jo24_banner
jo24_banner

"من أجل حفنة دولارات".. تراجيديا أردنيّة كيميائيّة الهوى !!

من أجل حفنة دولارات.. تراجيديا أردنيّة كيميائيّة الهوى !!
جو 24 :

كتب تامر خرمه-

وزير الخارجيّة السوري، وليد المعلم، أكّد خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم أمس الثلاثاء أنّه "لايوجد في ذهن النظام أيّ عمل عسكري ضد الأردن"، مشدّدا في ذات السياق على أن أمن سورية هو من أمن الأردن.

ودعا المعلّم السلطة الأردنيّة إلى عدم الرضوخ للضغوط الخليجيّة التي تستهدف زجّ الأردن في معركة ضدّ سوريّة، حيث عبّر الرجل عن الموقف السوري بكلّ دبلوماسيّة، مستندا إلى العلاقة التاريخيّة التي تربط البلدين الشقيقين.

الردّ الأردني -ورغم أنّه لم يكن مباشرا- جاء مناقضا تماما لهذه الدبلوماسيّة، ولا يمكن تفسيره إلاّ بأن صنّاع القرار يعتزمون المضي في تنفيذ املاءات الرياض، وليس واشنطن فحسب، بكامل حذافيرها، ودون أن يكون للأردن أيّة مصلحة في ذلك.

خطورة الموقف يعكسها ما تناقلته وسائل إعلام من أنباء -نأمل ألا تثبت صحّتها- حول قيام الملك بإقالة أربعة ضبّاط من كبار معاوني رئيس الأركان، إثر معارضتهم لتوريط الأردن في الأزمة السورية. كما جاء ما يمكن اعتباره ردّا رسميّاً على مؤتمر المعلّم عبر التصريحات الغريبة التي أطلقها وزير الداخليّة، حسين هزاع المجالي، الرجل الذي يمكن اعتباره حبيب القصر المدلّل في هذه المرحلة.

المجالي قال في تصريحاته غير المبرّرة: "كلّنا نرتدي البزّة العسكريّة وندافع عن الوطن"، وأن "أفراد القوّات والأجهزة الأمنيّة نذروا أرواحهم للوطن"، ولا ندري ما هو الذي يهدّد الوطن وأمن الوطن أكثر من ذلك التهديد الذي تصرّ عليه السعوديّة تحديداً، عبر ضغوطاتها المستمرّة على الأردن لتوريطه فيما لا تحمد عقباه.

ومجدّدا، لا يمكن تفسير ما يصدر من تصريحات غريبة عن المسؤولين في هذا البلد، سوى بمازوشيّة الرضوخ لرغبات "الخارج"، أو بوجود صديق خياليّ دأب على زيارة صنّاع القرار منذ إصابتهم بذلك الهوس، الذي قد يدفعهم قسراً إلى طلب استنشاق "السيرين" للتخلّص من فوبيا "الكيماوي" !!

ولكن المصيبة أن يكون سلوك السلطة -الذي تجاوز في غرابته كلّ أعراض الاضطرابات السلوكيّة- ناتج عن نزعة "كلينت إيستووديّة" استحوذت على الساسة لدرجة تدفعهم إلى فعل أيّ شيء "من أجل حفنة دولارات".

أمّا المضحك المبكي في هذا الصدد، أن المليارات التي تتوقّعها السلطة من منظومة النفط ثمنا لتدخّلها في الشأن السوري ستقفز عن عمّان كعادتها، فالأردن الرسمي أبدع في الرضوخ المجّاني للرغبات الخليجيّة، بل وسخّر قوّاته وأجهزته الأمنيّة لخدمة تلك الأنظمة، عبر قمع الاحتجاجات الشعبيّة في البحرين وغيرها.

وحتى إن نال جلاوزة السياسة الأردنيّة حفنة من الدولارات النفطيّة، فإنّها لن تساوي الثمن الذي سيدفعه الأردن جرّاء تنفيذ رغبات القوى الإقليميّة والدوليّة والعمل على تحقيق مصالحها في سوريّة، ولكن يبدو أن الانصياع للاملاءات الخارجيّة بات يحتلّ الأولويّة لدى صنّاع القرار، على حساب المصلحة الوطنيّة العليا.

والغريب أنّه رغم التصريحات التي تكرّرت في الآونة الأخيرة لتعبّر عن تفاقم القلق الرسمي ونوبات الذعر من "الكيماوي السوري"، لم تترجمها أيّة إجراءات عمليّة على أرض الواقع، فلم تقم السلطات مثلا بتوزيع أقنعة الغاز على المناطق الحدوديّة، ما يؤكّد أن مثل هذه التصريحات هي محض رسائل ينقلها الأردن الرسمي لدمشق بناء على يمليه العم سام أو أثرياء الصحراء، ولكن دون أخذ مصلحة وأولويّات الشعب الأردني بعين الاعتبار.

وفي النهاية، ومع أن النظام الأردني أبعد ما يكون عن تقبّل النصيحة أو حتّى سماعها، قد يكون من المفيد التذكير بأنّ السيناريو الأكثر ترجيحا فيما يتعلّق بالضربة العسكريّة المحتملة ضدّ سوريّة، يتلخّص بتنفيذ عمليّة موضعيّة محدودة الزمن والمساحة، ولكنّ لا أحد يمكنه ضمان بقاء المعركة ضمن حدودها الزمانيّة والمكانيّة، خاصّة وأن توريط الأردن في هذه المعركة من شأنه أن يفتح الباب واسعاً على كافّة الاحتمالات.. ولكن يبدو أن هناك من يصرّ على إقحام شعبه في مساحة الموت !!

تابعو الأردن 24 على google news