قرار العدل الدولية .. يا طالب الدبس
كمال ميرزا
جو 24 :
قرار محكمة العدل الدولية قد قام عمليا بدلق ماء بارد على "قفا" المتفائلين!
متى كانت الشرعية الدولية والقانون الدولي والمؤسسات الأممية مصمّمة لإنصاف العرب والمسلمين والشعوب المضطهدة والفقيرة؟!
هذه المنظومة برمّتها أنشأتها القوى الاستعمارية لتحتفظ بهيمنتها وتخدم مصالحها في مرحلة الاستعمار الجديد، أو الاستعمار غير المباشر، التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
قرار المحكمة هو فصل جديد من فصول شراء الوقت بدماء الفلسطينيين، وهو أيضا فصل جديد من فصول حرف الأنظار، وحصر ما يجري في غزّة في إطار الوضع الإنساني والجهود الإغاثية بمعزل عن ثيمة ومخطط الإبادة والتهجير.
"إسرائيل" بموجب نص القرار هي الخصم والحكم!
"إسرائيل" هي التي ينبغي عليها أن تتخذ الإجراءات لمنع الإبادة الجماعية..
"إسرائيل" هي التي ستتخذ التدابير لتحسين الوضع الإنساني ومنع التدمير في غزّة..
"إسرائيل" هي التي ستضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحّة في قطاع غزّة..
"إسرائيل" هي التي ستتأكّد أنّ جيشها لا يرتكب انتهاكات إنسانية..
"إسرائيل" هي التي ستضمن منع التحريض المباشر على الإبادة الجماعية..
إذا كانت "إسرائيل" هي الطرف المتهم باقتراف جميع الأفعال المذكورة أعلاه، فكيف تناط بها مسؤولية ضمان عدم القيام بجميع هذه الأفعال؟!
ذروة السخرية في قرار المحكمة منح "إسرائيل" مهلة شهر من أجل رفع تقرير حول جميع التدابير التي يُفترض أن تكون قد اتخذتها لمنع الإبادة الجماعية!
هل تضمن المحكمة عدم الانتهاء من القضاء التام على أهالي غزّة أو تهجيرهم بشكل كامل قبل انقضاء مهلة الشهر هذه؟!
أمّا "الخازوق" الذي تضمنته ديباجة قرار المحكمة إزاء التدابير المطلوبة، والذي تطنشه وتتغافل عنه غالبية التغطيات الصحفية العربية، فهو إعراب المحكمة عن قلقها إزاء أسرى الكيان الصهيوني لدى المقاومة الفلسطينية ودعوتها للإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، وهذا هو المطلب المباشر والصريح والمحدّد الوحيد الذي تضمنه منطوق قرار المحكمة!
والحمد لله أنّ قرار المحكمة قد توقّف عند هذا الحد، ولم يعتبر أفعال المقاومة يوم (7) أكتوبر جرائم حرب هي الأخرى.. وإلّا لكان الخازوق ثلاثيا!
من باب الفضول، هل ما يزال أولئك الذين جرفهم الحماس للترافع ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية متمسّكين برغبتهم هذه؟!
"حط بالخُرج"؛ هذا هو الوصف الدقيق لجميع قرارات ما يسمّى "الشرعية الدولية" بخصوص فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني منذ سنة 1945 (تأسيس الأمم المتحدة) ولغاية الآن، والقرار الجديد ليس استثناءً في هذا السياق!