تصريحات نتنياهو الأخيرة.. هل تكفي الإدانة أم آن أوان التعبئة الوطنية الشاملة؟
اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني
جو 24 :
في خطوة تعكس النزعة التوسعية لحكومة الاحتلال الصهيوني، أثار بنيامين نتنياهو موجة جديدة من العداوة والغطرسة والتحدي بتصريحات عبّر فيها صراحة عن ارتباطه العميق والتزامه بما سماه "رؤية إسرائيل الكبرى"، وهي فكرة توسعية تشمل إلى جانب كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة – وفق ما ورد – أجزاء من مصر والأردن الدولتين المجاورتين اللتين تربط بينهما وبين دولة الكيان اتفاقيات سلام وعلاقات دبلوماسية منذ عقود.
نتنياهو، وخلال مقابلة بثتها قناة /i24/ الإسرائيلية مساء الثلاثاء، قال: "أنا في مهمة تمتد عبر الأجيال… هناك أجيال من اليهود حلمت بالقدوم إلى هنا، وستأتي أجيال أخرى بعدنا". ولدى سؤاله إن كانت هذه المهمة تمثل الشعب اليهودي أجاب بلا مواربة: "نعم، أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحية".
مصطلح "إسرائيل الكبرى" ليس جديداً في الأدبيات والسياسات الصهيونية، إذ استخدم تاريخياً لوصف إسرائيل والمناطق التي احتلتها عام 1967، مع إشارات في بعض التيارات الصهيونية المبكرة إلى أطماع تتجاوز حدود فلسطين التاريخية. لكن ما يثير القلق هو عودة هذه الرؤية للواجهة من على لسان أعلى سلطة سياسية في دولة الكيان، في وقت يتصاعد فيه الاستيطان ويستمر حصار الشعب الفلسطيني ويتعرض لحرب إبادة في غزة، وتتزايد تصريحات وزراء في حكومة الاحتلال حول طموحات لضم أراضٍ في الأردن ومصر.
إن اقتصار الرد الأردني –و العربي عموماً – على بيانات الشجب والاستنكار لم يعد يوازي حجم التحديات التي تفرضها مثل هذه التصريحات. فالأمر لا يتعلق بخطاب استفزازي عابر، بل برؤية استراتيجية يعلنها صانع القرار الإسرائيلي، تتطلب من الدول والشعوب العربية إعادة ضبط البوصلة نحو العدو الحقيقي.
المطلوب أردنيا اليوم تعبئة وطنية شاملة، وخطة واضحة المعالم توظف كل مقدرات الأمة –العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية – وتوحد كل مكونات المجتمع ومؤسساته في مشروع مواجهة متكامل للدفاع عن الوطن ومواجهة هذا التهديد قبل ان يتحول الى واقع. كما ان هذه التصريحات العدوانية السافرة تستدعي مراجعة جدية للإتفاقيات الموقعة مع دولة الإحتلال والعلاقات الدبلوماسية والإقتصادية والتلويح بتجميدها بالتشاور والتنسيق مع الدول العربية المعنية.
تصريحات نتنياهو ليست مجرد كلمات في مقابلة تلفزيونية، بل هي مؤشر على سياسة تتغذى على التراخي الوطني والعربي والانقسام الإقليمي. وإذا لم تتحول ردود الفعل العربية من خانة "الإدانة" إلى خانة "المواجهة المدروسة"، فإن الخطر لن يبقى نظرياً، بل سيطرق أبواب العواصم العربية القريبة لهذا الكيان العدواني المصطنع المدعوم من امريكا والكثير من الدول الأوروبية .لذلك فإن وحدة الصف العربي وتجميد اتفاقيات التطبيع مع دولة الإحتلال وتفعيل اتفاقيات الدفاع العربي المشترك لم يعد ترفاً اومجرد مطلب جماهيري، بل ضرورة أمن قومي ملحّة.
ختاما،إن الأردن، بقيادته وشعبه وجيشه، قادر على الدفاع عن أرضه وسيادته إذا ما توافرت الإرادة السياسية الجامعة والرؤية الوطنية الموحدة، وأن وحدة الصف الداخلي والوعي بحقيقة الخطر هما خط الدفاع الأول.








