هي أجمل الكلمات لا...نظرة في ثقافة الإضراب
رانيا عثمان النمر
جو 24 :
ثقافة الإضراب تعتبر وسيلة سلمية كحق للتعبير ومكفولة بحكم القانون الأردني، حيث ورد حق الإضراب في قانون العمل في المواد ( 134-136) فنظم الشروط الواجب توفرها في الإضراب والعقوبات المقررة حال تخلفها. وقد جاء هذا التنظيم خاص بالقطاع الخاص اما القطاع العام فقد جاء التشريع الأردني بحظر الإضراب في المرافق العامة.
من هنا أقول أن الذي حصل هو أول وأقوى تمرين عملي للشعب الأردني (خلال الثلاثين عاما على أقل تقدير) فهي الإرادة الشعبية عندما تريد أن تقول الشعوب" لا" هي أجمل الكلمات لا. لكن حينما تمتلك أدواتها ومنها الوعي وهي كلمة جميلة جدا ايضا.
في الأردن تحديدا وخلال حقبة ليست ببعيدة كانت النقابات هي من تقود الشارع وتشكل رأي عام تجاه قضايانا الوطنية والأقليمية. الدرس والعبرة هنا ان معظم النقابات فقدت دورها المحوري منذ عقد ونصف تقريبا، وسقطت في امتحان حرب غزة تحديدا فلم يكن لها أي دور خاصة فيما يخص دورها الأساسي في الإضراب. فعادة من ينظم ويقود ويحشد الاضرابات في العالم هي النقابات.
إن النقابات الأردنية في معظمها سواء المهنية أو المستقلة او العاملة كما تسمى، قدمت اكبر دليل على هشاشتها وضعف رؤيتها وعدم قدرتها على التنسيق بينها، لا بل في الأردن هناك نقابات متناحرة ومنها معطلة تماما ومنها انشقاقات داخل نفس جسم النقابة.
إضافة أن للنقابات أدوار عديدة ومهمة ومنها حماية ودعم الوطن عبر تهيئة ظروف سليمة وصحية للعمل والانتاج والتنمية وإسناد الإقتصاد وديمومة دوران عجلته، وطبعا حماية حقوق منتسبيها، فلم تفلح في هذا ولا ذاك.
وكلمة حق لا ألقي بكل اللوم على النقابات خاصة في ظل غياب قيادات واعية وشجاعة وممكنة. لأن العديد من التدخلات الأمنية ساهمت في إضعافها.
اللافت في هذه التجربة أنه وبالصدفة توافق الموقف الرسمي الأردني المتقدم مع الموقف الشعبي .
لكن الأنظمة ليست بهذه السذاجة والبساطة فقد أحرز الشعب هدف ولكن اعتبرها بلغة كرة القدم " تسلل" وتتمنى إلغاؤة لكي لا يصحى المارد الشعبي ويقول لا، وتصبح بدعة من وجهة نظره تعرقله في كثير من المفاصل لا بل وتتحدى إرادته المنفردة، خاصة أنها فرضت ارادتها على النقابات واعتبرت فكرة الإضراب مسيطر عليها لكنها في الوقت ذاته سنة حميدة بالنسبة للشعب ومعطى جديد وأداة جديدة لا تحبذ الحكومات وجودها.
نقطة أخرى ردا على الطارئين على المشهد الغزي، بالتذرع بأن يستبدل الإضراب بفكرة يوم عمل نتبرع به لصالح أهل غزة، أقول لو تصحى من غيبوبتك لأن مسألة تحويل الأموال النقدية لغزة صعب ومقيد ومحظور ومراقب مما قل منه أو كثر.