السياسات المتوقعة لإدارة ترامب تجاه فلسطين وإسرائيل وإيران
جو 24 :
كتب - كابتن اسامه شقمان - مع تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة الأمريكية في 20 يناير 2024، تتجه الأنظار إلى سياساته الخارجية والداخلية وسط سياق عالمي متغير. إدارة ترامب الثانية يتوقع أن تبني على شعاراته الشعبوية ووعوده بإعادة "عظمة أمريكا"، مع التركيز على سياسات "أمريكا أولاً" التي تتطلب إعادة تشكيل التحالفات الدولية.
فلسطين وإسرائيل
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، من المتوقع أن تشهد السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي تحولات جذرية تستند إلى دعم غير محدود لإسرائيل، وهو النهج الذي ميّز ولايته الأولى. بالنظر إلى فريق العمل المحتمل في إدارته، وخاصة في وزارتي الخارجية والدفاع، قد تتخذ السياسات طابعاً أكثر حدة تجاه الفلسطينيين.
وزارة الخارجية
من المتوقع أن تكون وزارة الخارجية بقيادة ماركو روبيو شخصية متشددة تعزز التوجه الموالي لإسرائيل، مع استمرارية دعم الاتفاقيات الإبراهيمية وتوسيعها لتشمل دولاً عربية جديدة. ستعمل الإدارة على تقويض أي دعم دولي للفلسطينيين من خلال ضغوط دبلوماسية مكثفة، بالإضافة إلى محاولة تقليص دور الأمم المتحدة في القضايا الفلسطينية.
وزارة الدفاع
في وزارة الدفاع ، من المتوقع ان يكون المذيع في قناة فوكس نيوز، بيت هيغسيث، وهو يحمل أجندة تركز على تعزيز التفوق العسكري لإسرائيل في المنطقة. من المحتمل أن تشمل السياسات دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة أو الضفة الغربية، مع توفير غطاء أمريكي لأي إجراءات عسكرية واسعة النطاق.
وزارة كفاءة الحكومة
فيفيك راماسوامي، المعروف بتصريحاته التي تدعو إلى "مسح قطاع غزة عن الوجود"، وإمكانية إدخال شخصيات أخرى مثيرة للجدل مثل إيلون ماسك، ضمن خطة تستهدف "تعزيز كفاءة الحكومة"، يشير إلى تحول نوعي في النهج الأمريكي.
هذا النهج المتشدد سيؤدي إلى تعميق الخذلان في مواقف بعض الدول العربية التي قد تشعر بضغوط للتماشي مع السياسات الأمريكية أو لتجنب عواقب دعم الفلسطينيين. ومع ذلك، قد تواجه الإدارة تحديات من بعض الدول التي ترى في هذه السياسات تصعيداً غير مقبول يهدد الاستقرار الإقليمي.
القدس عاصمة لإسرائيل
خلال ولايته الأولى، أقدم ترامب على خطوة مثيرة للجدل عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها في 2018.
- من المتوقع أن يستمر ترامب في تكريس الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، مع تعزيز الجهود لتشجيع دول أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة.
- قد يدفع كذلك نحو مشاريع إسرائيلية جديدة في القدس الشرقية، مما يعمق تعقيد الوضع القانوني والسياسي للمدينة.
المستوطنات الإسرائيلية
خلال إدارته السابقة، اتخذ ترامب موقفاً غير مسبوق بدعم التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية. عبر وزير خارجيته مايك بومبيو، أعلنت الإدارة أن المستوطنات لم تعد "غير قانونية" بموجب القانون الدولي، في تناقض مع عقود من السياسات الأمريكية السابقة.
- التوسع الاستيطاني: من المتوقع أن تستمر إدارة ترامب الثانية في دعم المستوطنين الإسرائيليين، ربما عبر مزيد من التشريعات أو الدعم المالي لتعزيز وجودهم في الضفة الغربية.
•- إضفاء الشرعية على المستوطنات: سوف يُسهم السفير الأمريكي الجديد مايك هاكابي، على غرار السفير السابق ديفيد فريدمان، في دعم ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهو مسار تطرحه أحزاب إسرائيلية يمينية.
الضفة الغربية
- السيطرة الإسرائيلية:
سوف تستمر سياساته في تمكين إسرائيل من فرض سيطرتها على مناطق واسعة من الضفة الغربية، بما يشمل المنطقة (ج) الخاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية وفق اتفاقيات أوسلو.
- تقويض حل الدولتين:
من خلال تشجيع التوسع الاستيطاني والاعتراف بضم أراضٍ جديدة، سوف يتم إضعاف احتمالات إقامة دولة فلسطينية مستقبلية بشكل كبير، مما يعمق المأزق السياسي ويزيد من التوترات في المنطقة.
الدبلوماسية الإقليمية: التطبيع على حساب الفلسطينيين
اتفاقيات أبراهام
تُعد اتفاقيات أبراهام التي وقعتها إسرائيل مع دول عربية (الإمارات، البحرين، المغرب، والسودان) إحدى أهم إنجازات إدارة ترامب في الشرق الأوسط.
- تعزيز الاتفاقيات القائمة:
من المتوقع أن يسعى ترامب إلى تعزيز هذه الاتفاقيات اقتصاديًا ودبلوماسيًا، مع خلق مزيد من الفرص الاقتصادية والتجارية بين إسرائيل والدول الموقعة.
- ضم السعودية إلى التطبيع:
قد تتركز جهود ترامب المستقبلية على ضم السعودية إلى قائمة الدول المطبعة مع إسرائيل، وهو ما سيُعتبر إنجازًا كبيرًا يعزز مكانة إسرائيل الإقليمية.
- تداعيات التطبيع على الفلسطينيين:
استمرار نهج التطبيع مع تهميش الحقوق الفلسطينية سيزيد من عزلة القيادة الفلسطينية، مما يُضعف فرص أي مفاوضات جدية ويعمق الانقسام العربي حول القضية الفلسطينية.
السفير الأمريكي الجديد مايك هاكابي ودوره في رسم السياسة
أحد أبرز الشخصيات التي أثرت على سياسات إدارة ترامب تجاه إسرائيل وفلسطين كان السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان. و سوف يكون السفير الجديد مايك هاكابي من اهم سفير في دوله اسرائيل وهو شخص متشدد تجاه الحقوق الفلسطينية، ومنحاز لدولة الاحتلال الإسرائيلي ومؤيد لها السفيرهكابي يتمتع بسجل حافل من الخطاب المتشدد والمستفز في بعض الأحيان والمؤيد لإسرائيل، حيث صرح إن لإسرائيل حق المطالبة بالضفة الغربية، التي يشير إليها باسمها العبري والتوراتي يهودا والسامرة.
هكابي يرفض تسمية مستوطنات الضفة الغربية باسم «مستوطنات» ويصر على تسميتها مجتمعات أو أحياء. مايك هاكابي سوف يلعب دورًا محوريًا في اعادة صياغة "صفقة القرن"، وهي خطة ترامب للسلام التي قوبلت برفض فلسطيني واسع.
خطة ترامب للسلام، المعروفة بـ"صفقة القرن"، اقترحت دولة فلسطينية مفككة ومحدودة السيادة، مع بقاء القدس عاصمة لإسرائيل. سوف يوقفت ترامب تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بالإضافة إلى المساعدات الأمريكية المباشرة للسلطة الفلسطينية. واستمرار تهميش القيادة الفلسطينية وإضعاف قدرتها على المفاوضة.
ستظل إدارة ترامب، كما في ولايته الأولى، حليفًا قويًا لإسرائيل، وستواصل سياسات تعزز قوتها الإقليمية على حساب أي تقدم نحو تحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
إيران
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2024، من المتوقع أن تعكس سياسته تركيزاً كبيراً على إيران باعتبارها خصماً رئيسياً للولايات المتحدة في المنطقة. تستند هذه السياسة إلى سجل ترامب في ولايته الأولى، والتي اتسمت باتباع نهج متشدد تجاه طهران، تضمن الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة. والتي تضمنت فرض عقوبات اقتصادية شاملة، استهدفت قطاعات النفط والبنوك والصناعات الأساسية.
- من المتوقع أن تفرض إدارة ترامب عقوبات جديدة تستهدف الشركات والكيانات التي تتعامل مع إيران، حتى في المجالات الإنسانية.
- قد تشمل العقوبات محاولة عزل إيران بالكامل عن النظام المالي العالمي عبر الضغط على الدول الكبرى، مثل الصين والهند، للتوقف عن شراء النفط الإيراني.
تشديد الحصار الاقتصادي:
- من المحتمل أن تفرض إدارة ترامب حصارًا بحريًا أو بريًا جزئيًا، مما يهدف إلى منع إيران من تصدير النفط أو استيراد المواد الحيوية.
- قد تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري في الخليج العربي لضمان تنفيذ هذا الحصار.
تعزيز العقوبات على الحرس الثوري الإيراني:
- توسيع العقوبات ضد الحرس الثوري، الذي تم تصنيفه كمنظمة إرهابية خلال فترة ترامب الأولى، قد يكون أولوية.
- استهداف الشركات والأفراد المرتبطين به دوليًا قد يزيد من الضغوط الاقتصادية.
تكثيف التحالفات الإقليمية ضد إيران
سوف تتبنى الإدارة دعمًا أكبر لإسرائيل، بما في ذلك منحها مزيداً من القدرات العسكرية أو تطوير برامج مشتركة لتعزيز
الدفاعات ضد الصواريخ الإيرانية. مع دعم الولايات المتحدة، قد تتبنى إسرائيل استراتيجية أكثر عدوانية تجاه إيران، تشمل تنفيذ ضربات وقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
تعزيز العلاقات مع دول الخليج
إدارة ترامب السابقة أولت اهتمامًا خاصًا لدول الخليج، ووقعت اتفاقيات تسليح ضخمة مع السعودية والإمارات. وفي 2024-2028، من المرجح أن يتم تعزيز هذه العلاقات:
التحالفات الأمنية:
- إنشاء تحالف أمني خليجي-أمريكي يهدف إلى مواجهة التهديدات الإيرانية بشكل مشترك.
توسيع اتفاقيات التطبيع:
- دفع دول الخليج إلى توسيع التطبيع مع إسرائيل كجزء من جهود تحجيم نفوذ إيران الإقليمي.
الوجود العسكري الأمريكي:
- زيادة عدد القواعد العسكرية في الخليج أو تعزيز التواجد البحري لضمان حرية الملاحة في مضيق هرمز، خاصة مع تصاعد التهديدات الإيرانية بعرقلة الملاحة الدولية.
مواجهة البرنامج النووي الإيراني
خلال ولايته الأولى، انسحب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وأعاد فرض العقوبات لوقف طموحات إيران النووية.
نهج التصعيد:
- قد تلجأ إدارة ترامب إلى استراتيجية أكثر عدائية، تشمل فرض شروط أكثر صرامة للعودة إلى أي اتفاق نووي.
- على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتبني مراقبة صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية.
العمل العسكري كخيار:
- على الرغم من أن العمل العسكري قد يُعتبر الملاذ الأخير، إلا أن ترامب قد يهدد باستخدامه كوسيلة ضغط، وربما يتخذ خطوات فعلية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية إذا اقتربت إيران من تصنيع قنبلة نووية.
دعم المعارضة الإيرانية
إدارة ترامب الأولى أظهرت اهتمامًا بدعم المعارضة الإيرانية، سواء من خلال الخطاب أو المساعدات السرية.
تعزيز المعارضة الإيرانية:
دعم المنظمات المناهضة للنظام: تقديم دعم مالي وتقني للمنظمات المعارضة في الداخل والخارج، مثل منظمة "مجاهدي خلق".
الحرب السيبرانية: توجيه هجمات سيبرانية لتقويض البنية التحتية الإيرانية، بما في ذلك شبكات الطاقة والاتصالات، بهدف زيادة الضغط الداخلي على النظام.
من المتوقع أن تعكس سياسة ترامب تجاه إيران في ولايته الثانية مزيجاً من التصعيد العسكري والاقتصادي، مع تركيز على بناء تحالفات إقليمية لمواجهة النفوذ الإيراني. ومع ذلك، فإن هذا النهج قد يزيد من تعقيد المشهد في الشرق الأوسط، مع احتمال تصاعد المواجهات العسكرية وزعزعة الاستقرار الإقليمي، مما يضع العالم أمام تحديات جديدة لتحقيق التوازن بين الأمن والسلام.