نشميّ يشجّع نشميّ
كمال ميرزا
جو 24 :
بدايةً لا بدّ من تهنئة الأشقاء المغاربة أسود الأطلسيّ على فوزهم بكأس العرب.
فوز مُستَحَقّ، دون أن ينتقص ذلك من حقيقة أنّ خسارة النشامى بدورها قد جاءت مؤسفة ومجحفة ولا تعكس بالضرورة واقع الحال في الميدان وطوال مسار البطولة.
أجمل ما في مشاركة منتخبنا منتخب النشامى في كأس العرب تشجيع أهل غزّة لهم.
نشمي يشجّع نشمي.
حتى في هذه أهل غزّة سبّاقون في الفضل!
أهل غزّة، عجيبة هذا الزمان وكلّ زمان، والحُجّة البالغة هذا الزمان وكلّ زمان!
هم ليسوا "حالة إنسانيّة" كما يحاول الإعلام المُغرِض أن يصوّرهم، هم حالة وصمود وبطولة وفداء.
وقبل ذلك هم حالة وعي جوهرها الدين، وقلبها العروبة، ولسانها المقاومة كفعل ونمط عيش وليس مجرد خطاب وإنشاء.
نعم، هناك بُعد إنسانيّ لا يمكن إنكاره وتجاهله فيما عاناه ويعانيه أهل غزّة، وفيما تكّبدوه وما يتكبّدونه.. ولكن هذا البُعد الإنسانيّ هو فرع وليس الأصل، وهو نتيجة وليس سبباً، وهو عَرَض وليس مرضاً أو المرض، وعلاج المرض يكون بالقضاء على سببه (الصهيونيّة، الإمبرياليّة، الهيمنة، العمالة)، وليس بالإجراءات التلطيفيّة التي تخّفف من وطأة الأعراض، أو تموّه الألم من خلال تخديره.
منظر أهل غزّة وهم يشجّعون النشامى بين الركام ووسط الخيام وتحت الصفيح من أكثر المناظر التي تغيظ العدو وتجعله يتميّز من الغيظ، ليس فقط لإنّه منظر لشعب "ابن عيشة" يتقن فن الحياة وفن اجتراح الحياة وفن الاستمرار في الحياة.. بل لإنّ هذا المنظر هو مصداق لآيتين كريمتين هما من أكثر آيات القرآن التي يكرهها العدو وزبانيته وأعوانه حتى المقت، ويستميتون في معاداتهما ومعاندتهما وبذل ما يملكون من وسع وطاقة من أجل نقضهما والعمل بعكس مقتضاهما:
((وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) الأنفال ـ 62، 63.
مبارك لنشامى الأردن، وطوبى لنشامى غزّة وفلسطين، ولا عزاء لبني صهيون، وبني "متصهينون"، وبني سلول".. وَمن لفّ لفيفهم من "الخايسين"!








