عاش الجيش .. سقطت الحكومة!
تستمد الحكومات شرعيتها من الشعب، ولا شرعية لحكومة بغير ثقة الشعب ورضاه، وإلاّ فإنها تكون حكومة مغتصِبة، ولأن هذه القاعدة هي الأساس في الأنظمة الدستورية الديمقراطية، فإن من حق الشعب أن ينتقد حكومته في أي وقت، سواء أكان النقد عبر مؤسسة البرلمان، أو عبر مؤسسات حزبية أو مؤسسات مجتمع مدني أو عبر الرأي الفردي، فمن حق أي شعب أن "يشتم" حكومته لا كأفراد وشخصيات، وإنما كأداء وسياسات، وبخاصة عندما يشعر أنها قصّرت في جانب خَدَمي معين، وعلى الحكومة أن تتحمّل النقد والشتيمة، لأن المقصود ليس أشخاصها رئيساً وفريقاً وزارياً، وإنما أداؤها كحكومة أو أداء أي من وزرائها.
لكن أن تنقلب الآية وأن تُوجِّه الحكومة أو أي من وزرائها شتيمة للشعب، فهذا غير مقبول على الإطلاق، ولم تألفه الشعوب الحيّة ولا الأنظمة الديمقراطية، وفي حال حصول ذلك، تفقد الحكومة شرعيتها في الحال، وعليها أن ترحل عن بكرة أبيها رئيساً ووزراء، حتى لو لم تأتِ الشتيمة من الرئيس نفسه، لكنه يتحمّل المسؤولية الأدبية والسياسية عن أفعال وزرائه وأقوالهم إذا كانت ذات صلة بعمل الحكومة ومهامها..!!
ضمن هذا السياق، يمكن أن نفهم العلاقة مع الحكومة، وأن تفهم هي علاقتها مع الشعب، لأنها رضيت أن تكون في خدمة الشعب والوطن، وفي حال لم تفهم الحكومة علاقتها مع الشعب أو لم يفهم أي من أعضائها هذا العلاقة، فإن رحيلها كحكومة مجتمعة أو رحيل الوزير المعني تصبح ضرورة للحفاظ على استمرار نهج دستوري ديمقراطي ارتضاه المجتمع وارتضته الدولة، وتوافقت عليه سلطاتها الرئيسة..
هذه مقدمة لا بد منها لكي أخلص إلى أن الأزمة "الثلجية" لم تكشف عن ضعف البنية التحتية للمدن فقط وانسداد بعض شرايينها، وإنما كشفت عن هشاشة البنية التحتية والفوقية للحكومة وضيق أنفاسها، وفي الوقت ذاته عزّزت ثقتنا بصلابة البنية التحتية لمؤسسة الجيش.. ما جعلنا نهتف: عاش الجيش، وسقطت الحكومة..!!