أيها الوزير.. أجرتهن لا تكفي إطعام قطّة..!!
تكلمنا في مقال سابق عن آذنات يعملن في مراكز محو الأمية التابعة لوزارة التربية والتعليم لمدة خمسة أيام أسبوعياً، بأجر تافه يصل حدّ السخرية والاستهانة بالإنسان ومسخ كرامته وإنسانيته، يبلغ عشرة دنانير شهرياً، بمعنى أن الأجر اليومي للواحدة يبلغ نصف دينار عدّاً ونقداً تتقاضاه "الآذنة الإنسانة" عبر تقديم مطالبة مالية لوزارة التربية والتعليم لتحصل على هذا المبلغ الكبير، الذي بالكاد يكفي لاحتساء فنجان واحد من القهوة أو الشاي، فيما يتقاضى موظفون كبار مئات الدنانير على جلسة اجتماع قد لا تقدّم ولا تؤخر شيئاً..!!
حتى لحظة كتابة هذه السطور لم نلمس أي تحرك لوزارة التربية ولوزيرها ولأمينيها العامين لتصويب هذه الخطيئة بحق الإنسان.. فماذا ينتظرون..!!؟؟
إذا كان الملك قد انتفض غاضباً منتصراً لمن انتهكت كرامتهم في بعض مراكز الرعاية الخاصة، فبالتأكيد سينتفض غاضباً في حال تناهى إلى علمه هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وكرامة المواطن.. فهل الوزير المحترم وكبار مسؤولي الوزارة بانتطار تدخّل مباشر من الملك حتى بأداء واجباتهم ومسؤولياتهم ويقوموا بتصويب هذا الوضع، كما هو الأمر السائد لدى معظم المسؤولين الرسميين الذين لا يكاد أحدهم يتحرّك لرفع ظلم أو انتهاك لحق من حقوق الإنسان إلاّ بعد أن يتحرك الملك ويخرج من قصره غاضباً منتصراً للإنسان..!!؟؟
هل ينتظر وزير التربية والتعليم أن تأتيه الأوامر من الملك لكي ينصف هذه الفئة من العاملين والعاملات في مراكز محو الأمية من معلمات وآذنات..!!؟؟
هي مشكلة المسؤولين الكبار في هذا البلد، الذين قلّما يتحرّكون بدوافع ذاتية، ودائماً ينتظرون الأوامر والتوجيهات، وإذا كان يمكن قبول هذا النوع من المسؤولين في أوقات سابقة، فلا أعتقد أن الأردن يحتاج إلى مثلهم في أيامنا هذه، فالظروف والأوضاع تحتّم وجود مسؤولين من طراز رفيع في الكفاءة والدينامية والمتابعة والتحرك في كل الاتجاهات..!!
منْ يقبل أن تتقاضى آذنة محو الأمية أجراً شهرياً لا يكفي إطعام قطّة منزلية ليوم واحد فقط..!!؟ فإذا كان الوزير وكبار مسؤولي وزارة التربية يرضون بذلك، فإن الأردن ملكاً وشعباً يرفضونه، ويعلنون أن الإنسان هو أغلى ما نملك قولاً وفعلاً رضي منْ رضي وغضب منْ غضب..!!
أما الدرس فنستمده من قوله تعالى: " فَأَمَّا الزَّبَد فَيَذْهَب جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنْفَع النَّاس فَيَمْكُث فِي الْأَرْض "