jo24_banner
jo24_banner

غزة .. سنتهض ك"طائر الفنيق" !

أحمد ذيبان
جو 24 :


كانت غزة دائما "شعلة نار" في وجه الاحتلال الصهيوني، وكانت تلك الشعلة السبب الرئيسي لانسحاب قوات الاحتلال منها عام 2005 فيما يشبه الهروب ، وتفكيك 17 مستوطنة كانت تمثل نحو 35% من مساحة القطاع ، حدث ذلك خلال ولاية حكومة شارون وهو من أهم القيادات الصهيونية اليمينية المتطرفة .

ولنتذكر مقولة اسحق رابين رئيس وزراء الكيان الأسبق الشهيرة: "أتمنى أن أصحو ذات صباح وأجد غزة وقد ابتلعها البحر"!

نحن نعيش هذه الأيام فصلا جديدا واستثنائيا من كفاح قطاع غزة في سياق عماية التحرر الوطني ، وهذا لا ينتقص من النضال الفلسطيني المستمر سواء الشعبي السلمي ، أو على صعيد الكفاح المسلح المتواصل منذ عشرات السنين التي شاركت فيه مختلف الفصائل . وكان لتسلم حركة حماس ادارة القطاع منذ نحو 18 عاما في أعقاب الانفصال ، خطوة اضافية شكلت ازعاجا لدولة الاحتلال، بسبب تبنيها لنهج الكفاح المسلح ولديها عقيدة قتالية واضحة هدفها الاحتلال، مسلحة بارداة صلبة وتدريب عسكري وأبداع أساليب قتالية استثنائية ، بعكس توجهات سلطة رام الله التي تقود نهج أوسلو ،الذي لم ينتج عنه غير ضياع المزيد من الحقوق الوطنية الفلسطينية .

ورغم الحصار الشامل للقطاع الذي شاركت به سلطات الاحتلال وأطراف عربية، بقيت غزة شمعة تضيء الظلام العربي ، ومن هنا جاءت عملية " طوفان الأقصى " غير المسبوقة ، التي نقلت المواجهة لأول مرة الى داخل فلسطين المحتلة عام 1948، فيما يعرف بمدن ومستوطنات غلاف قطاع غزة ، بعملية لم تخطر حتى في خيال منتجي الأفلام السينمائية ، شكلت زلزالا هز دولة الاحتلال في الأعماق ، قتل وجرح وأسر خلالها الاف الجنود والضباط والمستوطنين، بما يفوق ما خسرته دولة الاحتلال في أي حرب خاضتها مع الجيوش العربية !.

ومن هنا يمكن تفسير هذا الحقد والأصرار على الانتقام من سكان القطاع الذين يشكلون الحاضنة الشعبية لحماس، وارتكاب جرائم ابادة جماعية وجرائم حرب من خلال قصف جوي جنوني، وتدمير عشوائي لأحياء سكنية ومحال تجارية ومزارع ومصانع وكل شيء يتحرك على الأرض، وقطع الماء والكهرباء وكل مستلزمات الحياة والتسبب بكارثة انسانية رهيبة، وأظن أن ما ألقته طائرات الاحتلال من قنابل وصواريخ على الأحياء السكنية والمدنية في القطاع ، خلال الأيام الستة التي أعقبت بدء عملية طوفان الأقصى، يعادل القوة التفجيرية للقنبلة النووية التي ضربتها أميركا على مدينة هيروشيما اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية ! وحسب تصريحات جيش الاحتلال فان مجموع ما ألقته الطائرات على غزة حتى يوم الخميس، بلغ ستة الاف قنبلة وصاروخ بما يعادل أربعة آلاف طن متفجرات!! وفيما أميركا ودول الغرب تتسابق لدعم الكيان الصهيوني وتزويده بالأسلحة والدعم السياسي ، ويتوافد اليه المسؤولون الغربيون للتعبير عن التضامن معه ، وتبرير جرائمه وتبني أكاذيبه بزعم أنه يدافع عن نفسه ، ضد "ارهاب" حماس وتشبيهها ب "داعش"، تقف الحكومات العربية وجامعتها متفرجة تصدر بيانات باهتة تدعو لوقف التصعيد أو تحاول التوسط ، بينما تربض طائراتها المقاتلة في " مهاجعها " التي أنفقت عليها المليارات بهدوء!!

وكان لافتا في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية الاميركي بلينكن مع رئيس وزراء دولة الاحتلال نتنياهو، أن بلينكن بدا صهيوني أكثر من نتنياهو وقال: أنه جاء الى دولة الاحتلال كيهودي من عائلة زعم أنها كانت ضحية المحرقة النازية ، وتجاهل ان ما ترتكبه قوات الاحتلال بطائرات وأسلحة أميركية ضد المدنيين في غزة " محرقة عنصرية " وحشية يندى لها جبين الانسانية وتشكل خرقا فاضحا لكافة القوانين والاعراف الانسانية الدولية . لكنها تقابل بصمت مريب من قبل الدول التي تدعي تبنيها لحقوق الانسان وفي مقدمتها أميركا !

ان رؤيتي للمشروع الدولي والاقليمي ، الذي يتم طبخه الان من قبل الولايات المتحدة ، وما يوصف ب "محور الاعتدال العربي"، هو أن الفرصة أصبحت جاهزة لأسقاط حكومة حماس في غزة ،وتسليمها لسلطة عباس لكي تنقل خبرتها بالتنسيق الأمني مع قوات الاحتلال الى القطاع ، فيما تضطر حماس للنزول تحت الأرض والعودة الى نهج العمليات الاستشهادية داخل فلسطين المحتلة ، وتبقى القضية الفلسطينة حية تتوارثها الأجيال . وتبقى غزة مثل طائر الفنيق تجدد نفسها وتنهض مجددا من تحت الرماد . 


* صحفي وكاتب أردني
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير