jo24_banner
jo24_banner

الديمقراطية ليست انتخابات فقط.. نقاشات وآراء قبيل الانتخابات النيابية 2024

د. رامي عياصرة
جو 24 :


أيام قليلة تفصلنا عن إجراء الانتخابات النيابية 2024 لإنتاج مجلس نواب جديد، الغرفة الأولى المنتخبة من سلطة التشريع، وبعدها يتم إعادة تشكيل الغرفة الثانية المعيّنة بارادة ملكية وهي مجلس الأعيان الذي بدوره يتكون من نصف عدد أعضاء مجلس النواب . كما أنه من المتوقع أن يتم تشكيل حكومة جديدة بعد إجراء الانتخابات .
هذا يعني أن الدولة الأردنية ذاهبة من خلال هذه الاستحقاقات الدستورية باتجاه تجديد نخبها السياسية التنفيذية والتشريعية وهو أمرٌ مهمٌ وله ضرورة في إنفاذ تلك الاستحقاقات في مواقتها المحددة .

ولكن إجراء هذه الاستحقاقات الدستورية على أهميتها لا يعني بالضرورة نجاح العملية السياسية أو انجاز الديمقراطية الأردنية بشكلها المتكامل. فالديمقراطية أعم وأوسع من مجرد إجراء عملية انتخابات نيابية وإعادة تشكيل حكومات، هناك بنية أساسية للعملية الديمقراطية تمثل المتطلبات المسبقة لإجراء أي انتخابات ناجحة تشكل إضافة حقيقية، وتسبق وتلحق صياغة قوانين انتخاب وأحزاب والمتمثلة في الحالة العامة للحقوق والحريات، وسقوف تلك الحريات ، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير والحريات الصحفية والإعلامية، وفتح الفضاء العام بحيث يكون مريح للناس ويشعرون فيه بالطمأنينة ، بالاضافة لطبيعة علاقة المواطن بالدولة اقتصاديا وقانونيا، ومدى تكريس مبدأ سيادة القانون و تحقق العدالة الاجتماعية بالقدر الكافي لبناء جسور الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة الدستورية والقانونية.

فقدان الثقة يولد حالة من اليأس التي بدورها تولد حالة العزوف التي نشهدها وترك الجمل بما حمل.
كثرة الممارسات القمعية والعرفية تؤدي الى حالة من اللايقين بالمستقبل، التوقيف الإداري والتوسع فيه سواء في القضايا المجتمعية أم بالأمور التي تخص المعارضين السياسيين بما يرجعنا الى مرحلة الأحكام العرفية في ثمانينات القرن الماضي وإن جاءت في مرحلة تحديث سياسي واقتصادي .
قانون الجرائم الإلكترونية الذي هو قانون غاضب بنصه ومضمونه بدأت تتكشف النوايا الحقيقية من الإصرار على تمريره بهذا الشكل وهو اصطياد أي معارض للسياسات الرسمية وقراراتها وحتى أشخاصها وإعطائهم نوعا من الحصانة ضد المعارضة و النقد التي يمكن من خلال نصوصه أن تحوّل الى تهم تترجم الى عقوبات بالحبس والغرامة العالية القيمة.

التدخلات المستمرة في رسم محددات العملية الانتخابية والإصرار على هندسة العملية السياسية وضبط مخرجاتها ضمن عقليّة الوصاية وحرّاس المعبد وادعاء الحرص على المصلحة العامة، وتشخيص مصلحة المواطن أكثر من نفسه حتى !!

التعديلات الدستورية الأخيرة بالرغم من التحفظ عليها إلا أنها مرّت وأقرّت ، وضمنت القوة الصلبة في الدولة الأردنية خارج التنافس والاستقطاب الحزبي وتبعها بعض المؤسسات المدنية الأخرى، بعد ذلك ما مبررات التخوف من إطلاق الحريات العامة ورفع سقف التعبير عن الرأي ليكون سقفها السماء، وترك الساحة السياسية لتفرز أحزابها ونخبها بحرية، وتشكل مؤسسات المجتمع المدني بحرية لتولد الولادة الطبيعية بدلاً من أن تمر من أنابيب ومسارات وخطوط انتاج محددة ومخصصة لتَخْرج معلّبة بطريقة معينة؟!!

نعم، الديمقراطية ليست إجراء إنتخابات فقط ، هذا شكل ينقصه مضمون، وهو إطار يحتاج الى محتوى .
الانتخابات البرلمانية الناجحة ذات المشاركة الشعبية تأتي كنتيجة تتوج نجاح العملية السياسية بكل مقدماتها وعناصرها ومفرداتها، وتشكل بمجملها مُدخلات تؤدي الى نتائج ومُخرجات ، وتوقِف هرم العملية السياسية على قاعدته بدلاً من وقوفه على رأسه بطريقة الهرم المقلوب.

نحن بحاجة الى مفاهيم سياسية شاملة في التنظير والتطبيق لإنجاح مرحلة العبور بالدولة الأردنية الى المستقبل وسيرها في بداية المئوية الثانية.
والمسألة ذات الأهمية لتوفير ضمان تحقيق كل ذلك لابدّ من أن يتولى صياغة المرحلة وقيادتها رجال دولة إصلاحيون يؤمنون بالديمقراطية ويعملون على تحقيقها ، فلا إصلاح من غير إصلاحيين، ولنتأكد يقينا أننا لن نجني يوماً من الشوك العنب.


كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير