شيطنة العشائر مصلحة لليكود الاسرائيلي فقط ؟
المحرر السياسي - لا يختلف اثنان على ان الليكود الاسرائيلي اشتغل طوال السنوات والعقود الماضية على تسويق الخيار الاردني بكل ما أوتي من لؤم وتآمر وادوات مكشوفة واخرى لا يعلمها احد. وانه استمر في نشر الاكاذيب التي من خلالها يحاول ان يمنطق ويفلسف تبني هذا السيناريو لتسوية الصراع العربي الاسرائيلي على حساب الاردن والحقوق التاريخية للشعب العربي الفلسطيني.
من قال ان الاردنيين اقلية في بلادهم غير الليكود؟ من قال ان الاردنيين يخشون تحولهم الى اقلية لا حول لها ولا قوة غير هذا الحزب اليميني المتطرف؟ من يجرؤ على الاعتقاد بان ابناء هذا الوطن بشتى اصوله ومنابته سيسمحون لأحد ان يجرهم الى مربع الصدام والمواجهة تحت وطأة الخشية من التحول الى اقلية في بلادهم او غيرها من الاسباب التي تصطدم بواقع الاخوة والمصاهرة والانصهار ووحدة الحال التي تشكلت تاريخيا بين ابناء الشعب الواحد؟
صحيح ان هناك قلقا حقيقيا من تفريط الساسة في السلطة الفلسطينية والاردن بحقوق الشعب الفلسطيني في العودة والتعويض، صحيح ان هناك خشية من المساومة على الهوية الوطنية للدولة الاردنية بابخس الاثمان ومقابل حفنة من الدولارات لا تسمن ولا تغني من مديونية وعجز تجاوز حدود المنطق، ولكن ليس صحيحا ابدا ان هناك صراعا بين قوى شعبية عشائرية واخرى مدنية تسعى لاذابة العشائر وتصفيتها. هذه حالة صراع غير موجودة، متخيلة ويفترضها اصحاب الاجندات المشبوهة واولئك الذين تماهوا سياسيا مع موقف الليكود الاسرائيلي وباتوا ينفذون اجندته في الاردن.
العبث الذي جرى بالمنظومة العشائرية -العمود الفقري للدولة الاردنية- وعمليات التمزيق والتفتيت الممنهجة التي تبنتها بعض الجهات في مراكز صنع القرار -ليست جزءا من حراك شعبي مدني- لاضعاف العشائر والاضرار بصورتها وما تمثله من ارث وتاريخ يرتبط بهذا التراب الطهور، كان ممنهجا ومقصودا لذاته، وسعت ذات الجهات -الطارئة- لاستبداله ببنى متهكالة مهترئة هزيلة وفاسدة ولكنها لحسن الطالع لم تنجح رغم الجهد الخبيث الذي بذل و التشويه المعد الذي كاد ان يتسبب في المس بالسلم الاهلي.
الهجمة على العشائر اليوم لها دلالات غير بريئة على الاطلاق، ولا علاقة لها البتة ببناء هوية وطنية جامعة، والخروج من حالة البداوة الى التحضر والدولة المدنية، الهجمة هدفها:
اولا : اذكاء صراع داخلي يفضي لانقسامات افقية وعامودية بين ابناء الاردن في ظل ازمة مالية خانقة تمهد لحلول تفريطية بالحقوق المقدسة لابناء الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني حتى يومنا هذا من المتاجرين بمعاناته ووجعه وآلامه واولئك الذين يتلاعبون بمشاعره ونوازعه وحاجته للراحة والاستقرار بعد عناء وعنت استمر عقودا طويلة خلت.
ثانيا: خدمة المشروع اليميني الاسرائيلي وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن والتفريط بحقي العودة والتعويض وهذه مقومات "اتفاقية الاطار" التي يحملها وزير الخارجية الامريكي جون كيري للمنطقة العربية التي سئمت من المشاريع الامريكية التي لا تخدم غير المصلحة الاسرائيلية كما سئمت من ابناء ملتنا الذين يتذاكون علينا وهم ينفذون اجندات مفضوحة ومكشوفة للقاصي والداني.. ولهؤلاء نقول : ستظل العشائر وابناؤها شوكة في حلوقكم وقلوبكم التي يملؤها الحقد والسواد .وليعلم هؤلاء ومن يدعم حضورهم ونفوذهم ان الاردن ليس للبيع وشعبها لن يفرط بوطنه.. تذكروا هذا جيدا