jo24_banner
jo24_banner

يوسف الشبعان!

كمال ميرزا
جو 24 :


تحلّ مطلع آب/ أغسطس ذكرى رحيل الكاتب المصريّ الكبير "يوسف إدريس"..

يوسف إدريس هو ريّس ومعلّم وأسطة وشيخ كار و"بريمو" وقائد وزعيم كلّ مَن كتب القصة القصيرة في الوطن العربيّ!

قصص مثل "جمهوريّة فرحات" و"لغة الآي آي" و"سرّه الباتع" يجب أن تكون مقرّرات إلزامية يدرسها طلاب المدارس والجامعات.

غالبية مَن يُعتدُّ برأيهم في الوطن العربيّ من نقّاد (وما أكثر النقّاد وما أقلّ مَن يُعتدُّ برأيهم) يُجمعون على أنّ يوسف إدريس كان أكثر أبناء جيله من الكتّاب المصريّين استحقاقاً لجائزة نوبل في الآداب.. لولا السياسة!

يوسف إدريس كان يساريّاً، وبالنسبة لي هو مثال فوق العادة لما أسمّيه "اليساريّ الشبعان"، أو باللهجة الدارجة "عينه ملانة".. وذلك في مقابل "اليساريّين الجوعى" أصحاب "العيون الفارغة" (ومَن لفّ لفيفهم من قوميّين)، والذين هم أسوأ أنواع اليساريّين، بل من أسوأ نوعيات البشر عموماً!

غالبيتهم جوعى نقود ونساء، والفئة الأرخص منهم جوعى منابر وأضواء وسلطة!

في شبابه حمل يوسف إدريس السلاح وشارك في الثورة الجزائريّة.

الكتابة لدى يوسف إدريس لم تكن فعلاً ثوريّاً بذاتها، بل كانت فعل تثوير؛ بمعنى أنّها كتابة بهدف التحريض على الفعل الحقيقيّ، والحضّ عليه، والتمهيد له، وتأطيره، ومتى ما سنحت الفرصة وشاءت الظروف الانخراط فيه فعليّاً.. وذلك بخلاف الرافلين في نعيم "ثقافتهم الشفاهيّة" من "الأعراب" برغم ما أُنزل عليهم من "كتاب" أو استوردوه من كُتُب وإيديولوجيّات أو خطّته أيديهم، والذين ما يزالون يصرّون على اعتبار مجرد القول فعلاً ناجزاً مكتمل العناصر قائماً بذاته يستحقون نظيره الفضل ويعفيهم من المسؤوليّة!

انظر كيف ينصر "الأعراب" غزّة بالكلام، وتذكّر كم مرّة حرّروا فلسطين من قبل في القصائد والبيانات والمهرجانات الخطابيّة!

ظنّي لو كان يوسف إدريس على قيد الحياة، وأُتيح له السبيل، لكان قد حمل سلاحه، وانخرط في "الطوفان" كما انخرط من قبل في الثورة الجزائريّة.. ثورة المليون شهيد وليس المليون كاتب!

مرّة أخرى، يوسف إدريس يذكّرني بأحد أحبّ الأمثال الشعبيّة العربيّة إلى قلبي: ((الشبعان بده أربعين سنة تا يجوع.. والجوعان بده أربعين سنة تا يشبع))!

مرحى لـ "شبع" غزّة وفلسطين.. وبئساً لـ "جوع" الأعراب بكتّابهم ومثقّفيهم!

يقولون: ((لكلّ مولود من اسمه نصيب))، واسم يوسف إدريس يجمع بين اثنين من أنبياء الله تعالى: سيدنا "يوسف" عليه السلام، وسيدنا "إدريس" عليه السلام.

القاسمان المشتركان بين سيدنا "يوسف" وسيدنا "إدريس" بموجب النصّ القرآني هما: "النبوّة" و"الصدقيّة".. و"يوسف إدريس" هو أحد أنبياء القصّة القصيرة وصدّيقيها في الوطن العربيّ، شأنه في ذلك شأن "غسان كنفاني" الذي كتب "إدريس" مقدّمة مجلد أعماله القصصيّة.

سرّ "يوسف إدريس" و"غسّان كنفاني" أنّهما كانا شبعانَين.. هل أنتَ شبعان؟!

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير