jo24_banner
jo24_banner

حقٌ يراد به باطل!

كمال ميرزا
جو 24 :
 
أهالي غزّة يتعرضون لجرائم حرب وظروف عيش كارثية منذ اليوم الأول لحرب الإبادة والتهجير الصهيونية.

وهذه الجرائم أخذت منحى تصاعديا مع مرور الأيام، يوازيها انهيار في الواقع المعيشي والتدمير الممنهج لأبسط مقوّمات الحياة، واستخدام المعونات والمساعدات الإنسانية أداة للحرب وورقة للضغط والابتزاز والتنكيل.

ومع هذا يشعر المرء أنّ هناك في اليومين الأخيرين تركيزا "مبالغا فيه" من قبل المنظمّات الأممية ووسائل الإعلام والسوشال ميديا على نقل وتصوير معاناة أهالي غزّة، والوضع الكارثي الذي يواجهونه من ناحية المأكل والمشرب والمأوى والعلاج.

الكلام هنا دقيق، المبالغة هي في "التركيز" الدعائي والإعلامي في الحديث عن المعاناة ونقلها قياسا بما سبق، وليس في ذات المعاناة التي هي مهولة وفادحة وكارثية وإجرامية ومدانة منذ اليوم الأول.

هذا التركيز للغرابة يأتي متزامنا مع الحديث حول المفاوضات بخصوص صفقة جديدة لتبادل الأسرى، ورفض "المقاومة" القاطع أي تفاوض تحت النار، أو دون الوقف التام للعدوان الصهيوني، وليس مجرد هدنة مؤقتة كما في المرة السابقة يعود بعدها الكيان الصهيوني إلى استئناف مسلسل قصفه وتدميره بعد أن يكون قد لملم نفسه وأعاد شحذ ماكينة وحشيته وإجرامه!

وكأنّ المقصود من هذا التركيز الأممي والإعلامي على "المعاناة" أن يكون ورقة ضغط إضافية على المقاومة، ومحاولة استعداء الناس عليها وعلى قياداتها، من منطلق ها هي "إسرائيل" تبادر وتمدّ يدها وتعرض هدنة إنسانية بـ "شروط محسّنة" قياسا بالهدنة السابقة، ولكن "المقاومة" هي التي تعاند وتتعنّت، و"مش فارقة معها" معاناة الناس وعذاباتهم، ولا تريد التخفيف والتهوين منها.

المنظمات الأممية التي كانت في مراحل كثيرة خلال الـ (75) الماضية أشبه بـ "الرافعة إديها"، وتتذرّع بالعجز وانعدام الحيلة، وتتحدّث بتحفّظ واستحياء وحياد وقح وموضوعية كذّابة إزاء الموبقات الصهيونية التي تُقترف.. نراها الآن قد "قوي عصها" في الحديث عن الكارثة الإنسانية في غزّة والتحذير منها (أيضا دون توجيه إدانة صريحة للكيان وجرائمه).

سبب الكارثة الإنسانية في غزّة هو إجرام الكيان الصهيوني وحرب الإبادة والتهجير التي يشنّها، والسبيل الوحيد لوقف هذه الكارثة هو الوقف الفوري لجرائم الكيان ومخططاته، ومحاولة كفّ يده أو حتى الضرب عليها في حال رفضه وتعنّته.. وما دون ذلك فهو محاباة للمجرم على حساب الضحية، وحق يراد به باطل، وإنسانية لا إنسانية من قبل منظمات إنسانية!
تابعو الأردن 24 على google news