حل الدولتين.. ولد ميتا
محمود يوسف أبوعرقوب
جو 24 :
في هذا المقال المقتضب يحاول كاتب هذا المقال وضع النقاط على الحروف لمعرفة سببية فشل حل الدولتين المقترح من قبل المجتمع الدولي والدول العربية منذ عقود طويلة بالرغم من الكم الهائل من اللقاءات والمؤتمرات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية وبالرغم من التنازلات التي قدمها النظام العربي الرسمي بالإتفاق مع السلطة الفلسطينية إلا أن الحل ما زال يترنح في مكانه ، بل إن القضية برمتها أمست عبء ثقيل على الجميع ويحاول الجميع التخلص منه بأي طريقة .
وحقيقة الترنح بسبب التعنت الصهيوني ورفضه لكل المقترحات العربية ولا أدري على ماذا يراهن النظام العربي حتى هذه اللحظة ويصر على طرح هذه المسألة من خلال سلام عادل شامل على أساس حل الدولتين وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام ، والواقع الحالي لا يبشر بخير مهما كانت التغيرات السياسية في الولايات المتحدة الامريكية فهذه الدولة ما زالت تنظر للقضية من العين الصهيونية فقط ولا يمكن بأي حال من الأحوال المضي في تغيير النهج بل تزداد ضراوة وحدة ، بل وصل الأمر لطرح مبدأ جديد لطالما حذرنا منه وهو السلام مقبال الاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية وهذا يترتب عليه مسائل عديدة وقضايا خلافية جوهرية إذا ماحصلت فلن تكون إلا لمصلحة الصهاينة والخاسر هو العربي الفلسطيني.
إن هذه الرؤية بحل الدولتين قد ولد ميتا ليس لفرض الصهاينة الأمر الواقع من خلال زيادة الاستيطان في مناطق الضفة الغربية وليس بسبب اعلان القدس عاصمة لهم ونقل السفارات الأجنبية فيها بل إن الأمر أكثر تعقيدا ؛ فهذا الحل ولد ميتا بالأساس ولا يمكن تكوين دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة لها حدودها واتصالها الجغرافي والإداري ولها قراراتها المستقلة .
وبالرغم من كل هذه الاجراءات الصهيونية والدعم العالمي لهم إلا أن التساؤلات ما زالت محيرة في والإجابات عليها مقلقة فعلى ماذا يراهن النظام العربي الرسمي ؟! هل هو مجرد الأمل الكاذب ؟ّ! هل هي مجرد فقاعات اعلامية وهمية لترويض الشعوب العربية لتبقى تحت السيطرة ؟! أم هي مجرد ذر الرماد في العيون حتي تكتمل الخطة العالمية ويصبح الفلسطيني تحت الأمر الواقع باستحالة تكوين دولة لهم في ظل الواقع الحالي المتمثل بزيادة الاستيطان ومحاولة تهويد القدس والاٌقصى وتقسم المقسم ؟!
ماذا لو خرج علينا النظام العربي الرسمي ليقول لشعوبهم لا حل ولا سلام كما نريد ، السلام والحل المقبول من قبل الصهاينة هو الحل الذي يتماشى مع مصالحم ؟! ما هي النتائج المترتبة على هذا الخبر ؟!
حقيقة الأمر ، كاتب هذا المقال عنده الجواب ، ولكنه يترك المساحة واسعة لمن أراد الجواب وإبداء الرأي فهذه حرية تثري الفكر .
وها قد بينا موضوع حل الدوليتن ولكن لماذا وصفناه كونه وُلِدَ ميتاً ؟!
لعل هناك أسباب عميقة متجذرة في العمق الصهيوني واليهودي في كافة المستويات اليسار واليمين والوسط فكل منهم لا يستطيع الخروج من عنق الزجاجة والكل مرتبط بمعتقدات وضوابط لا يمكن لهم تجاوزها ومن يحاول ذلك يقتل كما حدث في رابين .
في هذا المقال نسلط الضوء على الأسباب التي أدت بألاصل لكتابة شهادة الوفاة على حل الدولتين قبل أن يطرح للعلن وهذه الأسباب منه الداخلي ومنه الخارجي من المنظور الصهيوني فقط وليس المنظور العربي الإسلامي .
