو مجلس الشعب فلجا لبث مظلمته للشارع و للشعب وثقة الشعب(دون القنوات الرسمية والقضائية ) ، وهذا ليس عيبا، فله حريته وشانه في ذلك ، فكلنا من الشعب، والشعب مصدر السلطات امر صحيح،،، لكن ليس بهذه الطريقة والنهج التي انتهجها النائب تحت باب ما يسمى حشد العشائر او تجمع العشائر. بقصد تثويرها على الدولة ومناكفتها واسترداد حقوقها منها... وان كان المعلن مؤازرته ومناصرته في مظلمته ووقوفه لجانب الشعب وحقوقه..واسترجاع مقدراته وحرياته..والدفاع عن الاقصى وفلسطين...
كلنا مع العشائر وكلنا أبناء عشائر ونحترم العشائر. إلا أن محاولة اللجوء للعشيرة او للعشائر كبديل لأخذ الحقوق وتحت ضرب السيوف وبهذه الطريقة التي يعتريها لغة التخوين والتهديد والوعيد والتصعيد والخطاب الفوقي وانعدام الثقة والحوار،، وبهدف الإصلاح السياسي (كما يظن البعض) امر مبتور ولن يجدي نفعا البتة ومرفوض اصلا من الجميع، عشائر وغير العشائر ، وفيه من تازيم الشارع الأردني ما لايحمد عقباه بالتأكيد(لا نقول ذلك تزلفا لاحد بل رايا وخوفا على وطننا ) ، وهو امر غير محسوب، وبطريقة غير مدروسة لتصفية حسابات سياسية كان من الممكن حلها ..اعتقد ان ما يتم تحت باب الدعوى للإصلاح بهذا الشكل. ليست دعوة حكيمة. أو أنها جاءت ردة فعل شخصية على ظلم وقع بحق النائب، فاتقم من خصومه السياسين وجعل الدولة خصمه الأول بحجج وذرائع مختلفه وهذا شانه، لكن ليس بهذا الأسلوب والطريقة التي لا تمت للسياسة بصلة لان المتضررين كثر وأولهم الوطن والشعب. والثوابت الوطنية والديمقراطية . .ويبقى السؤال لماذا إدخال العشائر وزجها وضربها مع بعضها ومع الدولة بهدف إصلاح النظام السياسي .. لا أعرف ما الهدف، علما ان المسألة في أصلها قضية سياسية فردية شخصية فلماذا تم تحويلها من مسألة شخصية لمسالة ثنائية شعبية عشائرية سلطوبة.علما اننا لا ننكر الفساد والترهل وسوء إدارة الدولة وغيره . .. ولكن ولأننا في النهاية نعيش في دولة نحبها وهي ملاذنا، تصالحنا ام تعارضنا معها ومع نظامها السياسي، بحاجة للتعامل معها ومع عقدنا الاجتماعي معها، والردة السياسية في هذا الوقت من عمر الدولة امر صعب بهذه الطريقة. خاصة أن طوال عمر الدولة الأردنية وهي تعتمد على العشائر في كثير من أمورها وهم ركن اساسي في بناء الدولة، فلماذا يتصدع البناء والتواصل في هذا الوقت وبهذه الطريقة حتى وان وجد خلل ما. ومع اقرارنا بوجود خلل إلا أننا نعيش في دولة وبظل نظام سياسي والحل لا يكون الا من خلال الدولة وتوافقها مع شعبها بكل مكوناته و لا يكون باللجوء إلى العشيرة اوتجمع العشائر باسم الإصلاح والحرية والدفاع عن فلسطين والجهاد المقدس،( فهذا مشروع تتبناه دول وليس أشخاص او عشائر ولكن من حقها ان تدعم او ان تؤازر) ولا يكون بخلط للأوراق بهذه الطريقة، وأن كانت الرغبة في الإصلاح السياسي موجوده لدى الجميع وكلنا متيقنون من ذلك حتى لدى النائب اسامة ، لكنه أخطأ الركب والأدوات، وغرته لغة الخطاب التي لن تحصد له وللعشائر و للجميع سوى العنف.. والاحتقان والتازيم ليس اكثر. أما الإصلاح فابوابه كثيرة.. لمن أراد حتى وان طال الزمن. فالاوروبيون وخاصة الفرنسيون كابدوا وناضلوا مئات السنين قرابة ال ٣٠٠ سنة حتى بلغوا ما بلغوه من حرية ومساواة. وليس بليلة ويوم...
لسنا راضون كل الرضى عن النهج وما وصلنا اليه من إصلاح سياسي محدود ومجزوء ، وغير فاعل احيانا، لكنا لسنا مع الصدام مع الدولة. مناطقيا وعشائر يا وتفتيت العشائر من أجل انتزاع الإصلاح.. لأننا دولة عمرها مائة عام ويحكمها دستور وميثاق وطني، وأن اعتراه خلل، ولكننا لسنا مع استبدال العشيرة بالدولة رغم كل الظروف، حتى لو كانت الدولة قاصرة في بعض جوانيها، فالقصور يحل بطرق عديدة وليس بإغلاق الطرق واستخدام العشيرة كوعاء سياسي ومفتاح سحري للإصلاح، والخطابات السياسية المتعددة الرؤى والاهداف، والمتضاربة احيانا والغير متقاطعة مع بعضها،،، والمعروفة والغير معروفة والشعارات والدعوات القبيلة الضيقة احيانا ،واستخدام التحريض ضد الدولة والنظام باسم الحرية والتحرر من العبودية وغيرها، وليس بتحالف عشائر مع أخرى دون سواها فكلنا اردنيون . فالاصلاح لا يكون بالتلويح بالقوة بتجمع العشائر العاتبة على الدولة لقصورها في الإصلاح السياسي، فالعشائر خلقت لتبني دولة لا لتساهم بهذه الطريقة لهدم دولة وتمزيق دولة.. فالخاسر هو الوطن والشعب، والنتيجة صدام غير مضمون النتائج.
الزج بالعشيرة بهدف الإصلاح.. غير منطقي وغير مبرر. نهائيا . الدول الرائدة في الديمقراطية لم تعرف معنى العشيرة فيما وصلت اليه .من ديمقراطية زحىيات وحقوق ولكنها ناضلت من خلال مفكرين و سياسيين وحزبيين واحزاب وهذا امر مباح وايجابي وصحي . ولكن لم تكن من خلال العشيرة واصواتها وحدها. فالإصلاح السياسي بحاجة لفكر سياسي يقوم على جملة مباديء للإصلاح السياسي كالعدالة والمساواة والمواطنة والتسامح السياسي والتمسك بالوحدة الوطنية والثواب الوطنية .وغيرها . من خلال تطويرها والتدرج فيها.. والعشيرة جزء مهم في هذه العملية السياسية إلى جانب الاحزاب لعدم نضوج الحزبية في بلادنا. أما ان تقنعني ان العشيرة بمفردها ورغما عن الدولة وفي مقابلها ستقود اصلاحا سياسيا فهذا امر مستبعد، ومن يعتقد ذلك فهو وأهم. وما يحصل اليوم ما هو إلا دعوة للثورة فقط باسم العشيرة تحت باب الحرية والإصلاح. كلنا ايمان وانا في مقدمتهم ان العشيرة مكون اجتماعي وسياسي مهم بل وركن اساسي قد يمثل وبقوة بمبادرة او مؤتمر شعبي وطني ولكن بمظلة الدولة. والدولة قادرة على احتواء العشائر بالاصلاح السياسي من جهتها. أيضا . ، اما ان تقود العشيرة وتتزعم اصلاحا سياسيا بمفردها رغما عن الدولة فهذا انتحار سياسي وليس اصلاح سياسي..
ودعواتي الأخيرة لكل المتعطشين و المشجعين والمحفزين والمباركين للصدام بين النائب أسامة والدولة او بين العشائر والدولة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي او غيره أن يترووا ويتريثوا قليلا ويفكروا مليا بمستقبل الأردن و الأردنيين ولا يركضوا فوق سرابا ونهجا لم نعتده ولا نحبه لأننا جميعا خاسرون....