jo24_banner
jo24_banner

السقوط المدوي للمنظومة القانونية والقيمية في الغرب.. الاثار الكارثية للمشاركة في حرب الابادة على غزة

باسل العكور
جو 24 :


كتب باسل العكور - اختار الغرب المتحضر (..) في ازمة غزة ان يتنازل عن المنظومة القانونية والقيمية والاخلاقية التي ادعى لعقود خلت بانه يجسدها و يمثلها ويدافع عنها ، هذا التنازل الاضطراري او الطوعي نسف تماما المرجعيات المعيارية التي كان الغرب ومختلف مؤسساته الرسمية وغير الرسمية يتشدق بانه راعيها ووكيلها الحصري .

وهنا - والحالة بهذا البؤس - علينا ان نسأل : ما هي المعايير الجديدة التي ستحكم وتضبط سلوك هذه الدول مع المجتمع الدولي من جهة ، ومع مواطنيها من جهة اخرى ؟

اذا كان الاعتداء على حقوق الانسان الفلسطيني ، على حقوق الطفل والمرأة ، يمكن التغاضي عنه في هذه الازمة ، فما الذي سيكفل التزام هذه الدول بهذه الحقوق في علاقاتها الدولية او في مجتمعاتها ايضا ؟ التنازل عن المنظومة القيمية في حالة غزة يشي بأن التزامهم بها ليس حقيقيا، وان حكومات هذه الدول لا تجد غضاضة في التنازل عنها اذا ما اضطرت الى ذلك ، وهذا بحد ذاته خطير للغاية ، فليس ممكنا ان تؤمن بالقيمة ونقيضها بنفس الوقت .

اذا كان الانحياز الاعلامي الفاضح لدولة الاحتلال مقبولا من الناحية المبدئية لديهم ، فكيف سيكون واقع حال وسائل اعلامهم بعد هذه الازمة وقد تنازل العاملون بها جميعا عن مبادئ المهنة واخلاقياتها وميثاق شرفها ؟

ولغايات توضيح الدلالات الخطيرة لهذه المواقف المزدوجة المتضاربة ، ولتقديم امثلة على بوادر السقوط المعياري ، دعونا نستحضر قصة تلك السيدة البريطانية التي تم تفتيش منزلها واقتيادها امام اطفالها الى المركز الامني لانها فقط نشرت تعليقا مؤيدا لغزة على السوشال ميديا ، دعونا نتذكر كيف قامت قوات الامن في كل من باريس وبرلين في منع المسيرات و سحل المتظاهرين المؤدين لغزة، وهناك امثلة ايضا لصحفيين تم فصلهم من وظائفهم لا لشىء الا لانهم خالفوا موقف مؤسساتهم الصحفية المنحازة ، وكذلك موظفين في مؤسسات مجتمع مدني المانية قامت بمنع موظفيها من التعبير عن رأيهم في الاردن وغيرها ، وهذا انسحب على سفارات غربية حذرت من اتخاذ موقف معاد لحليفتهم اسرائيل ، وكل هذه انتهاكات جسيمة لحقوق اصلية كان الغرب يؤكد انه يكفلها لجميع مواطنيه، وتبين عكس ذلك .

ماذا لو انتهكت حقوق او حريات شخص او مجموعة اشخاص في تلك الدول المتمدنة، فما هي ضمانات كفالة هذه الحقوق ومحاسبة منتهكيها ، طبعا لا ضمانات ، ماذا لو تعرضت احدى العاملات في واحدة من الدوائر الرسمية الغربية او حتى الدبلوماسية(..) لتحرش من قبل احد زملائها الذكور ، وقامت هذه الموظفة بتقديم شكوى بحق المتحرش ، فما هي ضمانات المعالجة القانونية العادلة لهذه الواقعة ، طبعا لا يوجد اي ضمانة ، فلقد تخلى الغرب عن مرجعيته الاخلاقية والقيمية تماما ، واستعاض عن ذلك بمواقف واجراءات وقرارات ضربت بنيته القانونية والقيمية بشكل كلي .

الامثلة والافتراضات اعلاه كلها وقعت فعلا ، حكومات الغرب غضت الطرف عمليا عن تلك التجاوزات ، وحتما هناك مئات الامثلة الاخرى التي تكشف انهيارا قيميا شاملا بدأ يطفو على السطح ويلمس الناس اثره يوميا ، وهذا امر في غاية الخطورة .

العالم يتغير او للدقة يتداعى اخلاقيا ويستحيل نظامه الى فوضى عارمة.. ان مشاهدة حرب الابادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني وحلفاؤه الغربيون ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية على الهواء مباشرة ، ليس امرا يمكن تجاوزه او احتواء نتائجه ..

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news