ما هو المطلوب اليوم من الاردن الرسمي ؟
باسل العكور
جو 24 :
بعد فشل قمة الرياض ببلورة اجماع عربي اسلامي يضمن وقف العدوان على اهلنا في قطاع غزة ،اصبح لزاما علينا في الاردن ونحن الدولة الاكثر التحاما والتصاقا بالقضية الفلسطينية تاريخيا ان نتحرك ، ان نستخدم كافة الادوات والاوراق للضغط والتأثير ورفع الكلفة على العدو ، فليس من المعقول ان نترك الاشقاء لقمة سائغة تلوكها آلة الحرب الصهيونية دون تحميلهم كلفا باهظة ..
الموقف الرسمي الاردني المتقدم نسبيا لم يعد كافيا ،الشعب الاردني يقدر عاليا جهود الملك و الملكة ، و اللغة المباشرة و الدقيقة التي يستخدمها وزير الخارجية الاردنية ايمن الصفدي ، والحراك الدبلوماسي النشط للوزير ،وقرار استدعاء سفيرنا في تل ابيب ورفض عودة سفير دولة الاحتلال الى عمان ، و الانزالين الجويين لسلاح الجو الملكي الاردني لتزويد كوادرنا في المستشفى الميداني في قطاع غزة بالمتطلبات الاساسية لاستمرار عمله و الخدمة الجليلة التي يقدمها للمصابين …جميع هذه الجهود محل تقدير شعبي واسع ، ولكن الواضح ان المزاج العام الاردني يطالب بالمزيد من الخطوات العملية، وذلك تزامنا مع تصاعد وتيرة المجازر والجرائم التي ترتكبها آلة الحرب الصهيونية ، بعد حرب المستشفيات و حرب التجويع و التعطيش التي يلجأ لها الكيان المحتل للامعان في قتل المدنيين العزّل ودفعهم للنزوح جنوبا بحثا عن مقومات حياة معدومة في القطاع المنكوب شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ..
الاردنيون يطالبون اليوم بالغاء اتفاقية الغاز و مسودة اتفاقية الماء مقابل الكهرباء فورا ، وذلك بعد ان تبين لنا وللعالم اجمع ان هذا الكيان المارق لا يحفل بما يوقع من اتفاقيات، وهي بالنسبة له لا تساوي الحبر الذي كتب بها اذا ما استدعت مصلحته ذلك.. الكيان المحتل يخرق يوميا القانون الدولي الانساني واتفاقية جنيف ، الكيان المحتل يرتكب جرائم حرب وابادة جماعية وتصفية عرقية ونزوح قسري واستهداف للمستشفيات ودور العبادة و المدارس والمدنيين العزل وكلها امور مجرمة دوليا ، يحاصر قطاع غزة ويدمر منازلها وبنيتها التحتية ويمنع دخول الدواء والماء والغذاء والوقود وكلها جرائم حرب ، وهو يعرف انها كذلك ، فما الذي سيمنعه اذا ما توترت العلاقة مع دولتنا ان يقطع عنا الغاز والماء وهما عصبان مهمان للحياة ؟!! لذلك علينا ان نراجع ربطنا بهذا الكيان العنصري الذي لا يراعي إلا ولا ذمة وينقض العهود والمواثيق دون ان يرتد اليه طرفه ، هو يركن ويرتكز في نهجه هذا على الدعم الغربي غير المشروط ، ونحن بذلك نكون الطرف المتضرر الوحيد في هذه العلاقة غير المتكافئة مع عدو مجرم و جبان ..
الغاء هاتين الاتفاقيتين ضرورة وطنية ملحة و خطوة مبدئية مهمة ، فلا يجوز ان نقترف خطأ جسيما بهذا الحجم .. ازمة غزة كاشفة ، وعلينا ان نستفيد من درس غزة ، ونراجع حساباتنا كلها وفقا لهذه التجربة المريرة .. العدو الصهيوني لم يحترم اتفاقية وادي عربة ، وعلينا ان نعتبر من هذا ايضا ، العدو الصهيوني لم يحترم وصايتنا على المقدسات ، واستمر مستوطنوه بانتهاك حرمة المقدسات الاسلامية و المسيحية بغطاء امني و سياسي رسمي دون ان يحترم ما وقع من اتفاقات ومعاهدات ، فعلام نراهن اذن؟!!
اذا لم نرد ان نلغي هذه الاتفاقيات مع الكيان المحتل من اجل غزة التي تباد ، التي تقصف بوحشية غير مسبوقة ، في عملية عسكرية مجنونة و جبانة تشارك بها دول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا ، فعلينا ان نلغيها لاسباب وطنية واستراتيجية اردنية .
لا نتوقع من حكومتنا اليوم اقل من ذلك ..
الارتهان للارادة الامريكية المنحازة بالمطلق الى ربيبتهم اسرائيل ، هذا الدمل العفن ، هذا الورم السرطاني في الاقليم ،ليس نهجا حصيفا ، و ذلك بعد ان تكشف تماهي الولايات المتحدة مع المشروع الصهيوني ، بعد ان تبين لنا بوضوح شديد انحيازها الكامل له .. علينا ان لا ننسى كيف تبنت الولايات المتحدة فور اندلاع الازمة في قطاع غزة ، مقترح التهجير دون ان تراعي مصالح دول الاقليم الحليفة لها ، دون ان تراعي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على ترابه الوطني ، وجاب وزير خارجيتها دول المنطقة لاقناعهم بهذه الخطوة ، فهل نحن متعظون ؟!!!