اليوم الواحد بعد الثلاثين
كمال ميرزا
جو 24 :
عشية دخول حرب الإبادة التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزة شهرها الثاني، هذه هي الحقيقة الماثلة على أرض الواقع:
- قصف جنوني يزداد سعارا كل يوم بهدف إبادة أهل غزة، ومحو المدينة عن الخارطة، والتخلّص من أسرى الكيان بالمعيّة إذا أمكن، وذلك مع تواصل اخفاقات الجيش الصهيوني، وتعاظم خسائره ، وانهيار معنوياته، وتبدّد دعوات "التهجير" و"النزوح" بسبب إصرار أهالي غزة الأسطوري على التمسك بأرضهم.
- دعم أمريكي وغربي بلا حدود للكيان الصهيوني للقيام بما "يحلو له" في غزّة، وصولا إلى ضرب المساجد والمدارس والمستشفيات إذا "اقتضت الضرورة"، وحتى التلويح باستخدام السلاح النووي، مع الاستمرا بالكذب والكذب والمزيد من الكذب لتبرير كلّ ذلك أو تمييع ردود الفعل إزاءه.
- ضوء أخضر على طول الخط من أجل الاستمرار بقطع سبل العيش عن غزّة وعزلها عن العالم، أملا بإنكسار "المقاومة" و/أو رضوخ الأهالي، سواء أكان هذا الضوء الأخضر صريحا ومُعلنا كما في حالة أميركا والغرب، أو ضمنيّا كما في حالة الدول التي تقف موقف "المتفرّج" وتكتفي بالشجب والإدانة والمناشدة.
- محور ممانعة يكتفي بالمتابعة والمراقبة والتريّث والتربّص، ما بين محاولات حكومة الكيان اليائسة توسيع رقعة الحرب مع أجل إطالة عمرها، وتوريط حلفائها الغربيين في القتال مباشرة، وعدم رغبة هذا المحور بإسداء هذه "الخدمة" لنتنياهو وعصابته.. وما بين تآكل الثقة بهذا المحور وتراجع شعبيته بين أنصاره بفعل مشاهد وأخبار الإبادة والقتل والدمار التي بلغت حدّ الجنون.
- "دول عظمى" تدّعي أنّها تريد التأسيس لعالم متعدد الأقطاب ولكنّها لا تتدخل كما ينبغي وكما هو متوقّع بالنسبة لدول تريد أن تطرح نفسها قطبا عالميا.
هذا هو الواقع على الأرض حتى إشعار آخر، وما دون ذلك من حراك دبلوماسي وسياسي، وزيارات واتصالات ومؤتمرات صحفية وتصريحات، وجهود إغاثية مسرحية، ومظاهرات ومسيرات واعتصامات تعم العالم، وحديث عن عقد لقاءات واجتماعات إقليمية ودولية وأممية.. كل هذا قعقعة بلا طحن، ومحاولات سمجة لـ "شراء الوقت" بدماء أهالي غزة والفلسطينيين.
الخلاصة: "حرب استنزاف" يتواطأ عليها الجميع، ما بين حكومة حرب وتيار يميني حُرقت أوراقه ويُترك لاستكمال المهمة القذرة التي بدأها قبل استبداله وطرح خطط وتصورات السلام البديلة.. وبين "مقاومة" توافَق الجميع صراحة أو ضمنيا على التخلّص منها، وشعب يُعاقب ويُباد بسبب تمسّكه بأرضه وحقّه ورفضه كشف ظهر أبنائه وإخوانه المقاتلين.
مرّة أخرى، وكما كان الوضع وما يزال منذ اليوم الأول، الكلمة الفصل هي لبطولات المقاومة وصمود الأهالي على الأرض، وبقية الشياه معلّقة من عرقوبها أمام الله فيما تفعله أو ما تحجم عن فعله!