jo24_banner
jo24_banner

وجههم الحقيقي

جمانة غنيمات
جو 24 : الوجه الحقيقي والعقلية العرفية اللذان تخفيهما وجوه المسؤولين المبتسمة، كشفتها الرسالة التي تبادلها رئيسا الحكومة فايز الطراونة ومجلس النواب عبدالكريم الدغمي.
رئيس الوزراء كتب بالحرف: "فعلا أفندي، الله خلقهم وكسر القالب، وإحنا حرس قديم وعفا عنا الزمن والدهر، والتطاول وصل سدة الحكم، فأي منقلب ينقلبون".
الورقة الصغيرة عبرت كثيرا عن الحالة التي نعيشها، وكيف يفكر أولو الأمر بأحوالنا وشؤوننا. فالعبارات على قصرها، تعبر عن العقلية المحافظة المسيطرة على السلطات لدينا، والحوار القصير كشف عن النوايا والشعور الحقيقيين من قبل المسؤولين في البلد حيال مطالب الإصلاح.
في رد رئيس الحكومة نظرة دونية للآخر. والآخر ليس إلا نائبا في البرلمان، ووزيرا سابقا، أي جزءا من السلطات التي يمثلها الرجلان. فإذا كان هذا تفكيرهما بنائب حالي ووزير سابق، فكيف هي النظرة إلى المعارضة الحقيقية، التقليدية والحديثة؟!
ما جرى عكس حالة من التوحد بين سلطتين يجب أن تكونا متضادتين وفقا لطبيعة الأشياء والمهام؛ فالتشريعية مسؤولة عن الرقابة على التنفيذية بحسب ما ينص الدستور، والأخيرة منوط بها خدمة المجتمع ومتابعة شؤونه وقضاياه.
منسوب الاستفزاز الذي تركته المعاني المخبأة بين ثنايا السطور مرتفع، وردود الأفعال التي تبعت الرسالة من المراقبين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف حجم الخيبة التي شعر بها الأردنيون بعد أن اقتنصت عدسة صحيفة "العرب اليوم" رسالة الرئيسين.
وما أوصل المسؤولين إلى حد التهكم على الآخر، ليس إلا الوضع السياسي الذي نعيشه، وتلك العقلية القديمة ما تزال تظن أنها الوحيدة الأقدر على تولي أمر الناس، فهذه تركة ورثوها عن أجداد، ولهم الحق في الاحتفاظ بها لهم ولأولادهم من بعدهم.
ما تشي به الكلمات التي لم تكتب في الرسالة هو أن الثقة المتبادلة بين السلطتين تفوق كل التوقعات، بل وأعلى بكثير من تلك الثقة التي يحصدونها من الشارع، ما يؤكد قناعات المجتمع حيال حكوماته ومجالسه النيابية، ويثبت من جديد أن مسرحيات نيل الثقة التي قدمها مجلس النواب الحالي لأربع حكومات، خلال عام واحد، ليست إلا استعراضا مكشوفا.
ونكتشف أيضا أن الحديث عن حكومة تمثل الأغلبية النيابية وتلك المنتخبة تدعو إلى التهكم والسخرية. وللجميع أن يتخيل مقدار إيمان المسؤولين بالرأي الآخر المختلف عن قناعاتهم وسياساتهم، وغير المؤمن برؤيتهم التي أوصلتنا إلى كل هذا الخراب الذي نحياه اليوم.
الرسالة بسطورها وكلماتها القليلة إنما تعري النوايا العميقة لدى السلطتين التنفيذية والتشريعية حيال ملف الإصلاح السياسي، ما يضعف الآمال بإمكانية تحقيق منجز كبير في هذا السياق، خصوصا ما يتعلق بقانون الانتخاب الموجود اليوم بين أيدي النواب، وهو الذي سيكون بحق نصرا أو انتكاسة للإصلاح؛ فدعونا لا نتفاءل كثيرا بما سيأتي من نوابنا ووزرائنا.
ما حدث مبرر إضافي للاستمرار في المطالبة بالإصلاح السياسي الحقيقي لتغيير شكل السلطات وأدوارها، وتحقيق الفصل الحقيقي بينها، ليصل الأردن إلى طريق جديدة تنهي اللعبة القائمة، وتوقف عرض مثل هذه المسرحيات.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير