معاهدة ام قيس للأردنيين الوطنيين عنوان شرفا وكرامة
د.لؤي بواعنة
جو 24 :
في مثل يوم البارحة في الثاني من ايلول قبل اكثر من مائة عام كان الاردنيون في الشمال من شيوخ وزعماء على موعد لوضع النقاط على الحروف، لبناء، اردن حقيقي عروبي مبني على العز والشرف والكرامة للجميع..كانوا على موعد مع حكومة عربية جديدة....في الثاني من ايلول جاء مندوب المندوب السامي البريطاني سمر ست ملبيا دعوة شيوخ شمال الاردن ليلتقي بهم لتحديد شكل العلاقة بين هذا الكيان السياسي القديم الجديد وهؤلاء الاهالي في شمال الاردن و وبربطانيا.... واتت اهمية هذا اللقاء حتى اطلق عليه معاهدة لانها كانت بين طرفين.. اراد فيها الاهالي شروطا معينة لحكومتهم الجديدة.
اراد أهالي قضاء عجلون وممثلي شمال الأردن في مؤتمر (معاهدة ام قيس ) شكلا محددا للعلاقة السياسية، بينهم وبين بريطانيا اوصلوها من خلال المندوب السامي. ارادوا استقلالية حقيقية و جيشا وطنيا وادارة محلية.. بوجود امير عربي فوق ذلك كله..في ام قيس قبل زعماء عجلون ووافقوا على تشكيل حكومة عربية جديدة ووطنية مستقلة مركبة تضم لوائي الكرك والسلط وعجلون وجرش ويضم اليهم لواء حوران وقضاء القنيطرة.. وقضائي وصور ومرجعيون من بعدها.. وهذا عنوان دولة وعروبة واستقلال وكرامة ليس للاردنين وحدهم بل لسوريا أيضا.
في مدينة ام قيس المطلة على طبريا حيث كان صلاح الدين على موعد مع هزيمة الفرنج الصىليبين ويلقنهم درسا في الوطنية والاستراتيجية... جاء سمر ست ليلتقي بالزعماء الحقيقين امثال علي خلقي الشرايري، ومحمد الحمود الخصاونة، وتركي الكايد العبيدات ، وناجي العزام، وسعد العلي البطاينة وسليمان السودي الروسان، وعبد الرحمن رشيدات، وناجي العزام ومصطفى حجازي ،ونجيب فركوح وصالح القاسم الملكاوي.. وغيرهم... التقى بهم سمر ست لكنه لم يعجبه اللقاء لانه لم يرى اشخاص يبحثون عن جاه ووجاهه وسلطة ومشيخة،بل رأى اردنيين يحبون بلادهم ويدافعون عن همومها.. لم يعجبه اللقاء بهم لأنه راى زعماء اصحاب فكر ومباديء عروبية وامنيات بدولة مستلقة لها كيان حقيقي يعبر عن الاهالي ورغباتهم الوطنية . فهم زعماء بحبهم وتضحياتهم وخلفهم احلامهم السياسية بين الوحدة والدفاع عن فلسطين وتقديم الاردن ارضا وشعبا .يبدو ان ذلك الضابط البريطاني رأى شيئا لم يتوقعه في هذه الفترة، فقد راى مطالب أهلية تعبر عن ذلك الشعب، لا اؤلئك الشيوخ فقط وتعبر عن قلبهم النابض بحب فلسطين عندما طالبوه بوقف الهجرة والمهاجرة الصهاينة لفلسطين. عندما طالبوه بتحديد شكل العلاقة معها، رافصين انفتاح اليهود على فلسطين ومنعا لشراء الاراضي بفلسطين.. فقد طلبوا الا يكون لهذه الحكومة أدنى علاقة بحكومة فلسطين، وذلك حبا لها وخوفا عليها من الصهاينة...
.
من يعتقد ان الوعي السياسي عند الأردنيين في ظل اؤلئك القامات الوطنية كان ضعيفا فهو جاهل بالأردن واهله، فقد كانوا اكثر وعيا من سياسي اليوم بآلاف المرات. فقد طالبوا بعدم محاكمة اللاجئين السياسيين وعدم ملاحقتهم لمواقفهم من المستعمر الفرنسي والبريطاني، وطالبوا بحرية التجارة، واخذ جزءا من حقهم من أموال الجمارك ووطالبوا بحكومة يكون لها مجلس عام لوحدة البلاد وسن القوانين وادارة الشؤون الداخلية وتنظيم الميزانية بمعنى آخر إنهم اردنيون طالبوا ب اردن للاردنيين تضمن حقوقهم وحرياتهم وامنهم وكرامتهم ومستقبلهم ببلد لهم بامكانياتها وثرواتها وقابلة للوحدة مع غيرها .إن كل ذلك يعبر عن مدى وطنيتهم ووعيهم السياسي وقدراتهم الإدارية الفذة. إن تلك الشخصيات بتلك الافكار والرؤى لدليل دامغ على ما يتمتع به الأردنيون من انتماء لبلادهم وعروبتهم ودليل على قدراتهم السياسة والادارية الفذه وما كانوا يتمتعون به من ذكاء وقدرات على المراوغة السياسية وجدية في المطالب التي تعبر عن الشارع الحقيقي لاؤلئك الأهالي الذين وضعوا ثقتهم باؤلئك الزعماء الذي يصعب على التاريج أن ينجب امثالهم...
..
من حق كل أردني واردنية ان يفاخر بتلك الهامات والقامات الشامخة التي ذهبت لبارئها بعد ان تركت ارثا وتاريخا وطنيا شريفا نظيفا معبرا عن هويته الوطنية الاردنية والتي من الصعوبة بمكان اخفاءها من الذاكرة الاردنية ،حتى وان حاول المستعمر مسحها ، فلن تمحى من ذاكرة الابناء والاحفاد الذين سيبقون على العهد دائما اوفياء للأردن مهما كانت المغريات والاثمان، وسيبقون ينادون بعروبة فلسطين والقدس سدا منيعا في وجه كل صهيوني لعين او متصهين.. وفاء لثرى تراب ام قيس ووطنية شيوخ عجلون وزعمائها وقراها وكل من لامست يداه الشريفتين وثيقتها دفاعا عن الاردن وفلسطين. .