في (1) إبريل: تعالوا نهتف للأنظمة العربية!
كمال ميرزا
جو 24 :
الأنظمة العربية، خاصة ما تسمّى أنظمة "الاعتدال العربي"، هي أنظمة تقدّميّة، تتسابق في تقليد ومحاكاة و"شراء" كلّ ما هو عصري وحضاري لشعوبها، وتؤمن بحرية الرأي والتعبير، وآخر مُرادها - لا سمح الله - أن تُكمم أفواه الناس أو تقيّد حريتهم أو تسلبهم حقوقهم المكفولة!
ولكن يبدو أن ما يجعل بعض هذه الأنظمة، تستاء بعض الشيء، هو طبيعة بعض الهتافات، التي يصرّ بعض المتظاهرين، على ترديدها بعض الأحيان!
بصدق، هل يُعقل أن يدير المتظاهرون "الجاحدون" ظهورهم للقادة والزعماء "الشرعيين"، ويهتفوا باسم قادة ورموز المقاومة؟!
ألهذا السبب مثلا تصرّ الأنظمة العربية لغاية الآن على عدم الاعتراف بفصائل المقاومة الفلسطينية كحرّكات تحرّر وطني شرعيّة.. حتى لا يصبح الهتاف لها أمرا مشروعا؟!
ولكن لماذا تعتبر الأنظمة العربية الهتاف للمقاومة ورموزها أمراً موجّها ضدّها؟! هذه مسألة وهذه مسألة؛ يستطيع المرء أن يهتف للمقاومة ويؤيّدها، وفي نفس الوقت يبقى على ولائه وانتمائه لوطنه!
لماذا التعامل بصيغة إمّا - أو؟!
الحالة الوحيدة التي يستقيم فيها اعتبار الهتاف للمقاومة ورموزها موجّها ضد الأنظمة وقادتها وزعمائها.. هي عندما تكون الأنظمة والقادة والزعماء أنفسهم يعتبرون المقاومة عدوّا أو خصما لهم!
ثم لماذا التشكيك بولاء وانتماء مَن يهتفون للمقاومة؟ إنّ ولاء وانتماء أشخاص يمتلكون ما يكفي من الوعي والتمييز والوازع لأن يكونوا مؤيدين للمقاومة بملء إرادتهم.. هما ولاء وانتماء يعوّل عليهما أكثر من ولاء وانتماء "السحّيجة" أو "المؤلّفة قلوبهم" الذين يعتبرون ولاءهم وانتماءهم "ورقة" أو "فرصة" أو "سلعة"، أو الموالين والمنتمين بحكم الوظيفة والراتب!
ومع هذا فالقادة والزعماء العرب محقّون، فأنا نفسي لو كنتُ قائدا أو زعيما لما أحببتُ أن يهتف الناس لأحد سواي، وسآخذ مثل هذا السلوك على محمل شخصي!
وكما يقول "ابن خلدون" فإنّ من بين طبائع المُلك الكثيرة (اذهبوا واقرأوها) الانفراد بالمجد، فما بالنا عندما يكون الحديث عن قيادات وزعامات هم أساسا أصحاب أمجاد تليدة وإنجازات عريضة.. خاصة عندما يتعلّق الأمر بفلسطين ونُصرة القضية!
لذا، ومن باب طاعة أولياء الأمر، ولسدّ الذرائع ودرء الفتن، تعالوا نهتف للزعماء العرب باعتبارهم أصحاب الشرعية والولاية بدلا من الهتاف لغيرهم أو الهتاف ضدّهم.
طبعا نحن لا نستطيع هنا تخصيص كلّ قائد أو زعيم عربيّ باسمه، لذا سنكتفي بإيراد بعض المقترحات كنوع من الهتافات القياسيّة أو النماذج الجاهزة (template)، ويستطيع كل مواطن عربي فيما بعد وضع اسم القائد أو الزعيم الذي يحبّذه تبعا لتفضيلاته الشخصية:
يا فلان ابن فلان
يا قاهر الأمريكان
يا ميم ويا نون
يا قاهر بني صهيون
يا صاد ويا سين
حرّر حرّر فلسطين
يا خاء ويا عين
حرّر أولى القبلتين
يا إكس ويا واي
يا أجدع من لاهاي
وما ينطبق على الهتافات ينطبق على الدعاء، تعالوا ندعو للقادة والزعماء بدلا من الدعاء عليهم، وهنا الحرية متروكة لكلّ شخص من أجل انتقاء صيغة الدعاء التي يفضّلها باعتبار أنّ الدعاء هي علاقة مباشرة بين العبد وربّه ولا يجوز أن يتدخّل بها الآخرون!
طبعا هناك حلّ آخر أبسط وأسهل وأسرع بدلا من كلّ هذا؛ فليفعل القادة والزعماء العرب فعل المقاومة، وليأتوا ببطولاتها ومآثرها.. وعندها ستبادر الجماهير العربية العريضة من تلقاء نفسها للهتاف لهم ولجيوشهم وأجهزة أمنهم الجرّارة ليل نهار، وسيفدونهم حقّاً بالروح والدم، وسيردّدون "يعيش" بصدق وإخلاص، وسيسيرون وراءهم حتى آخر الدنيا!
يُفترض أنّ الشخص الذي تُملي عليه وطنيته معاداة إيران مرّة بسبب مشروعها التوسّعي المزعوم في المنطقة.. أن يعادي أميركا والكيان الصهيوني مرّتين وثلاثاً وأربعاً بسبب مشروعهما القائم والماثل جهاراً ونهاراً، و"تفحيجتهما" الممتدّة والمتواصلة على المنطقة ودولها وقرارها وثرواتها!
أمّا أن يتخذ البعض العداء لإيران حجّة وذريعة للارتماء في الحضن الصهيو-أميركي، والتواطؤ معه، أو السكوت عن جرائمه ومخططات الإبادة والتهجير والتفتيت والهيمنة التي ينفّذها، وإدارة الظهر لغزّة وفلسطين والمقاومة.. فذلك عُهر وليس وطنية!