تقرير الخارجية الامريكية فركة أُذن، للتذكير بالفاتورة والاثمان المطلوبة
باسل العكور
جو 24 :
قبل ايام اصدرت وزارة الخارجية الامريكية تقريرا عن واقع وحالة الحريات في الاردن، هذا التقرير الذي تمكن واضعوه من رصد كل كبيرة وصغيرة، وتوصيف الحالة بمنتهى الدقة والموضوعية حد الابهار، حتى اننا لو اردنا بانفسنا ان نرصد ما نعيش من انتهاكات ومضايقات ومنغصات، فاننا بالفعل لن ننجح في كتابة نذر يسير مما تضمنه تقرير وزارة الخارجية الامريكية التي يبدو انها تتابع وترصد وتوثق بنفسها، الى جانب ما يردها من معلومات من خلال منظمات ومؤسسات تتعاون معها لهذه الغاية..
ولكن، ماذا يعني ذلك؟ ما الغاية من عمليات الرصد والتوثيق هذه؟ كيف تتعامل حكومات دول العالم الثالث مع هذا التقرير السنوي؟ كيف تفهمه وتترجمه؟ هل سيكون له انعكاسات ايجابية على واقع الحريات في الاردن او في غيرها؟ الجواب قطعا لا، ودليلنا على ذلك ان التقارير السابقة جميعا لم تحدث فرقا يذكر.. إذا ما الذي تسعى اليه امريكا؟ ما الغاية من نشر هذه المعلومات التي تدين حليفا استراتيجيا وتعرّيه و تحرجه امام العالم؟
بداية -وحتى نفوّت الفرصة على المتصيدين- لا بد أن نؤكد على أننا لا ندعو لتدخل الولايات المتحدة في شأن داخلي اردني، ولكن توثيق الانتهاكات وكشفها، من قبل اية جهة دولية محايدة متخصصة في هذا الشأن، يشكل ضغطا سياسيا واخلاقيا وقانونيا كبيرا على السلطات التي تتعدى على الحقوق والحريات.. الا ان تقرير وزارة الخارجية الامريكية تحديدا، تترجمه الحكومات بصورة مختلفة، هي تعرف ان هناك غايات واهداف دفعت أمريكا لتسليط الضوء على ما يقترف من جرائم ضد حقوق الانسان في بلدانهم، فإما أن تتجاوب هذه الحكومات وتقبل بالاملاءات أو أن تعاني جراء ما سيجري فضحه من انتهاكات وقعت في هذه الدول المستبدة الحليفة للولايات المتحدة، وربما كان هذه التجاوب وراء توقيع اتفاقية مجحفة مع الاردن حولت فيها بلادنا الى مرتع للجيش الامريكي يمارس به ما يشاء من موبقات دون رقيب او حسيب؟!!
هذه الأسئلة الكبيرة يجيب عليها عادة سفراء الولايات المتحدة في العاصمة عمان بقولهم: الاستقرار في الاردن أهم بالنسبة لهم من أي شيء آخر، وكأن لسان حالهم يقول: إن المطالبين بالديمقراطية والاصلاح وسيادة القانون، هؤلاء جميعا يشكلون خطرا على استقرار الدولة، ولذلك علينا أن ندعم الأردن الرسمي حتى ينجح في وأد أو اسكات هذه الأصوات بصرف النظر عما يرتكب من انتهاكات وتعديات صارخة على حقوق الانسان والحريات العامة، وبنفس الوقت نقوم بدورنا في توثيق هذه الانتهاكات ورصدها ونشرها للعامة والخاصة!!
السفير الأمريكي الحالي هنري شوستر قال في لقاء جمعه باكاديميين وطلبة في الجامعة الاردنية بتاريخ ٢٠٢٢/٣/٢٩: ان الولايات المتحدة تحالفت مع الدولة العميقة، وانها معنية بالاصلاحات الاقتصادية لتحقيق هدفين؛ الاول: توفير فرص عمل، والثاني: ايجاد حلول لمشاكل المياه. هذه التصريحات تؤكد تماما أن ملف الحريات وحقوق الانسان والاصلاح السياسي ليس مهما وليس اولوية ولم يكن كذلك في اي وقت مضى.. الاردن الرسمي بالنسبة لهم حليف استراتيجي، بغض النظر عن التفاصيل الاخرى، وحكومة الولايات المتحدة معنية بدعم الجاثمين على صدورنا، ولكن بنفس الوقت ترى بانه لا ضير من "فركة اذن" تذكرهم دائما بالفاتورة والاثمان المطلوبة، فما هو المطلوب من الاردن الرسمي اليوم ؟!!!