jo24_banner
jo24_banner

الطفرة الأوتوماتيكيّة وديمقراطيّة الكلاشنكوف !!

الطفرة الأوتوماتيكيّة وديمقراطيّة الكلاشنكوف !!
جو 24 :

تامر خرمه- في البدء.. كان سلاح النائب تحت قبّة البرلمان يقتصر على "حذاء" خالي من الرصاص، ثمّ تطوّر الأمر إلى التسلّح بالمسدّسات، واليوم يشهد السلاح النيابي طفرة أوتوماتيكيّة ليتحوّل إلى "كلاشينكوف" !

تطوّر الأسلحة البرلمانيّة يواصل قفزاته الغريبة بشكل متسارع، ولن تستغرب إذا اضطررنا غدا لنشر نبأ حول اقتحام مدرّعة لمجلس النواب أو تحليق طائرة "اف 16" تحت القبّة !!

الاستهتار بمفهوم التمثيل والتشريع، وقانون الصوت المجزوء الذي يفرز مثل هؤلاء النواب، أوصلنا إلى هذه الحالة المؤسفة، ويستمرّ الحال من سيء إلى أسوأ، دون أن نشهد محاسبة أحد من هؤلاء "المشرّعين" المتجاوزين على القانون.

من المعيب أن يلجأ إلى لغة السلاح نائب يمثّل الناس ويسنّ القوانين والتشريعات، بل ينبغي أن يحاكم كل من يقدم على مثل هذا الأمر ليكون عبرة لغيره، فالاستهتار وغياب المحاسبة جعل بعض النواب يتجرؤون على زملائهم وعلى المؤسسة التشريعية لاستخدام لغة السلاح في الجدل والحوار، وإذا بقي الحال كما هو عليه قد نشهد لا قدّر الله مأساة تحت القبّة تسيء إلى صورة الأردن، الذي ما زال يحبو على طريق بناء تجربته الديمقراطيّة، فمن يضمن وجود نواب يتصرّفون بسرعة بديهة -كما حصل اليوم- لمنع وقوع الكارثة، في حال تكرّرت حادثة إطلاق النار تحت قبّة البرلمان ؟!

التجربة الديمقراطية لا يمكن لها النجاح في هذا البلد دون تغيير قانون الصوت المجزوء والاعتراف السياسي بالأحزاب، فالغياب الحزبي عن المؤسسة التشريعيّة، والإصرار على انتخاب "الأشخاص" عوضا عن انتخاب البرامج، لا يمكن أن يسهم في تحقيق الديمقراطيّة وبناء مؤسّسة تشريعيّة حقيقيّة، وإذا ما أصرّت السلطة على هذا القانون الرجعي، فعليها أن تختار للمجلس النيابي أي اسم آخر عوضا عن تسميته بـ "البرلمان".

لا نذكر أن أيّ برلمان في العالم شهد ما شهده البرلمان الأردني، ومن هنا يمكن القول أن الأردن جاء بما لم يأت به الأوائل فيما يتعلق بالديمقراطيّة، فالتجربة الأردنيّة فريدة في نوعها، ولنا أن "نفاخر" العالم بأنّنا السبّاقون إلى تسليح الديمقراطيّة.. ويا حسرة على البلد !!

ترى، إذا كان من يسنّ القوانين والتشريعات يستخدم "الكلاشنكوف" في الحوار، فما هو السلاح الذي يمكن لأي مواطن عادي استخدامه للتحاور مع الجار المزعج أو مع سائق تجاوز مركبته ليثبت أنّه "أسرع" منه، أو مع صاحب البقّالة الذي يطالبه بسداد الدين ؟!!

هل سيخرج علينا رئيس الوزراء د. عبد الله النسور ليحدّثنا مجدّدا عن "هيبة الدولة"، أم أن صدمة "الكلاشينكوف" ستدفع حكومته "العتيدة" إلى العمل جديّاً على إقرار قانون انتخاب يتيح لنا التبجّح أمام العالم بتجربتنا الديمقراطيّة ؟!

بصراحة، السؤال المطروح يتضمّن مغالطة منطقيّة لا يمكن تجاهلها، فالكلّ يعلم أن النسور ليس صاحب قرار في هذا البلد.. ولا ندري كيف سيتعامل صنّاع القرار في دابوق والجندويل مع هذه الحادثة، ولكن الإصرار على تجريد المؤسّسة التشريعيّة من مضامينها الإنسانيّة وليس القانونيّة فحسب، سيكون كارثيّا على الدولة والمجتمع، فهل سنشهد خطوة جديّة تنشل الدولة ممّا يقوّضها من قوانين وسياسات مغامرة ؟!

تابعو الأردن 24 على google news