مرحلة تلميع الأحزاب الجديدة
د.لؤي بواعنة
جو 24 :
يبدو أننا دخلنا مرحلة جديدة من مراحل الاصلاح السياسي في الأردن تلي مرحلة اقرار التعديلات الدستورية.ولكنها مرحلة متعجلة وغير آمنه وكأننا بمارثون كل منهم يسابق الآخر في تشكيل الاحزاب وادعاء الأفضلية والتجديد ضاربة بعرض الحائط الاحزاب القديمة بانها فاشلة بإستثناء بعضها ، وكانه هذه الاحزاب الجديدة ستقود البلاد للرفاه الإقتصادي وستعمل على تخفيف المديونية واسترجاع فلسطين العربية عقب نزول حزبها للانتخابات .. متناسين أن الاحزاب القديمة كان فيها العقدي والايدلوجي والقومي، والوطني، كانوا يعملون بالسياسة ويتقنونها ويحبون بلادهم واوطانهم ولا يدعون السبق لكل ما هو حديث ومتطور وما يلبي رغبات الشباب وطموحاتهم فقط، وكان الشباب مؤهلون للإصلاح والجيل القديم غير مؤهل....
قلتها واقولها اليوم أن الشباب اليوم دون سنه ال ٢٥ عاما وبحدود لن يكون بإمكانه الانخراط في الأحزاب السياسية الأردنية للمشاركة في رسم سياسات الدولة والمساهمة في صنع القرار، لأنه لدي ما هو أهم حيث الفقر والبطالة والمستقبل المظلم، الا اذكانوا أحد ثلاثة اصناف :الصنف الاول يغرربه من بعض السياسيين والنخب الذين تنادوا لتأسيس أحزاب سياسية لاطالة عمرهم السياسي مدعين بأن مرحلة الاصلاح السياسي والديمقراطية والعهد الجديد يقتضي ذلك . الصنف الثاني من الشباب الذين لديهم ملائه مالية(فلوس ) ، اي من ابناء الذوات وكبار الراسماليين والتجار وكبار المسؤولين ، من ذوي الذوات، وبالتالي وراثة المال ستودي لوراثة المنصب الحزبي. الصنف الثالث، من بعض الشباب المدعومون عشائريا. وربما دون أن يكون لأي من الأصناف الثلاث خبرة في العمل السياسي والحزبي. فعن اي أحزاب تتكلمون، واي مشاركة فاعلة للشباب في الاصلاح السياسي تتحدثون.. في الوقت الذي يمكن القول أنها فترة نشوة الاحزاب لا أكثر ولا أقل فقط، وفترة ترحيل الصف الثاني من السياسيين سواء وزراء سابقين او نواب او غيرهم او كبار المتنفذين والمستفيدون من النظام السياسي في سابق عهدهم ، والذين ليس لديهم أدنى درجات القاعدة الشعبية او البرامج الحقيقية الوطنية، وحالهم يتمثل برغبتهم في ركوب موجة الوصول للسلطة بحجة أنهم انفتاحيون ومجددون وشباب. وفي حقيقتهم لا تتجاوز جيل السلطة الجديد الذي جاء بالواسطة او اامحسوبية بحكم المال او العشيرة أو المحاصصة التي اصبحت جزءا من التركيبة السياسية للدولة الاردنية، والتي ربما سيكون الفشل نتاجها، كما كانوا من قبل في المناصب و المؤسسات التي تولوها او عملوا فيها، أو كانوا يعملون وفق مخطط مكتوب ومرسوم لهم ليس لهم إلا ان ينفذوه.
