سقوط معادلة الردع العربي بعد الانكشاف الاستراتيجي لامريكا والغرب

 

عندما يخرق كيان الاحتلال الصهيوني كل القوانين و الاتفاقيات الدولية في عدوانه البربري على اهلنا في قطاع غزة ،بمشاركة دول غربية كنا نظن انها حارسة هذا النظام الدولي الذي تهاوى ، ما الذي سيمنعها من تكرار هذا الجنون مع اي دولة في الاقليم او خارجه ؟! ما الذي سيوقف آلتها العسكرية غطرستها جموحها وجنوحها للبطش والقتل والتدمير ؟!!من منا في مأمن اليوم بعد ان تكشف الوجه الحقيقي البشع لهذا الكيان و لحلفائه الغربيين ؟!! ما الذي سيمنع قصفها لاي عاصمة عربية بهذه الوحشية ؟!!

كيف ستحمي الانظمة العربية نفسها ، ارضها وشعبها ، من عدو مارق لا يعترف الا بمنطق القوة الغاشمة ؟ على ماذا نراهن اليوم وقد اصطف الغرب بكل امكاناته خلف الكيان المحتل ، ووفر الغطاء السياسي والعسكري والاعلامي غير المشروط لهذه الجرائم والمجاور التي ترتكب دون ان ينجح حتى في فرض هدنة انسانية لساعات معدودة ؟!!

رئيس وزراء الكيان المحتل نتنياهو اكد اليوم ، انه على استعداد لقطع العلاقات مع الولايات المتحدة ، الحليف الاهم و الداعم الاساسي لهذا العدوان ، اذا ما حاولت فرض خيار الهدنة الانسانية على كيانه ، ولنا ان نتخيل هنا حجم الغطرسة و الاجرام ، والحصانة المطلقة التي يتمتع بها هذا الكيان المارق ؟!!

على الانظمة العربية ان تراجع حساباتها جيدا ، عليها ان تعيد تقييم تحالفاتها وشراكاتها ، فهؤلاء ونقصد هنا الحلفاء والشركاء ،تكشف انهم ليسوا كذلك ، هم حلفاء وشركاء للكيان المحتل فقط، وهم جميعا على استعداد للتنازل عن كل علاقاتهم و تحالفاتهم و شراكاتهم عن قيمهم عن انسانيتهم لخدمة المشروع الصهيوني في المنطقة .. هذه حقيقة على الجميع ان يدركها جيدا ..

الغرب يمد جيوشنا بالاسلحة و العتاد ، هو بذلك يعرف جيدا ما نملكه من اسلحة وعتاد ، الانواع والقوة والفاعلية في الميدان ، وهو بذلك يستطيع ان يقدر امكاناتنا ويردعها ، يستطيع ان يزود العدو الصهيوني بانواع اخرى قادرة على تحييد ما نملك والغاء اثره ميدانيا ، وهو بذلك الضامن لتفوق العدو تسليحيا ..

وبناءا على قاعدة ان كل مكشوف مردوع ، علينا ان نفكر جيدا بخياراتنا ، لا يجوز ان يستمر الاعتماد على الغرب في هذا المضمار ، فلا يوجد ما يمنع التحامنا المباشر مع هذا الكيان المارق المسكون بعقدة التفوق ..

العدوان على غزة ، محطة تاريخية كاشفة ، وعلينا اولا وقبل كل شئ ان نلتفت الى خيار بناء قدراتنا العسكرية و التسليحية ذاتيا ، ان نعتمد على انفسنا تماما في الصناعات العسكرية ، علينا ان نتحرر من هذه التبعية المكلفة للغرب ، علينا ان نتخلص من وجودهم على ارضنا فورا ، لا قواعد امريكية بعد اليوم على الارض العربية ، هذه متطلبات اساسية لنضمن معادلة ردع عربي قادرة على التصدي لعدو لديه اطماع توسعية لا ينكرها ، عدو لا يفهم غير منطق القوة …

صمود المقاومة في غزة له علاقة مباشرة بفشل استخبارات العدو و الغرب في معرفة امكانياتهم .. الصناعات التسليحية الذاتية على تواضعها نجحت في اعاقة التقدم العسكري لقوات العدو الصهيوني و أذاقتهم شتى صنوف الموت في شوارع وازقة غزة ، و ذلك رغم الفجوة التسليحية التقنية الهائلة ، واعتمادهم الكامل على القصف الجوي ،هذا بالضبط ما حول كفة القتال لصالح المجاهدين هناك ، و ربما سينجح في حسم المعركة لصالحهم …

الغرب يريد ان يقنعنا بانه معني بوصول المساعدات الانسانية للاشقاء في غزة بعد ان شارك بكل امكاناته العسكرية في خلق هذه المعاناة وهذا الدمار وهذا الخراب الذي ما زال اهلنا في قطاع غزة يرزحون تحت وطأته منذ اكثر من شهر ..

الغرب مستعد تماما ليتحمل كلفة المساعدات الانسانية ، و هذا ليس لسواد عيوننا او لشعوره الإنساني المرهف ، وانما لخدمة اسرائيل وتسهيل تحقيق اهدافها على الارض ، وهذا ما عشناه وخبرناه بعد النكبة والنكسة وعايشناه في سوريا و ليبيا وغيرها ، يصنعون الدمار ويشنون الحروب ، وبعدها يشرعون من احتواء اثارها الانسانية بالحد الادنى من الجهد والكلفة ..

امريكا تتحدث عن هدنة انسانية ، وايصال المساعدات و الوقود ، وبنفس الوقت تقرر تزويد جيش الاحتلال بصواريخ شديدة الدقة بقيمة ٣٢٠ مليون دولار ، و ذلك لتستكمل عمليات حرق قطاع غزة و ابادة ساكنيه جميعا ..يتباكون على موت الابرياء الاطفال والشيوخ والنساء وبنفس الوقت يرفضون وقف اطلاق النار ، اي انحطاط اخلاقي هذا ..