الكوميديا بين العامية والفصيحة
د. صلاح جرار
جو 24 : في الندوات الفكرية والنقدية التي عقدت على هامش مهرجان الكويت المسرحي الرابع عشر الذي أقيم في الكويت في المدة من العاشر حتى العشرين من شهر كانون الأول الحالي، دار جدل واسع حول اللغة المستخدمة في الكوميديا وهل تكون باللهجات الدارجة أم الفصيحة، وقد سمعت من المشاركين في تلك الندوات أن الجدل حول هذا الموضوع كان يثار سنويا مع كل دورة من دورات المهرجان.
وقد رأيت بعض المسرحيين الكوميديين يدافعون دفاعا مريراعن استخدام اللهجات الدارجة، تحت ذريعة أن الكوميديا أكثر التصاقا بالشعب وبالواقع وأكثر تعبيرا عن تفاصيل الحياة اليومية للناس، ولذلك يرون أنه لا مفر من استخدام اللهجات حتى لو تباينت من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية.
بينما يرى آخرون أن استخدام العاميات على هذا النحو في الأعمال المسرحية يجعل تأثير العمل المسرحي محدودا في نطاق المدينة التي أو القرية التي تتحدث تلك اللهجة، وتحرم الكوميديا من أداء رسالتها القومية الأوسع مع أن الكوميديا أداة فاعلة ومهمة في كشف الفساد وانتقاده وتحريض الناس ضده، وأنها باستخدام العاميات تتخلى عن أهم وسيلة للاضطلاع برسالتها وتساعد على تفكيك الثقافة العربية وتمزيق الأمة.
ويرى فريق ثالث أن للعامية وظيفتها في الكوميديا ولها سياقاتها وموضوعاتها، فإذا كانت المفارقة في المسرحية تقوم على استخدام لغوي بعينه أو لهجة بعينها فمن الطبيعي أن تكون العامية أكثر ملاءمة للتعبير عن الموقف، وإذا كان الموضوع أو الظاهرة التي تعالجها المسرحية أو تنتقدها ترتبط بمكان محدد وبأصحاب لهجة محددة فعند ذلك تكون عامية ذلك المكان مناسبة للتعبيرعن الموقف. ويرى هذا الفريق أيضا أن العربية الفصيحة تناسب الأعمال الكوميدية التي تعتمد على التراث أو تعالج قضايا ذات مضامين قومية أو إنسانية. ويرى هذا الفريق كذلك أنه إذا كانت العامية قادرة على الإضحاك فإن الفصيحة قد تكون أقدر على الإضحاك، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإضحاك ليس بالضرورة هدفا للكوميديا.
والذي أراه في موضوع هذا الجدل أن الكوميديا التي تستخدم اللغة الفصيحة أعلى قدرة على إيصال رسائلها وأكثر امتلاكا لمقومات الخلود والتأثير الأطول والأعمق، ولا سيما إذا كانت اللغة تجمع إلى الفصاحة السهولة والابتعاد عن التقعر والتحذلق، لأنها بذلك تصل إلى أكبر قطاع من الناس على امتداد الأرض العربية وحتى الناس الذين يتعلمون العربية من غير العرب، . وفي رأيي أيضا أنه كلما ضاقت اللغة المستخدمة في العمل المسرحي كلما ازدادت محدودية تأثيرها، بينما يزداد التأثير ويكون نطاقه أوسع كلما كانت اللغة مفهومة لأكبر قطاع من المشاهدين أو المستمعين. ولهذا فإن المسرحيات التي ذاع صيتها منذ أيام الإغريق والرومان مرورا بموليير وشكسبير وغيرهما كانت فصاحتها ملمحا ملازما لخلودها وشهرتها ونجاحها. ولذلك فإن رسالة المسرح ترقى وتسمو بسمو لغته وفكره.الراي
وقد رأيت بعض المسرحيين الكوميديين يدافعون دفاعا مريراعن استخدام اللهجات الدارجة، تحت ذريعة أن الكوميديا أكثر التصاقا بالشعب وبالواقع وأكثر تعبيرا عن تفاصيل الحياة اليومية للناس، ولذلك يرون أنه لا مفر من استخدام اللهجات حتى لو تباينت من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية.
بينما يرى آخرون أن استخدام العاميات على هذا النحو في الأعمال المسرحية يجعل تأثير العمل المسرحي محدودا في نطاق المدينة التي أو القرية التي تتحدث تلك اللهجة، وتحرم الكوميديا من أداء رسالتها القومية الأوسع مع أن الكوميديا أداة فاعلة ومهمة في كشف الفساد وانتقاده وتحريض الناس ضده، وأنها باستخدام العاميات تتخلى عن أهم وسيلة للاضطلاع برسالتها وتساعد على تفكيك الثقافة العربية وتمزيق الأمة.
ويرى فريق ثالث أن للعامية وظيفتها في الكوميديا ولها سياقاتها وموضوعاتها، فإذا كانت المفارقة في المسرحية تقوم على استخدام لغوي بعينه أو لهجة بعينها فمن الطبيعي أن تكون العامية أكثر ملاءمة للتعبير عن الموقف، وإذا كان الموضوع أو الظاهرة التي تعالجها المسرحية أو تنتقدها ترتبط بمكان محدد وبأصحاب لهجة محددة فعند ذلك تكون عامية ذلك المكان مناسبة للتعبيرعن الموقف. ويرى هذا الفريق أيضا أن العربية الفصيحة تناسب الأعمال الكوميدية التي تعتمد على التراث أو تعالج قضايا ذات مضامين قومية أو إنسانية. ويرى هذا الفريق كذلك أنه إذا كانت العامية قادرة على الإضحاك فإن الفصيحة قد تكون أقدر على الإضحاك، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإضحاك ليس بالضرورة هدفا للكوميديا.
والذي أراه في موضوع هذا الجدل أن الكوميديا التي تستخدم اللغة الفصيحة أعلى قدرة على إيصال رسائلها وأكثر امتلاكا لمقومات الخلود والتأثير الأطول والأعمق، ولا سيما إذا كانت اللغة تجمع إلى الفصاحة السهولة والابتعاد عن التقعر والتحذلق، لأنها بذلك تصل إلى أكبر قطاع من الناس على امتداد الأرض العربية وحتى الناس الذين يتعلمون العربية من غير العرب، . وفي رأيي أيضا أنه كلما ضاقت اللغة المستخدمة في العمل المسرحي كلما ازدادت محدودية تأثيرها، بينما يزداد التأثير ويكون نطاقه أوسع كلما كانت اللغة مفهومة لأكبر قطاع من المشاهدين أو المستمعين. ولهذا فإن المسرحيات التي ذاع صيتها منذ أيام الإغريق والرومان مرورا بموليير وشكسبير وغيرهما كانت فصاحتها ملمحا ملازما لخلودها وشهرتها ونجاحها. ولذلك فإن رسالة المسرح ترقى وتسمو بسمو لغته وفكره.الراي