jo24_banner
jo24_banner

الأردن الرسمي "يتبوّأ" موقعه بين موسكو وواشنطن.. وعلى غدنا السّلام !!

الأردن الرسمي يتبوّأ موقعه بين موسكو وواشنطن.. وعلى غدنا السّلام !!
جو 24 :

كتب تامر خرمه-

الأردن الرسمي لم يقدم على أيّة مناورة سياسيّة تجنّبه تنفيذ رغبة واشنطن التي عبّر عنها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي، باتّخاذ عمّان مكانا لعقد اجتماعه برؤساء هيئات الأركان السعودية والقطريّة والتركية والبريطانيّة والفرنسيّة والألمانيّة والإيطاليّة والكنديّة، في ظلّ أجواء تنذر بقرع طبول الحرب على دمشق من العاصمة الأردنيّة !!

وفي ظلّ حرب التصريحات التي يخوضها ورثة الاتحاد السوفياتي ضدّ "الفايكنغ" و"اليانكيز"، تنطّح الرسميّون الأردنيّون للانخراط في هذه المعركة، حيث سبق اجتماع قادة الجيوش في عمّان تصريحات لرئيس الوزراء الأردني د. عبدالله النسور يمهّد فيها لما نشهده اليوم، عبر الترويج لاحتمال نشوب "حرب كيميائيّة" يتوقّعها الأردن !!

رسالة النسور لدمشق لا تحتمل الكثير من التأويل، فالرجل كان واضحا عبر تلك التصريحات التي حاول فيها تبرير زجّ الأردن في الحرب المحتملة على سوريّة، فقد افترض أن دمشق تهدّد عمّان بعد أن زاره صديقه الخيالي في الدوّار الرابع وحذّره من استنشاق "السيرين"، فما كان من الرجل العنيد إلا أن تبوّأ موقعه بين بوتين وأوباما ليعلن أن الأردن "يتوقّع"، وما هي إلا بضعة أيّام حتّى توافد قادة جيوش العالم للاجتماع في عمّان !!

المسألة لم تقف عند هذا الحدّ، بل تناقلت وسائل الإعلام "الاسرائيلية"، مجدّدا أنباء تؤكد موافقة الأردن على السماح لـ "إسرائيل" بتوجيه ضربة عسكرية ضد سورية عبر أجوائه، فيما قالت صحيفة ‘لو فيغارو’ الفرنسية أن الأردن فتح ممرّين جويين للطائرات "الإسرائيلية"، فوق صحراء النقب، وشمال عمان، ما يتيح للطائرات التي تنطلق من قاعدة قرب تل أبيب وصولا سريعا إلى سورية، دون الاضطرار لمواجهة مضادّات حزب الله في الجنوب اللبناني.

لا ندري كيف يفسّر صنّاع القرار مفهوم المصلحة الوطنيّة، الذي شوّهوا ترجمته بإقحام الأردن في معركة لا تتناقض مع المصلحة العربيّة المشتركة والأمن القومي العربي فحسب، بل إن انعكاساتها ستكون كارثيّة على الأردن بشكل خاص، فيما لو تقرّر إعلان الحرب على سوريّة.

من الصعب أن نجزم ما إذا كانت دمشق ستنتصر في هذه المعركة التي تساندها فيها موسكو وطهران، أو أن واشنطن ستقرّر تجاوز معركة التصريحات إلى ضربة عسكريّة، ففي كلتا الحالتين، وبصرف النظر عن الطرف الذي سيخرج منتصراً، فإن عمّان ستدفع ثمن تدخّلها غاليا، ولكن يبدو -ومع الأسف- أن الرضوخ الأعمى لكافّة الاملاءات الخارجيّة، دون الإقدام على أيّة مناورة للخروج بأقلّ الخسائر، بات هو المنطلق الوحيد لكافّة القرارات والتوجّهات الأردنيّة الرسميّة.

صحيح أن المرحلة المقبلة باتت مفتوحة على كلّ الاحتمالات، ولكن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يتمّ التوصّل لاتّفاق روسي أمريكي حول 'صفقة' تنهي صراع "الغاز والجغرافيا" الدائر في سوريّة، ولكن بعد توجيه ضربة خاطفة تمهّد لإعادة ترتيب بنية النظام السوري بما يضمن "أمن اسرائيل" قبل أيّ شيء آخر.. وهنا يمكن للرسميّين تخيّل الثمن الذي سيدفعه الأردن بسبب قرارات مغامرة، تناسى صنّاعها أن المسافة بين عمّان ودمشق أقرب من تلك المسافة التي تفصل عمّان عن العقبة.

قبل أقلّ من سنة، غرقت عمان ومعظم المدن الأردنيّة جرّاء تعكّر مزاج الطقس، فلم نصمد أمام بضعة مليمترات من الأمطار، وما أن قرّرت الحالة الجويّة "التصعيد" وباغتتنا بالثلوج، حتى أعلنّا حالة الطوارئ، التي فشلنا طبعا في مواجهتها.. واليوم يبادر صنّاع القرار إلى زجّ الأردن في صراع بين موسكو وواشنطن، ولا ندري كيف تمكّنت المخيّلة الرسميّة من إدراك كلفة هذه المغامرة !!

تابعو الأردن 24 على google news