الصمت الرسمي العربي على جرائم الاحتلال قبول ضمني بتهجير الغزيين
باسل العكور
اكدت الامم المتحدة في تقرير صدر عنها بالامس ،ان كمية الأغذية التي تدخل قطاع غزة تعادل ١٠٪ فقط من احتياجات السكان .
التقرير الاممي الذي يرصد مستويات الجوع في العالم افاد بآن غزة على شفير المجاعة ، وهي حسب التقرير النسبة الاكبر عالميا لاشخاص يواجهون مستويات عالية من انعدام الامن الغذائي .
هذا التقرير الاممي الذي تناول بمنتهى الموضوعية حجم المعاناة الانسانية في قطاع غزة ، كشف ما هو اخطر من المعاناة والمجاعة ، فلقد كشف عجز هذه المنظمة الدولية عن الاضطلاع بدورها الانساني ، الى جانب فشلها الذريع في القيام بدورها الاساسي في حفظ الامن والسلم الدوليين و انفاذ القانون الدولي الانساني .
اذا ، العالم بدوله ومنظماته يشارك في حصار غزة وتجويع اهلها ،العالم العربي والاسلامي يشارك في حرب التجويع الصهيونية على سكان قطاع غزة المحاصر ، والا كيف يمكن ان نفسر هذا الصمت وهذا الاستسلام لارادة العدو ومحدداته في ادارة المعركة ؟
العرب لوحدهم قادرون على كسر الحصار اذا توفرت الارادة السياسية ، هذه حقيقة ، ولذلك لا بد ان نفكر مليا في الاسباب التي تمنعهم من التدخل ، تمنعهم من فتح المعابر وادخال المساعدات، ما الذي يمنع تنفيذ مقررات قمة الرياض؟!!
تجويع الابرياء تحول في هذه الحرب الى غاية بحد ذاته ، وهذا نهج بالضرورة يخدم هدفا مهما في هذه الحرب ، والهدف المباشر الذي يدركه القاصي والداني هو تحويل حياة الابرياء في غزة الى جحيم مقيم ، فمن لم يمت بالقصف مات بغيره ، مات من الجوع ونقص في مقومات الحياة الاساسية من ماء ودواء ووقود في الخيام البالية التي يقيمون بها ، والتي لا تقي اجسادهم الغضة برد الشتاء القارص ..
حرب التجويع غير الاخلاقية هذه لم تستخدم بهذه الخسة واللؤم من قبل في اي معركة عرفها تاريخ البشرية ، ولذلك نؤكد اننا مقبلون على كارثة انسانية ، وهذا ما يسعى له العدو الصهيوني،ليكون التهجير هو الخيار العملي الوحيد لانهاء هذه المعاناة الانسانية الاخذة بالتفاقم ، الصمت العربي الرسمي على تجويع اهلنا في غزة الا يعتبر - والحالة هذه - تواطؤا وقبولا بهذا المشروع الصهيو - امريكي ولو اكدت هذه الانظمة غير ذلك في تصريحاتها العلنية ؟!!
حرب الابادة الجماعية مقدمة للتهجير ، التجويع مقدمة للهجرة، هدم البيوت والبنية التحية والمرافق العامة مقدمة للتهجير ، ترويع السكان وقتل الاطفال والنساء بمنتهى الوحشية والقصدية مقدمة للتهجير ، منع دخول المساعدات الانسانية من غذاء وماء ودواء ووقود مقدمة للتهجير ، اخراج القطاع الصحي من الخدمة مقدمة للتهجير ، وبعد كل هذا يقولون اننا لن نسمح بالتهجير ونعتبره خطا احمرا ؟!!!
الانظمة العربية لم تكفل -ولو بالحدود الدنيا- ثبات الغزيين على ارضهم ، لم تساهم في التخفيف من معاناتهم الانسانية ، لم تنصر المقاومين ، لم تمنع قتل الآمنيين ، وبعد كل هذا تقول انها لن تسمح بالتهجير ، مواقف انظمتنا من هذه الحرب الكاشفة مثيرة للريبة والقلق ..