تساؤلات على مبدأ الحرية
محمود يوسف أبوعرقوب
جو 24 :
يقدم صاحب هذا المقال نمط من التساؤلات البحثية ليس كونه لا يجد إجابات عليها ، بقدر محاولة لبث روح الأمل والتفاؤل في نفوس القارئين له وفيه محاولة منه لتوسع الآفاق المعرفية والفكرية والمساهمة الجماعية في إثراء الثقافة العربية الإسلامية في نفوسهم لعل يخرج من أصلابنا من يصحح مسار التاريخ مجددا .
الحرية هو المصطلح المقيد بأغلال الغرب تارة وتارة أخرى بأغلال السلطة ، وهو المصطلح المظلوم التائه بمزاجية السلطة وهو المصطلح الذي يعاني من معايير الإزدواجية الغربية وهو الذي أضحى مجرد حروف لا توحي بقيمته وفضله ومكانته وحقيقته ، هذا الذي جاء به الغرب مفصلاً مقيداً حسب رغباتهم وأهوائهم ومصالحهم .
إذا لابد لنا من تصحيح مسار هذا الغلط والخطأ وتصحيح مسار الحرية ليكون كما أراده الله تعالى لخلقه حرية مضبوطة مسؤولة لا تفرق بين غني وفقير ، بين حاكم ومحكوم ، بين سلطان ورعية ، حرية لها حدودها وأُطرها تتماشي و فطرية الخلق ، فالإنسان محدود في حواسه ومحدود في تفكيره مهما وصل من تفكير فلن يخرج من ضمن الأُطر والحدود المرسومة له.
كيف نفهم الحرية ؟ وكيف نحدد أبعادها ؟ وما الفرق بين الحرية المضبوطة المسؤولة وبين الإنحلال ؟- الذي هو في حقيقته حرية بدون ضوابط - ، وما مقدار التشابه بين الحرية والإباحة ؟ ما الفرق بين الحرية المضبوطة والمسؤولة وبين الإباحية ؟ هل الحرية مفهوم شامل متكامل علمي تطبيقي على كافة مناحي الحياة ؟ أم هناك أُطر تقيد الحرية تضبط التعامل مع الإنسان نفسه ومع الإنسان بغيره من جنسه وتضبط التعامل ما بين الإنسان وخالقه ؟ ما الفرق بين الضبط بأُطر محددة وما بين التقييد ؟.
ما مجالات الحرية ؟ وما الأبعاد التطبيقة لها ؟ ما الأثر المادي والنفسي والمعنوي لهذا المبدأ العظيم ؟ من هو القادرعلى تحديد هذه الضوابط وأين مصدرها ومن أين نستمدها ؟
لماذا علينا كمجتمع عربي مسلم أن نتقبل مبدأ الحرية الغربي بجميع أطيافه العلمانية واللبرالية والإشتراكية والقومية الشيوعية والإلحادية ؟ لماذا ينبغي على المسلم ترك هذا المبدأ القيم لأهواءِ من عرف بعدائه لنا ؟ هل من المعقول استيراد كل البضاعة الغربية ونحاول لبسها بالرغم من كون مقاساتها وشكلها ومحتواها لا يتوافق مع الهوية العربية الإسلامية ؟ بل يحاول البعض إعادة تدويرها بما يظهر مناسبتها لنا وهي في حقيقتها غير مناسبة ؟
لماذا لا نقدم مبدأ الحرية من المنظور الفكري الإسلامي الصافي الصحيح السليم الوسطي المعتدل المستخلص من الجذور الصافية ؟ لماذا لا نحاول فقط محاولة ولو لمرة واحدة أن نخرج من العباءة الغربية ليس لِنُكون شخصيتنا المستقلة بل لإعادة هويتنا الحقيقية والتي تشكل شخصيتنا الفريدة وتُكوِنُ مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة ؟
أوليست رسالة الإسلام عالمية خالدة جاءت مصححة لما قبلها من انحرافات عقدية وفكرية وسلوكية ؟ أوليس الإسلام شامل كامل مصدره إلهي رباني ؟ فإذا كان الجواب ببلا ، أو يعقل أن لا نجد حلا لتصحيح مسار الحرية كمبدأ ومفهوم وتطبيق عملي يحفظ التوازن على هذه الأرض ؟.