jo24_banner
jo24_banner

الاردنيون والاردنيات في مواجهة مشروع استلاب السلطات والاستحواذ عليها

باسل العكور
جو 24 :
 


لا نعرف لماذا يقتصر السجال حول التعديلات الدستورية على تلك المادة  المتعلقة باضافة الاردنيات الى نص المادة السادسة من الدستور  ، متجاوزين التعديلات الكارثية الاخرى التي اذا ما  جرى اقرارها  فان ذلك يعني  ان النظام السياسي في بلادنا  قد تغير برمته  او انقلب على نفسه  و ارتد عن مبادئه الاساسية  ، وتحولنا من النظام النيابي الملكي الى نظام ملكي يقترب من نموذج الملكيات المطلقة ،التي لم يعد لها وجود البتة .

ولاننا  مفتونون  بنظرية المؤامرة ، هذه النظرية التي كانت دائما ملجأ الكثيرين - في هذا الجزء المبتلى من العالم  - لتفسير ما يحدث وقراءة واستشراف ما سيأتي ، فاننا لا نظن ان  هذا الضخ الاعلامي ، وتلك الموجة الهادرة على شبكات التواصل الاجتماعي ،جاءتا بشكل عفوي وغير موجه ، فكل الطرق تؤدي الى روما  .. ان حرف السجال وتوجيهه الوجهة التي يرضون بات واحدة من اهم اسلحة "السيستم" الذي تبين انه يريد ان ينقض على سلطة الشعب وشرعيته .. 

ان تغذية الانقسام الافقي العامودي بين مكونات المجتمع الاردني ، كان ولا يزال احد اهم الادوات التي تستخدم في المنعطفات الحادة ، واليوم يجري توظيف هذه الاداة التقليدية  لتحقيق التحول الكبير ، والوصول الى الحلقة الاخيرة من حلقات التضييق والخنق ، وسحب البساط بالكامل من تحت اقدام المكونين معا ، وتركيز السلطة بيد  الملك الذي  سيعين  لوحده ودون تنسيب من الحكومة كل هؤلاء معا   : رئيس الحكومة والوزراء ومجلس الاعيان وقائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الامن العام ومفتي المملكة ، رئيس الديوان و وزير البلاط ومستشاريه وقاضي القضاة  ورئيس المجلس القضائي الشرعي و  قضاة المحكمة الدستورية والمجلس القضائي ومجلس الامن الوطني  وووووووالقائمة تطول وتطول الى ما لا نهاية ..

لا يجوز ان ننشغل في الفروع وننسى اصل الاختلال ،   ليس مقبولا  ان تنطلي علينا هذه المكيدة ، و هذا التضليل ومحاولات تشتيت انتباه الجمهور والهائهم ،  القضية ليست مقتصرة على اضافة الاردنيات على نص المادة السادسة الموضوع اعمق واخطر من ذلك بكثير .. 

الحكومة قد تتراجع - وارجح ذلك - عن اقرار هذا النص تحت وطأة الاحتجاجات عليه ، فهو ليس مهما بالنسبة لها على الاطلاق ، ولكنها لن تتراجع بهذا المستوى المحتمل من الاحتجاجات على النصوص الدستورية الاخرى ، التي يراد  منها ان يجري الاستحواذ على جميع الادوار والصلاحيات خارج دائرة المساءلة والمحاسبة الشعبية ، و بذلك يجري التنازل كليا عن القاعدة الدستورية الاساسية في الانظمة الديمقراطية جميعا ، وهي:  ان الشعب هو مصدر السلطات .. 

واذا ما اردنا ان نذهب بعيدا في الارتكاء على نظرية المؤامرة ،بعد ان تكشفت الغاية من عمليات الاصلاح الوهمية التي انطلقت ، وتفتقت عبقرية  جهابذتها عن هذه التعديلات الكارثية ، فان سياسات الافقار والاضعاف والترويع والتفسيخ والتفتيت وتقليم القمم النامية ومحاصرة الاعلام المستقل ، التي مارستها السلطة طوال السنوات السابقة ، كان هدفها النهائي هو الوصول الى مناخ متصالح ومتساهل مع فكرة تنازل الشعب عن سلطته دون مقاومة ، وقبوله باستحقاقات دولية قادمة لها علاقة باشكال جديدة من الاستلاب و الارتهان و الاحتلال للعقل و الارض والمقدرات والارادة والمصير .. 


تابعو الأردن 24 على google news