الاول : الأسباب الداخلية
إن التيارات المسيطرة منذ وقت طويل على الساحة السياسية في الكيان الصهيوني هي التيارات الدينية الصهوينية المتطرفة وكذلك التيارات الدينية الأرثوذكسية الحريدية بشكل غير مباشر ؛ وتختلف اختلافا جوهريا مع التيارات العلمانية الصهونية من حيث النظرة لطبيعة الدولة العبرية وقضايا القدس والأقصى والأرض المقدسة والأغيار (( غير اليهود )) والاستيطان ......
* التيارات الدينية الأرثوذكسية والصهيونية تعتبر أن الاستيطان وتهويد القدس والأقصى وقتل العرب وطردهم من أراضيهم واجب ديني بل فرض يعادل جميع الفروض الدينية اليهودية ومن هذا المنطلق الفكري العقدي المنحرف المتعصب فلا يمكن بأي حال من الأحوال ثني الأحزاب والتيارات الصهيونية العلمانية عن التنازل عن شبر واحد من الأرض ، ومن منطلق آخر فأي تيار علماني لا يمكن له النجاح إلا بالتحالف مع اليهود المتطرفيين . ويتملقون لهم ويسعون جاهدين لتحقيق غياتهم من أجل الحفاظ على مكتسباتهم .
* تلك التيارات تسيطر على التعليم وخاصة التعليم الديني وبهذا التعليم يتم تنشئة النشئ الجديد على معتقدات اليهود التوراتية والتلمودية المتعصبة لهم والحاقدة على كل ما هو عربي وهذه المدارس أثمرت جهودها بإيصال رسالتهم للساسة والعسكر بأن حل الدوليتن مرفوض عقائديا وواقعيا .
* جميع تلك التيارات تستند إلى حاخاماتهم والذين يسيطرون على الشعب اليهودي ويؤثرون بشكل مباشر وغير مباشر بسياسات الدولة .
* هناك نظرة ثاقبة لدى اليهود وهو التعداد السكاني الذي يؤرق مضاجعهم فعدد العرب يتزايد بينما عدد اليهود يقل ومع مرور الزمن قد يصبح اليهود أقلية وهذا ما يستدعي عدد من الاجراءات الضروروية منها
اعلان يهودية الدولة مما يترتب عليه تهجير العرب أو العيش كحيوانات تخدمهم أو الدخول في الدين اليهودي . ومنها اعلان الدستور بحدود معينة وهذا يعني ترسيم الحدود بطريقة مختلفة على حساب الأرض العربية ........
ثانيا : الأسباب الخارجية
إن التحالف الصهيوني المسيحي (( الأنجلو صهيوني )) المتواجد على الأرض الأمريكية والذي تتقاطع معتقداية ومصالحه بشكل كبير مع التيارات الدينية الصهونية يؤثر بشكل كبير وواضح وقد يكون هذا التأثيرأكبر من تأثير التيارات الداخلية والذي يقف عقبة في وجه أي حل ينصف الفلسطنيين والذي كذلك يدفع دائما نحو المزيد من القتل والاستيطان وتهجير الفلسطنيين وتهويد القدس والأقصى .
لعلنا نكتفي بهذا القدر من البحث باعتبار أن البحث المعروض هو مقال وليس دراسة بحثية أو كتاب ، ومن هنا يتبين لنا حقيقة أن حل الدولتين لن يتحقق قط ولن يتحقق السلام الحقيقي وهذه كلها ترهات وفقاعات توجه دائما للرأي الشعبي فقط .
أخيراً ، هذا المقال لم يكن موجها للرأي السياسي الرسمي بسبب فقدنا الثقة به ومعرفتنا المسبقة بحقيقة الأوضاع ، ولكنه موجه للرأي العام الشعبي الذي ما زلنا نراهن على وعيه الثقافي والفكري والعقدي بما يخص القضية المركزية الاولى لدي المسملين وخاصة العرب وأخص من ذلك الفلسطينين أنفسهم في ظل سلطة فلسطينية رهنت نفسها للتنسق الأمني بما يخدم المصالح الصهيونية وفي ظل التخاذل العربي الرسمي الحقيقي في نصرة القضية الفلسطينية .