الإكراه على الزواج انتهاك لحق الفتيات في اختيار شريك الحياة
جو 24 : كتب- ضرار الشبول
يواجه حق الفتيات في اختيار شريك حياتهن بمنظومة قيم وعادات اجتماعية، لا تتوانى في حالات كثيرة ليس فقط عن انتهاك هذا الحق، بل تصل حد انتزاعه منهن، وإجبارهن على الارتباط برجال لا يرغبن بالزواج بهم.
ما حدث مع (هـ.ق) التي أجبرت على الزواج وعمرها (19 عاما) فقط، يتجاوز مجرد سعي والدها لـ"سترة" بناته، إذ أنها كانت ضحية عجز الوالد عن سداد قيمة شيكات بنكية تراكمت عليه، وقبل صاحبها التنازل عنها مقابل تزويجه منها، رغم أنه يكبرها بعشرين عاما.
وتقول الفتاة إن حياتها بعد الزواج تحولت إلى "جحيم" للأن زوجها يعاملها كأنها "خادمة" له و ليس كزوجه يحترمها.
ويخالف إجبار الفتيات على الزواج، مواثيق واتفاقيات دولية أكدت على حرية اختيار شريك الحياة، ووجوب إعمال الحق في الزواج.
وبحسب حقوقين، ترتبط حرية اختيار الزوج والحق في الزواج أساسا بموضوع الحق في إنشاء أسرة، والتي تتجسد معاييرها الأساسية في التفاهم بين الزوجين، وعليه فإن "الانتهاك في إجبار الفتاه على الزواج سيعمل على زعزعة نظام الأسرة ورعايتها والقائمة على نهج حقوق الإنسان". وكذلك، يرتبط الحق في اختيار الشريك بأهمية توقير الجو المناسب لتنشئة الأطفال و"المعتمد على الحق في البقاء والنماء".
وتتعدد قصص فيتات أجبرن على الزواج لغايات وأسباب متنوعة. وهن هنا يتحدثن بأسماء مستعارة عن حكاياتهن.
وتقول لينا محمد "تقدم لخطبتي رجل يكبرني بعشر سنوات، وكنت ما أزال في مرحلة الدراسة، زوجني أبي لهذه الشخص بسبب تكرار قدوم أقاربنا وأصدقائنا من العائلة لخطبتي، فكان أبي رافضا حتى لا يتم النسب بينه وبين عائلتي مجددا، وذلك جراء بعض المشاكل العائلية"، مضيفة أنها "وبعد زواجها وإنجاب طفلتها انقلبت حياتها الزوجية إلى المشاكل والمشاحنات، حتى الطلاق بعد مرور سنة على زواجها بسبب سوء المعاملة التي كانت تتعرض لها من زوجها، وبحكم فارق العمر بينهما"، ولينا تعيش حاليا في بيت والدها الذي تشعر أنها "كانت كبش فداء" له لمجرد أنه على خلاف مع عدد من أقارب الأسرة.
ورغم مضي سبعة أعوام على زواج إسراء علي، إلا أنها لم تسامح أهلها ولم تغفر لهم إجبارها على الزواج. وتصف ما فعله بها أخاها الأكبر سنا. وتقول "أنا الأصغر سنا بين إخواني السبعة، كنت على مقاعد الدراسة، وتقدم لخطبتي رجل غني الحال، وبسبب الوضع المادي السيئ الذي كنت أعيشه بين عائلتي، أجبرني أخي الأكبر على الزواج من ذلك الرجل بعد الضرب والإهانه".
وتضيف "قاومت قدر المستطاع في البداية لكن الضرب والإهانه كانت هي الأقوى". وتوضح بمرارة "الآن بات كل منّا يعيش حياته على حدة، هو يعيش حياته كما يريد، لأني غير قادرة على تلبية مطالبه وهذا ملخص حياتي الزوجية".
وللعادات والتقاليد ضحاياها أيضا، وبالإضافة إلى الحالات السابقة التي كان للأهل، وبالذات الذكور، اليد الطولى في اتخاذ قرار تزويج الفتاة فيها، لعبت العادات كذلك دورا حاسما في تزويج هالة حمدان لابن عمها.
وتقول هالة "أبي لا يريد أن يكشف عرضه للغريب (...) هذه هي العادات في بلدتي منذ القدم فالكثير من الفتيات قد تزوجن بشكلٍ إجباري".
وتضيف أنه ورغم معاناتها مع ابن عمها واستمرار المشاكل بينهما لكنها لا تستطيع أن تطلب الطلاق منه، معبترة انها إذا طلبت الطلاق "ستكون النتيجة هي الموت".
إلى ذلك، يرى أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي أن إجبار الفتاة على الزواج "تصرف مرفوض شرعا وقانونا وأخلاقا"، مبينا أن فكرة "الزواج في كل الأديان بنيت على موافقة الطرفين صاحبي العلاقة"، ما يعني أن إكراه الفتاة على الزواج بمن لا ترغب "مخالف جدا كونه يدخل في باب منع الفتاة من حق اختيار الزوج وسلبه منها، وهو أمر لا يجوز شرعا ولا اجتماعيا، ويلحق الضرر فيها، حتى لو تمت الموافقة إرضاء للأسرة".
وحقوقيا، أوضح خبير حقوق الإنسان علاء خليفة أن "من حق الفرد أي كان عرقه او جنسه أو دينه اختيار شريك حياته المستقبلية". واعتبر أن "الزواج الذي يتم بدون رضا الفتاة يحرمها من حقها في حياة أسرية مستقرة، وغالبا ما ينتهي بالطلاق نتيجة لعدم التوافق الزواجين". وشدد خليفة على ضرورة مراعاة التشريعات للحق في اختيار الشريك، وتوعية المواطنين بالآثار السلبية للزواج من دون رضا الطرفين.
أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين
يواجه حق الفتيات في اختيار شريك حياتهن بمنظومة قيم وعادات اجتماعية، لا تتوانى في حالات كثيرة ليس فقط عن انتهاك هذا الحق، بل تصل حد انتزاعه منهن، وإجبارهن على الارتباط برجال لا يرغبن بالزواج بهم.
ما حدث مع (هـ.ق) التي أجبرت على الزواج وعمرها (19 عاما) فقط، يتجاوز مجرد سعي والدها لـ"سترة" بناته، إذ أنها كانت ضحية عجز الوالد عن سداد قيمة شيكات بنكية تراكمت عليه، وقبل صاحبها التنازل عنها مقابل تزويجه منها، رغم أنه يكبرها بعشرين عاما.
وتقول الفتاة إن حياتها بعد الزواج تحولت إلى "جحيم" للأن زوجها يعاملها كأنها "خادمة" له و ليس كزوجه يحترمها.
ويخالف إجبار الفتيات على الزواج، مواثيق واتفاقيات دولية أكدت على حرية اختيار شريك الحياة، ووجوب إعمال الحق في الزواج.
وبحسب حقوقين، ترتبط حرية اختيار الزوج والحق في الزواج أساسا بموضوع الحق في إنشاء أسرة، والتي تتجسد معاييرها الأساسية في التفاهم بين الزوجين، وعليه فإن "الانتهاك في إجبار الفتاه على الزواج سيعمل على زعزعة نظام الأسرة ورعايتها والقائمة على نهج حقوق الإنسان". وكذلك، يرتبط الحق في اختيار الشريك بأهمية توقير الجو المناسب لتنشئة الأطفال و"المعتمد على الحق في البقاء والنماء".
وتتعدد قصص فيتات أجبرن على الزواج لغايات وأسباب متنوعة. وهن هنا يتحدثن بأسماء مستعارة عن حكاياتهن.
وتقول لينا محمد "تقدم لخطبتي رجل يكبرني بعشر سنوات، وكنت ما أزال في مرحلة الدراسة، زوجني أبي لهذه الشخص بسبب تكرار قدوم أقاربنا وأصدقائنا من العائلة لخطبتي، فكان أبي رافضا حتى لا يتم النسب بينه وبين عائلتي مجددا، وذلك جراء بعض المشاكل العائلية"، مضيفة أنها "وبعد زواجها وإنجاب طفلتها انقلبت حياتها الزوجية إلى المشاكل والمشاحنات، حتى الطلاق بعد مرور سنة على زواجها بسبب سوء المعاملة التي كانت تتعرض لها من زوجها، وبحكم فارق العمر بينهما"، ولينا تعيش حاليا في بيت والدها الذي تشعر أنها "كانت كبش فداء" له لمجرد أنه على خلاف مع عدد من أقارب الأسرة.
ورغم مضي سبعة أعوام على زواج إسراء علي، إلا أنها لم تسامح أهلها ولم تغفر لهم إجبارها على الزواج. وتصف ما فعله بها أخاها الأكبر سنا. وتقول "أنا الأصغر سنا بين إخواني السبعة، كنت على مقاعد الدراسة، وتقدم لخطبتي رجل غني الحال، وبسبب الوضع المادي السيئ الذي كنت أعيشه بين عائلتي، أجبرني أخي الأكبر على الزواج من ذلك الرجل بعد الضرب والإهانه".
وتضيف "قاومت قدر المستطاع في البداية لكن الضرب والإهانه كانت هي الأقوى". وتوضح بمرارة "الآن بات كل منّا يعيش حياته على حدة، هو يعيش حياته كما يريد، لأني غير قادرة على تلبية مطالبه وهذا ملخص حياتي الزوجية".
وللعادات والتقاليد ضحاياها أيضا، وبالإضافة إلى الحالات السابقة التي كان للأهل، وبالذات الذكور، اليد الطولى في اتخاذ قرار تزويج الفتاة فيها، لعبت العادات كذلك دورا حاسما في تزويج هالة حمدان لابن عمها.
وتقول هالة "أبي لا يريد أن يكشف عرضه للغريب (...) هذه هي العادات في بلدتي منذ القدم فالكثير من الفتيات قد تزوجن بشكلٍ إجباري".
وتضيف أنه ورغم معاناتها مع ابن عمها واستمرار المشاكل بينهما لكنها لا تستطيع أن تطلب الطلاق منه، معبترة انها إذا طلبت الطلاق "ستكون النتيجة هي الموت".
إلى ذلك، يرى أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي أن إجبار الفتاة على الزواج "تصرف مرفوض شرعا وقانونا وأخلاقا"، مبينا أن فكرة "الزواج في كل الأديان بنيت على موافقة الطرفين صاحبي العلاقة"، ما يعني أن إكراه الفتاة على الزواج بمن لا ترغب "مخالف جدا كونه يدخل في باب منع الفتاة من حق اختيار الزوج وسلبه منها، وهو أمر لا يجوز شرعا ولا اجتماعيا، ويلحق الضرر فيها، حتى لو تمت الموافقة إرضاء للأسرة".
وحقوقيا، أوضح خبير حقوق الإنسان علاء خليفة أن "من حق الفرد أي كان عرقه او جنسه أو دينه اختيار شريك حياته المستقبلية". واعتبر أن "الزواج الذي يتم بدون رضا الفتاة يحرمها من حقها في حياة أسرية مستقرة، وغالبا ما ينتهي بالطلاق نتيجة لعدم التوافق الزواجين". وشدد خليفة على ضرورة مراعاة التشريعات للحق في اختيار الشريك، وتوعية المواطنين بالآثار السلبية للزواج من دون رضا الطرفين.
أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين