jo24_banner
jo24_banner

أثر الحروب العربية الإسرائيلية على الحياة الاجتماعية في منطقة الصراع

النائب السابق د. بركات النمر العبادي
جو 24 :

 تعد الحروب العربية الإسرائيلية من أبرز النزاعات التي أثرت بشكل كبيروعميق على منطقة الشرق الأوسط منذ منتصف القرن العشرين. بدءًا من حرب 1948 وما تبعها من حروب وصراعات ، وقد أسفرت هذه الحروب عن تغييرات جذرية في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لشعوب المنطقة ، و في هذا البحث ، سنناقش الأثر الاجتماعي لهذه الحروب على السكان المحليين ، مع التركيز على مأساتالشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة ، واستعراض دور اللجوء ( النزوح) ، والاحتلال في تشكيل الحياة اليومية لهم .

المحاور الرئيسية

1- نظرة عامة على الحروب العربية الإسرائيلية وتأثيراتها الاجتماعية العامة

شهد الشرق الأوسط مجموعة من الحروب الكبرى التي تركت آثارًا عميقة ومأساوية على المجتمعات:

أ- حرب 1948 (النكبة):

  • أُعلن قيام دولة إسرائيل عام 1948 بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين ، مما أدى إلى تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني من أراضيهم ، وقد شُرّد الفلسطينيون قسرًا من قراهم ومدنهم ، وبدأوا حياتهم كلاجئين في الدول المجاورة ، كالاردن و لبنان و سوريا ومصر .
  • أدى ذلك إلى تغيير النسيج السكاني في فلسطين وإلى أزمة هوية دائمة للسكان اللاجئين.

ب- حرب 1967 (النكسة):

  • أدت الحرب إلى احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وسيناء المصرية.
  • نزح مئات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين، مما زاد من أزمة اللاجئين.
  • فرض الاحتلال قيودًا مشددة على الفلسطينيين ، مما أثر على حياتهم اليومية وأدى إلى تدهور العلاقات الاجتماعية داخل المجتمعات المحلية.

ج- حرب 1973 (حرب أكتوبر):

  • رغم أنها مثلت محاولة لاستعادة الأراضي المحتلة ، إلا أن الحروب المتتالية أضعفت الاقتصادات والمجتمعات العربية.
  • زادت هذه الحروب من مشاعر التحدي والمقاومة بين الفلسطينيين ، لكنها في الوقت نفسه عمقت معاناتهم الاجتماعية والنفسية.

د- النزاعات المتكررة:

  • استمرت المواجهات على شكل انتفاضات فلسطينية وصراعات مسلحة متكررة أثرت بشكل مباشر على البنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني و الشعوب العربية المجاورة خاصة في الاردن و سوريا و لبنان .
  • ساهمت هذه الصراعات في تصاعد التوترات الطائفية والعرقية في المنطقة.

2- أثر النزوح واللجوء على الحياة الاجتماعية الفلسطينية والعربية

أ- تهجير الفلسطينيين إثر نكبة 1948:

  • شُرّد أكثر من 700 ألف فلسطيني إلى الدول العربية المجاورة مثل الأردن، لبنان، وسوريا.
  • فقد اللاجئون ممتلكاتهم وهويتهم الوطنية ، وأصبحوا يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية، خاصة من وكالة الأونروا.

ب- الظروف الاجتماعية في مخيمات اللاجئين:

  • المخيمات الفلسطينية أصبحت بيئة بديلة للمجتمع الفلسطيني ، لكنها تفتقر للبنية التحتية الأساسية.
  • أدت ظروف الفقر والاكتظاظ إلى انتشار البطالة والأمراض الاجتماعية مثل الجريمة والانحراف و تعاطي المخدرات .
  • برزت المخيمات كرمز للشتات الفلسطيني ، لكنها عانت من تهميش سياسي واجتماعي في بعض الدول المستضيفة.

ج- الآثار النفسية والاجتماعية على الأسر الفلسطينية:

  • أدى فقدان الأمان إلى تصدع الروابط الأسرية والاجتماعية.
  • تحمل الأطفال والنساء العبء الأكبر من النزوح ، حيث عانى كثيرون منهم صدمات نفسية مزمنة بسبب فقدان منازلهم وعائلاتهم.
  • تشكلت أجيال جديدة ولدت في المخيمات ، حيث أصبحت مفاهيم النضال والمقاومة جزءًا أساسيًا من هويتهم الاجتماعية.

3- التأثيرات الاجتماعية على المجتمعات العربية المجاورة

أ – الأردن

استقبل الأردن أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين بعد نكبة 1948، حيث أصبح الفلسطينيون يشكلون نسبة كبيرة من سكان البلاد. أدى ذلك إلى تغيرات جذرية في التركيبة السكانية والبنية الاجتماعية . وعلى الرغم من منح اللاجئين الفلسطينيين الجنسية الأردنية في معظم الحالات ، إلا أن الفجوة بين المجتمعات المستضيفة والمجتمعات الفلسطينية ظلت واضحة داخل المخيمات ، مع شعور بعض اللاجئين بالعزلة الثقافية والاجتماعية. ويبقى حالهم افضل بكثير من باقي اللجئين في الدول المستضيفة الاخرى.

ب- لبنان: أصبحت المخيمات الفلسطينية في لبنان مركزًا للفقر والحرمان

§ما أثر سلبًا على العلاقة بين اللاجئين والمجتمعات اللبنانية.

  • تصاعد التوتر بين الفلسطينيين وبعض الفصائل اللبنانية خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، حيث شكل اللاجئون الفلسطينيون أحد محاور النزاع.
  • استمرت المخيمات في لعب دور مزدوج كرمز للصمود الفلسطيني ولكن أيضًا كمصدر للتوترات السياسية والاجتماعية.

ج- سوريا:

  • استضافت سوريا اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948، وتم منحهم حقوقًا معينة ، مثل الحق في العمل والتعليم ، دون منحهم الجنسية.
  • بالرغم من ذلك ، تأثرت أوضاع الفلسطينيين في سوريا بشدة مع اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، حيث تعرضت المخيمات لدمار كبير وأُجبر اللاجئون على النزوح مجددًا.

3- الاحتلال الإسرائيلي وأثره الاجتماعي داخل فلسطين

أ- مصادرة الأراضي وتدمير القرى:

  • دمرت إسرائيل مئات القرى الفلسطينية بعد حرب 1948، مما أدى إلى فقدان المجتمعات المحلية لأساسها الاجتماعي.
  • زادت سياسة الاستيطان من حدة التوتر بين الفلسطينيين والمستوطنين ، وأثرت على قدرة الفلسطينيين على العيش بحرية داخل أراضيهم.

ب- القيود على الحركة والحياة اليومية:

  • فرضت إسرائيل قيودًا شديدة على الحركة داخل الأراضي المحتلة ، مما أدى إلى عزل المجتمعات الفلسطينية عن بعضها البعض.
  • أثرت الحواجز العسكرية والجدار الفاصل على العلاقات الأسرية والاجتماعية ، حيث أصبح التنقل بين القرى والمدن صعبًا للغاية.

ج- الأثر النفسي على السكان:

  • الأطفال الفلسطينيون يعيشون في بيئة مليئة بالعنف و جرائم اسرائيل المتمثلة بالقتل الجماعي و العنف ضد الاطفال ، مما أدى إلى انتشار الصدمات النفسية والاكتئاب.
  • النساء الفلسطينيات تحملن عبء العيش في ظل الاحتلال ، حيث اضطررن إلى القيام بأدوار مزدوجة في غياب الرجال الذين تعرضوا للاعتقال أو القتل ، كما تعرضت النساء للقتل و التنكيل و الاعتقالات و السجن .

4- تأثير النزاع على الهوية والثقافة الاجتماعية

أ- بروز الهوية الوطنية الفلسطينية:

  • أعادت الحروب تشكيل الهوية الفلسطينية ، حيث أصبحت المقاومة جزءًا لا يتجزأ من الوعي الجماعي للفلسطينيين .
  • ارتبطت الهوية الفلسطينية في المخيمات ، بالفن، والأدب الذي وثق المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني.

ب- تغيّر القيم الاجتماعية:

  • تصاعد ثقافة المقاومة أثر على القيم الاجتماعية ، حيث أصبح النضال من أجل التحرير أولوية على حساب الجوانب الأخرى من الحياة.
  • عززت الحروب من مشاعر الوحدة في بعض الأوقات ، لكنها أدت أيضًا إلى انقسامات داخلية في أوقات أخرى، خاصة مع صعود الانقسامات السياسية بين الفصائل الفلسطينية.

5-دور الدعم الدولي والجهود الاجتماعية لإعادة بناء النسيج الاجتماعي

أ- دور الأونروا في دعم اللاجئين:

  • عملت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على توفير التعليم ، الرعاية الصحية، والمساعدات الغذائية للاجئين.
  • بالرغم من جهودها ، واجهت الأونروا انتقادات بسبب محدودية خدماتها وعدم قدرتها على تلبية جميع احتياجات اللاجئين.

ب- المبادرات الدولية والمحلية:

  • برامج الدعم النفسي والاجتماعي التي استهدفت الأطفال والنساء في المخيمات لتحسين ظروفهم.
  • الجهود المبذولة لتعزيز التماسك الاجتماعي من خلال مشاريع التنمية والتعليم.

ج- أهمية المصالحة الوطنية:

  • تعزز المصالحة بين الفصائل الفلسطينية التماسك الاجتماعي ، وتسهم في مواجهة التحديات الناتجة عن الاحتلال والحروب.
  • تظل الوحدة الوطنية خطوة أساسية لإعادة بناء النسيج الاجتماعي داخل الأراضي الفلسطينية. الخاتمة
  • أثرت الحروب العربية الإسرائيلية بشكل عميق و كبير على المجتمعات الفلسطينية والعربية ، حيث تركت آثارًا اجتماعية بعيدة المدى تمثلت بالاثار النفسية و الاجتماعية و الخوف والانعزال و احيانا الاصابة بالامراض النفسية المؤدية للجنون .
  • على الرغم من المآسي التي سببتها هذه الحروب ، إلا أن الهوية الفلسطينية والقيم الثقافية ظلت صامدة أمام كل التحديات.
  • يجب أن تتضافر الجهود الدولية والمحلية لدعم اللاجئين والمجتمعات المتضررة ، مع التركيز على تعزيز السلم والاستقرار في المنطقة.
  • العدوان الأممي على غزة و الضفة الغربية ولبنان وبقيادة إسرائيل يعتبر فصل جديد خارج اطار هذا المقال .

حمى الله الأردن من كل غائلة وحفظ أهله و مليكه وولي عهده الأمين .

د . بركات النمر المهيرات العبادي

 


كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير