المقاطعة وتوفّر البديل!
كمال ميرزا
جو 24 :
من أكثر الحجج التي يسوقوها رافضو المقاطعة على مستوى الأفراد، عدم توفّر البدائل المناسبة أو ذات "الجودة" المكافئة للمنتجات والماركات المطلوب مقاطعتها.
ما يستدعي الدهشة أنّ حوالي نصف المنتجات والماركات التي ينبغي على الناس مقاطعتها هي مأكولات ومشروبات و"سناكات"، وغالبيتها تصنّف كمأكولات ومشروبات وسناكات غير صحية (Junk food).
ومقاطعة مثل هذه المنتجات والماركات لا تحتاج لبدائل أساسا حتى تكون هذه حجة رافضي المقاطعة أو منتقديها!
وفكرة أنّك لا تستطيع العيش دون همبرغر بعينه أو مياه غازية بعينها أو شوكولا بعينها.. هذا بحدّ ذاته مؤشر مدهش وخطير على مدى رخاوتك وهشاشتك وانعدام إرادتك وإحساسك بذاتك كإنسان حر إزاء عبوديتك لنمط عيش لا تستطيع التخلي عن أبسط مظاهره.
هناك أناس لا يجدون شربة ماء نظيفة.. في مقابل حضرة جنابك الذي لا تستطيع العيش دون "شوكولاطتك" المفضّلة!
والنسبة الأكبر من المنتجات والماركات المتبقية المطلوب مقاطعتها هي لـ "كماليات" و"رفاهيات"، بمعنى أنّك لن تموت أو تتوقف عن العيش إذا تخليت عنها، أو رضيت ببدائل قد تكون أقل جودة وشهرة منها.
بعيدا عن الغاية الوطنية أو السامية أو النبيلة وراء المقاطعة، مجرد عجزك عن "المقاطعة" ولو في حدّها الأدنى هو من حيث المبدأ مؤشر خطير في مدى تمتعك كفرد عصري وحداثي ومُواكِب بالأوهام التي يسوّقونها لك وتظن أنّك تتمتع به: ذات عاقلة مميزة ذات إرادة حرّة مستقلة!
أغلبية الناس بحاجة للمقاطعة ليس من أجل غزة أو أي قضية "كبرى" أخرى، هم بحاجة للمقاطعة من أجل أنفسهم!
شخص عاجز عن هزيمة وجبة سريعة أو علبة مياه غازية أو حبة شوكولا.. أي معنى يبقى لتبجحه الأجوف والغبي بـ "فردانيته" المزعومة!
رفضك للمقاطعة وانتقادك لها ليس مؤشرا على تفكيرك الحر وإرادتك المستقلة، بل هو تعبير عن مدى خضوعك وعبوديتك نفسيا وعقليا وجسديا لقمامة السوق وأتفه تفاهات نمط الحياة الاستهلاكي!