يدور اليوم سجال حول تاسيس أحزاب جديدة، وفق محاولة تصنيف الأحزاب الى أحزاب شبابية وأخرى نخبوية، وبعضها قديمة او ما يحلو لبعض المجددين ان يسموها هلامية أو بالية. علما اننا جميعا مع الإصلاح السياسي ومع اشراك الأحزاب في تطوير الحياة السياسية بعد ثبوت فشل بعض الاحزاب الصغيرة في الوصول للبرلمان والمشاركة في صنع القرار السياسي وفشل الحكومات التقليدية في حل تحديات الأردن ومواطنيه ونظامه السياسي ، إلا انه بدا واضحا بعد ظهور احد الاحزاب(التيارات) الكبرى على يد عدد من النخب السياسية بين نواب واعيان ووزراء حاليين.(٤٨برلماني، ٩ اعيان، ووزراء عاملين) . والذي اثار لغطا من خلال محاولته الترويج اعلاميا بقدرته ورغبته على رسم معالم المستقبل واصلاح الشأن العام والإشارة لتميزه عن غيره من الاحزاب الهلامية والقديمة .. وقد بدا لي من خلال الملامح الأولية للحزب أنه ليس اكثر من تجميع لقوى وأفراد من الوسط وغيره دون أية أطر وافكار عقائدية وايدلوجية حقيقية، واية معالجات وحلول للقضايا الوطنية التي تهم الشارع العام، بحيث تكون مقنعة للجميع لانتخابها على اساس برامجي حقيقي. لقد جاء الحزب ليقول أن لديه حلول سحرية بحجة أن يرتكز على الشباب والمراة من ذوي النخب والخبرات ولديه موارد ذاتية كافية ويمتاز بالتنظيم . وارى خلاف ذلك أن الحزب او التيار ما هو إلا قوى سياسية من الصف الاول والثاني من النخب السياسية تحاول السيطرة على المشهد السياسي المحلي الوطني، وما هو إلا اعادة تدوير هؤلاء السياسيين لأنفسهم ليس اكثر. فهو حزب أشخاص سياسيين من اهل السلطة يحاولون اقناع الشارع والشباب بانفسهم دون أن يكون لديهم أي شرعية مجتمعية او شعببة، علما انه ضم ما يزيد عن ٤٠ ٪من مؤسسيه من العنصر النسائي والشبابي . وقد جاء على لسان احد مؤسسي الحزب أن بزوغ الحزب فرصة للتغير والنهوض بدور المراة والشباب من خلال اشراكهم بنسبة اكبر في الحياة السياسية. كلام جميل لكن الخوف من ضعف الخبرة السياسية لمثل هؤلاء، والتخوف من المؤسسين الحقيقين والفاعلين لتلك الأحزاب الذين هم نفس الوجوه ونفس الخبرات الذين عملوا وشاركوا في السلطة دون أن يكون لهم أدنى تاثير نحو الأفضل في الحياة السياسية والحياة العامة الأردنية لان بعض منهم وليس كلهم جاء بالطريقة التقليدية المعتادة. فهل هم قادرون على تغيبر المشهد القادم، أم انهم بعد التعديلات الدستورية امتلكواوصفات سحرية لحل مشكلة الفقر والبطالة والاستثمار وارتفاع المديونية والزراعة وارتفاع الأسعار.
من حق الشارع والنخب والسياسيين والمراقبيين والاكاديمين والحزبيين الحاليين أن يوجهوا نقدا وتقييما للاحزاب الجديدة وصولا لمشهد حزبي سليم يقود وطننا الغالي لحالة متوازنة ومقبولة محاولة لتغيير الواقع الإقتصادي والسياسي والاجتماعي والصحي والتعليمي والزراعي للاحسن لمصلحة المواطن والوطن.. فقد وصف منسق حقوق الإنسان الحكومي السابق ما يجري من تأسيس أحزاب اليوم، بانها أحزاب تضم أسماء متنوعة ولا نرى برامج فعلية.. في حين وصف وزير سابق ، بأن الاحزاب الجديدة ذكرته بفيلم هندي اسمه(سمك، لبن، تمر هندي ) وهو فيلم درامي كوميدي. في حين تمنى الكاتب والمحلل السياسي المعروف ماهر ابو طير على برنامج نبض البلد ان تكون هذه الأحزاب قد اخذت بعينها هموم الناس ومشاكلهم.. لأن الهم الاقتصادي يقدم احيانا لامواطن الأردني لضيق الحال.
كلنا مع الاصلاحات السياسية والديمقراطية ومع وجود احزاب فاعلة تتصدر المشهد السياسي الأردني من خلال برامج وطنية فاعلة تعالج المشهد الوطني من جميع جوانبه، لكننا بحاجة للروية وعدم التسرع في تاسيس تلك الاحزاب بحيث تلبي طموحات الأردنيين وخاصة الكادحين والوطنيين الذين ياملون بمستقبل أفضل لاولادهم عماده العدالة والمساواة والمواطنة الحقة، وهذا لا يتاتى الا من خلال احزاب عقائدية او فكرية او ليبرالية شريطة ان تكون برامجية وواقعية ووطنية في سياساتها وطموحاتها، وليست احزاب شخصانية تهدف للوصول للسلطة لاجل السلطة وليس أكثر... لاردن الخير الذي نحبه ونعشقه...