هل تُطيح الأرجيلة بحكومة النسور..؟!
تتفاعل قضية منع تقديم الأرجيلة في المقاهي والمطاعم السياحية بوتيرة متسارعة، ويعتقد البعض أن هذا الموضوع سيُسبّب صداعاً شديداً ومؤلماً للحكومة التي تُعاني أصلاً من صداع مزمن، ناتج عن تأبّطها ملفات شائكة واتخاذها قرارات أغضبت الشعب، ومع أن الحكومة ممثلة بوزير الصحة هي التي "نبشت" الموضوع، فهذا يعني أن عليها أن تتحمّل النتائج.
على المستوى الشخصي، أنا مع تطبيق كافة القوانين التي سنّتها الدولة، إذْ لا فائدة أن يكون لدينا تشريع نافذ ثم لا يتم تطبيقه، والمشاكل التي تعاني منها الدولة ناجمة بالمقام الأول عن تراخي الحكومات وتساهلها في تطبيق التشريعات، ولعل ما تعرّضت له هيبة الدولة من اهتزاز يعود إلى هذا السبب تحديداً، فالدولة التي تسنّ قوانين وتعجز عن تطبيقها كأنها لم تفعل شيئاً، لا بل سيكون مردود ذلك عليها سالباً وعكسياً تماماً.
وبالعودة إلى قرار وزير الصحة بمنع "الأراجيل" في المقاهي والمطاعم السياحية، فهو لم يأت بجديد، فقد نصت المادة"52" من قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008 والنافذ اعتباراً من 17/8/2008، على حظر تدخين أي من منتجات التبغ في الأماكن العامة.
وعرّف القانون المكان العام بأنه يشمل: (المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس ودور السينما والمسارح والمكتبات العامة والمتاحف والمباني الحكومية وغير الحكومية العامة ووسائط نقل الركاب وصالات المطارات والملاعب المغلقة وقاعات المحاضرات..) لكنه للمفارقة لم يذكر التعريف المطاعم والمقاهي، مع أنها ذات أهمية كبيرة، وأنها الأماكن التي تشهد إقبالاً على التدخين نظراً لكون كثرة مرتاديها من المدخّنين، ولا يمكن تصنيفها إلاّ على أنها أماكن عامة، ومع ذلك أسقطها المشرّع من تعريف المكان العام لأسباب لا نعرف تفسيرها، ومع ذلك قد يكون وزير الصحة بما له من صلاحية منحه إياها القانون قد اعتبرها مكاناً عاماً يحظر التدخين فيه!
ومع أهمية حظر التدخين في الأماكن العامة وهو ما نشجّعه، ونرى أن لا يتم التهاون فيه، خصوصاً بأن انتشرت ظاهرة التدخين في هذه الأماكن، وغدت أجواؤها ملوّثة إلى درجة أصبحت معها تؤذي غير المدخنين وتُلحِق الضرر بهم صحياً ونفسياً، إلاّ أن القانون مع ذلك أجاز لوزير الصحة تحديد مكان خاص يُسمح فيه بالتدخين ضمن المكان العام شريطة مراعاة صحة الناس وسلامتهم، وهو ما قد يكون مخرجاً للوزير وللحكومة من حالة الغضب التي تجتاح أصحاب المقاهي والمطاعم المستهدفة، والمهدّدة بالإغلاق وقطع الأرزاق في حال إصرار الحكومة على قرارها المستند إلى قانون الصحة العامة..!
الحكومة الآن أمام محكّ لا يستهان به، وعليها أن تخرج من أزمة قد تعصف بها ما لم تعرف كيف تتدارك الأمر بحكمة بالغة، فهي لن تكون أمام غضب ألـ (20) ألف مستثمر وعامل في هذه الأماكن، وإنما ستواجه غضب أكثر من (20%) من الأردنيين المدخّنين للأرجيلة، وعليها أن تختار!!
في تقديري، إن الأكثر خطورة من أرجيلة المقاهي والمطاعم هو فوضى التدخين في الأماكن العامة الأخرى، وأهمها المستشفيات العامة والمراكز الصحية والمباني الحكومية التي تعج بالمراجعين، إضافة إلى وسائط النقل العام التي أصبح معظمها مع الأسف بيئة ملوّثة بفوضى دخان التبغ والألسنة البذيئة..!!
والسؤآل الأخير: هل تصمد الحكومة أمام الزوبعة.. أم تتراجع وتؤْثِر السلامة..؟!
Subaihi_99@yahoo.com