عن النهج التطبيعي التأزيمي لحكومة بشر الخصاونة.. من يدفع فاتورة هذا العبث ؟!!
باسل العكور
جو 24 :
لا اعرف لماذا استهل رئيس الوزراء بشر هاني الخصاونة مداخلته في جلسة مجلس النواب الاخيرة التي تم فيها مناقشة اعلان النوايا الذي وقعته الحكومة مع الكيان الصهيوني المحتل بالقول : " لا احد يزاود على الاردن ، و احنا الاردن "، واعادها مرارا وتكرارا ، وتشبث بها ، رغم الجلبة التي اثارها استخدام هذه اللغة الاتهامية تحت القبة ، ما دفع رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي لتذكير زملائه بنزق شديد واصطفاف واضح مع الرئيس ، بان الخصاونة هو رئيس حكومة المملكة الاردنية الهاشمية و يحق له ان يتحدث !!!
النواب انتقدوا نهج الحكومة التطبيعي المدان ، ولا نظن ان هذا يتضمن مزايدة على الاردن .. النواب اعلنوا رفضهم توقيع اعلان المبادئ مع الكيان المحتل ، و وضع عدد كبير منهم صيغا بديلة ، و وضح بعضهم دلالات وابعاد ربط اقتصادنا بالعدو والاعتماد عليه كمصدر للمياه والطاقة وغيرها ، وحاول عدد اخر تذكير الحكومة بنضالات الاباء وتضحياتهم دفاعا عن الوطن و فلسطين ، و لا نعتقد بانهم بذلك ، يزاودون على احد او يشككون بمواقف الاردن تجاه القضية الفلسطينية ، ثم من قال ان الحكومة هي الاردن ؟ هل يضمر هؤلاء (..) هذه القناعة فعلا ، ويتصرفون على اساسها، ونحن نعتقد بان الوطن للجميع ، ونحن شركاء في المغرم والمغنم ؟!!
مواقف الاردن المساندة للاشقاء الفلسطينيين ، ودعمه الكامل للقضية ، ونضالات شعبنا وجيشنا ، وشهدائنا ، لم تكن موضع نقاش في تلك الجلسة العاصفة ، رغم انها كانت دافع الكثيرين لمعارضة توقيع اعلان المبادئ ، ولذلك لم نعرف لماذا بنى بشر الخصاونة مقاربته ورده مستخدما هذه الالية الاتهامية التخوينية المشيطنة ، هذه القوالب الجاهزة ، التي لا علاقة لها بالنقاش الدائر .. من زايد على دور الاردن و من شكك بمواقفه ونضالات شعبه ؟!! هل بات انتقاد الحكومة اليوم يدخل في باب المزايدة على الاردن ، وذلك على اعتبار ان الحكومة هي الاردن ، والاردن هي الحكومة ،والبقية الباقية عبارة عن مكونات هامشية لها دورها الوظيفي وعليها السمع والطاعة ؟!!
واضح ان الرئيس بشر يتقن حرف النقاش عن مواضعه ، وتغيير مساراته ، و تشتيت وجهته ، و يحترف المناكفة والشخصنة ، و يظن انه قادر -في كل مرة - على تحمل الكلفة السياسية لهذا العبث والخفة ، معتمدا على دعم الملك ومساندته المطلقة ،بصرف النظر عن فداحة الخطأ ، وهزالة الحجة ، وحجم الاستياء و الغضب الذي اخذت ناره تزداد ضراوة و تأكل في طريقها كل ثابت ومتحرك ، حتى انها اقتربت من ثوب السلطة ..
الخصاونة اكد في مداخلته ان مشروع الماء مقابل الكهرباء هو من بنات افكار هذه الحكومة ، بمعنى انه يتحمل شخصيا و جميع اعضاء الفريق الوزاري بالتضامن ، المسؤولية الادبية والاخلاقية والتاريخية لهذه الخطوة التطبيعية التفريطية التي سترهن دولتنا واقتصادنا بكيان محتل توسعي عنصري متطرف ، كيان لم يحترم تعهداته معنا ، ولا مع الاشقاء الفلسطينيين ، ويستمر بصفة يومية في تدنيس الاقصى وانتهاك حرمة المقدسات التي تخضع للوصاية والاشراف والرعاية الاردنية ، ويستمر قادته اليمينيين في الترويج للخيار الاردني ، و الدفع باتجاه صفقة القرن التي ستحل ازمة الاحتلال على حساب الشعبين الاردني والفلسطيني ..
بشر هاني الخصاونة قال بانه يفخر بتاريخ ونضالات الاباء النظيف و الشريف والعفيف والمستقيم والوطني ، الا ان ذلك كله يبدو انه لا يمنع هذه الحكومة من ربط دولتنا اقتصاديا بكيان محتل مسكون بخرافات توراتية ، كانت سببا في احتلالهم لفلسطين ، و ستكون هذه الخرافات ذاتها دافعا لهم للهيمنة على المنطقة برمتها اقتصاديا و سياسيا وربما عسكريا فيما بعد ، عبر الامساك بعصب الدول ومقومات بقائها ..
الخصاونة قال بان حكومته لم تتستر على اعلان المبادئ ، الذي ظل طي الكتمان طوال الاشهر الخمسة التي قال الخصاونة بانها العمر الزمني لهذا المشروع ، الذي لم يكن ضمن استراتيجية المياه بعيدة المدى ، هذا الاتفاق الذي كنا اول من نشره قبل اسابيع نقلا عن وسائل اعلام عبرية ..
ويبقى ان نقول ان رفض التطبيع ليس مزاودة على احد ، انما هو مبدأ وقيمة واعتقاد ..