سيرة الطغيان!
كمال ميرزا
جو 24 :
في قصة "موسى" الذي نحن أولى به ممن ادّعوه لأنفسهم وقد نقضوا ميثاقه، يقول ربّ العزّة لنبيّه: "اذهب إلى فرعون إنّه طغى".
في علاقة السيد بالعبد، يُجنّ جنون السيد إذا قال العبد (لا)، بغض النظر عن فحوى أو مضمون هذه الـ (لا)؛ فالمبدأ بحدّ ذاته مرفوض، فكرة أن يقولها العبد "المهين ولا يكاد يُبين" مرفوضة، وتعتبر ضربا من الكفر البواح والهرطقة!
عندما تكون هذه الـ (لا) إزاء أمر صدر من السيد، يكون جنون السيد ضعفا.. ولكن عندما تكون هذه الـ (لا) إزاء ما يظنّه السيد فضلا أو منّة أو تنازلا يزجيه لعبده، يكون جنون السيد أضعافا مضاعفة!
سيجنّون جنونا مضاعفا لأنّ العبد تجرّأ واعتبر نفسه ندّا وقال (لا)، وسيتكالبون عليه، وسيئلّبون ضدّه بقيه العبيد المخلصين، وحيف العبد على العبد أعتى وأشدّ من حيف السيد على العبد.
هذه سيرة "الطغيان" منذ بدء الخليقة، طغيان الإنسان الذي يطغى "أن رآه استغنى".
ولكنّ سنّة الله في خلقه تعلّمنا أيضا أنّ اللحظة التي يمتلئ فيها الطاغية تماما بطغيانه، اللحظة التي يقول فيها مقتنعا وصادقا ومخلصا "أنا ربّكم الأعلى".. هي اللحظة التي تسبق انهياره بصورة تُدهش حتى الكافرين بهذا الطاغية!
"ولن تجد لسنة الله تبديلا"..
"ولن تجد لسنة الله تحويلا"..