اغلاق معبر الكرامة.. رسالة سياسية أم عقاب جماعي؟
اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني
جو 24 :
قرار رئيس وزراء دولة الكيان بنيامين نتنياهو بإغلاق معبر الكرامة/اللنبي او جسر الملك حسين حتى إشعار آخر يحمل أبعاداً سياسية وأمنية واقتصادية خطيرة على الفلسطينيين في الضفة الغربية. فهذا المعبر هو المنفذ والشريان الوحيد الذي يربط الضفة بالعالم الخارجي عبر الأردن، ومن ثم فإن تعطيله يعني عزل نحو ثلاثة ملايين فلسطيني عن محيطهم الإقليمي والدولي وتحويل الضفة الغربية إلى " قطاع محاصر" وإلى سجن كبير.
أولاً: الدلالات السياسية
الخطوة تأتي في توقيت حساس، بعد الاعتراف المتتالي من عدة دول غربية بالدولة الفلسطينية، ما يجعل قرار نتنياهو يبدو وكأنه رسالة انتقامية لإحباط الفلسطينيين والتضييق عليهم.
كما يحمل القرار رسالة ردع للأردن والسلطة الفلسطينية، بأن إسرائيل تتحكم بمفاتيح الحركة والحياة اليومية للفلسطينيين، وأن أي تحرك دولي لصالحهم سيقابل بإجراءات عقابية ميدانية ويجعل الاعترافات الدولية "حبرًا على ورق".
ويهدف نتنياهو من هذا القرار ايضا الضغط على السلطة الفلسطينية للتراجع عن الحراك الدولي وعن فكرة إقامة دولة ذات سيادة حقيقية. يُعتبر القرار ايضا جزءاً من سياسة نتنياهو التي تهدف إلى إظهار الصلابة والتحكم في المعابر أمام جمهوره اليميني والديني المتطرف وإطالة مدة حكومته، خاصة في ظل الضغوط السياسية والأمنية الداخلية.
ثانياً: الانعكاسات الإنسانية والاقتصادية
إغلاق المعبر سيضاعف من معاناة المرضى والطلبة ورجال الأعمال، إضافة إلى تعطيل حركة البضائع والإمدادات ويؤدي إلى خسائر فادحة في القطاعات التجارية والزراعية ويرفع تكاليف النقل والشحن ويهدد بارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية في السوق الفلسطيني ويؤثر سلبا على الوضع الإقتصادي للفرد الفلسطيني الذي يعاني اصلا من مستويات غير مسبوقة من البطالة والفقر. علما بأن الخنق الإقتصادي والتجويع هي إحدى السياسات التي يتبناها الإحتلال لدفع الفلسطينيين للهجرة الطوعية. كما سيتسبب القرار بضغط هائل على العائلات الفلسطينية التي تعتمد على السفر للأردن للعلاج أو التعليم أو العمل.
ثالثاً: الأثر على العلاقة الفلسطينية – الأردنية
يتضمن القرار أيضًا رسالة ضغط موجهة إلى الأردن، باعتبار أن معبر الكرامة شريان استراتيجي هام يرتبط بالسيادة والأمن الوطني الأردني. والأردن، بوصفه بوابة الفلسطينيين الوحيدة نحو العالم، سيكون أمام تحديات متزايدة، من حيث الضغط الشعبي لتمكين الفلسطينيين من حرية الحركة. هذا قد يدفع عمّان إلى خطوات دبلوماسية أكثر صرامة للضغط على تل أبيب أو طلب دعم دولي لإعادة فتح المعبر.
رابعاً: النتائج المحتملة فلسطينياً
1.تصاعد الغضب الشعبي: قد يُنظر إلى الإغلاق كعقاب جماعي، ما يعزز حالة الاحتقان ويقوي التيارات المطالبة بتصعيد المقاومة.
2.تعزيز الوحدة الداخلية: قد يجد الفلسطينيون في هذا الإجراء سبباً لتوحيد صفوفهم أمام سياسة الحصار والابتزاز.
3.زيادة العزلة: استمرار الإغلاق لفترة طويلة قد يؤدي إلى تكريس واقع شبيه بغزة، حيث تصبح الضفة محاصرة من جميع الجهات.
4.اللجوء للدبلوماسية الدولية: السلطة الفلسطينية قد تكثف جهودها لحشد موقف عالمي يجبر دولة الكيان على إعادة فتح المعبر، خاصة مع الزخم الحالي للاعترافات الدولية.
باختصار، إغلاق معبر الكرامة ليس مجرد إجراء أمني بل ورقة ضغط سياسية بيد نتنياهو، تستهدف تحدي موجة الاعترافات الدولية بفلسطين ومعاقبة الفلسطينيين جماعياً. غير أن هذه الخطوة قد تنقلب على إسرائيل ذاتها، إذ تدفع الفلسطينيين نحو مزيد من الصمود والتصعيد، وتضع الأردن والمجتمع الدولي أمام مسؤوليات متزايدة لإيجاد ضمانات حقيقية لحرية حركة الفلسطينيين وكرامتهم الإنسانية.








