jo24_banner
jo24_banner

الجرافات "الاسرائيلية" لن تضعف من العزيمة

محمد خضر قرش
جو 24 : ما تقوم به جرافات الاحتلال الإسرائيلية في أحياء القدس المختلفة من تكثيف غير مسبوق لعمليات الهدم للعمارات والشقق السكنية التي يسكنها المقدسيون وكأنها في سباق مع الزمن يعكس حالة من الهذيان والتشنج وعدم التوازن العقلي في مؤسسة وآلية إتخاذ القرارات ليس ضد حق المقدسيين فحسب وانما ضد الانسانية بابسط صورها ومعانيها. ويخطئ من يعتقد بان عمليات الهدم الفجة واللانسانية والمليئة بالحقد الملموس في الأسلوب والإجراءات التي تتخذها البلدية والشرطة قبل وأثناء كل عملية هدم لمنازل وبيوت المقدسيين تتم بدون موافقة الحكومة. فالبلدية كما الحكومة وأجهزة الدولة الأخرى إنما تقوم بأعمالها في القدس الشرقية والضفة الغربية على قاعدة ومبدأ التمييز بين الفلسطيني واليهودي. فهي تقوم على حرمان صاحب الأرض الشرعي من التمتع والتصرف بأرضه وبناء مساكن لائقة له ولعائلته وفي المقابل تجيز للمستوطن الغاصب بالعمل كما يريد مدعوما ومحميا من مؤسسات الدولة المختلفة. فهي تجيز له اقتحام المسجد الأقصى المبارك وقطع أشجار الزيتون وحرق الجوامع وتلطيخ أبواب وجدران الكنائس بشعارات وقحة لا تقيم وزنا للديانات السماوية وهذا يعكس إلى أي مدى بلغه الحقد على كل ما هو فلسطيني بغض النظر فيما إذا كان مسلما أو مسيحيا أو درزيا. الحكومة والبلدية واجهزة الأمن والمستوطنون يعزفون لحنا فوضاويا ومزعجا يولد كراهية لدى الاجيال الحالية حديثة العهد بظلم الاحتلال . والأدهى من كل ذلك وأمر ان بعض المسؤولين الرسميين يشكون من كره الفلسطينيين لهم ؟؟ فلو كان هناك بقايا عقلاء في المؤسسة الرسمية الاحتلالية لما استغربوا من تزايدالعداء المستحكم والمتوارث من جيل إلى جيل بيننا وبينهم. فهل لعاقل أو لرشيد أو لحريص على مستقبل إسرائيل من صناع القرار ومتخذيه أن يقف مرة واحدة ويشاهد او يراقب جرافات البلدية وهي تهدم بيت او عمارة وتجبر القاطنين فيه على المغادرة الاجبارية عن طريق الشرطة التي تستخدم القسوة المفرطة في إخراج النسوة والاطفال من بيوتهم وملكهم وأرضهم بما يتعارض مع كل القوانين الدولية بل وأبسط أنواع حقوق الانسان. فعلى هذا العاقل أن ينظر إلى الاطفال وهم يصرخون ويبكون على أطلال منازلهم و يحاولون جمع لعبهم وبعض دفاترهم وأغراضهم الشخصية وذكرياتهم من تحت الهدم فكيف يمكن لهذا الطفل او الشاب الذي لا يزيد عمره عن عشر سنوات ان ينسى هذا المنظر أو المشهد اللانساني والذي سيبقى محفورا في ذاكرته وسيورثها إلى أبناءه من بعده وخاصة أنه موثق بالصوت والصورة والتاريخ والساعة. فالحقد والكره الذي يختزنه الشاب الفلسطيني بفعل الممارسات الاحتلالية يبدأ من هذا المشهد حيث يرى بأم عينيه كيف تهدم جرافة الاحتلال بيته وذكرياته ولعبه وكتبه وغرفة نومه وسريره وتعتقل والده أو شقيقه وتهينهما على مرأى منه؟ كيف يمكن لهذا الطفل ان ينسى السلوك الهمجي وغير الإنساني الذي يمارسه جنود الاحتلال أثناء هدم البيت وتشريد أهله ؟؟؟
الوهم الإسرائيلي
المشكلة التي تعاني منها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في كونها تتوهم أن باستطاعتها أو بمقدورها دفع الفلسطيني والمقدسي على وجه الخصوص للاستسلام والقبول باحتلالها .فهي تعلم انه وهم لا نصيب له من التحول إلى واقع مهما كثفت من سياسة الهدم والقمع والحرمان والمصادرة . فقوات الاحتلال تستند لقوتها الغاشمة فحسب متناسية أن لا قوة في العالم تستطيع أن تقهر إرادة شعب عنيد مصمم على البقاء فوق أرضه وأرض أجداده والدفاع عنها. فلم يسجل التاريخ أن تمكنت قوة غاشمة من قهر إرادة شعب . فلها أن تعود للتاريخ القريب والبعيد وتقلب صفحاته وسجلاته ووثائقه فلن تجد ولا حتى في هوامش وزوايا ومراحل ومحطات التاريخ عكس حقيقة ما ذهبنا إليه للتو.شعب فلسطين يعلم تمام العلم أن لدى إسرائيل قنابل نووية وكيماوية وكل أنواع أسلحة الدمار الشامل ، إلا أنه يدرك وبنفس القوة أيضا بان كل هذه الأسلحة المخزنة لا قيمة لها عنده لأنه يعلم بأن استخدامها ضده غير ممكن بل ومستحيل ليس عن رأفة أو حب أو بسبب العامل الإنساني وإنما ببساطة لأنهم يعيشون بيننا وفي أحيائنا وحاراتنا ومدننا واحيانا كما في القدس في نفس العمارة .والدليل على ذلك أن رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق رابين قال في تصريح موثق له " أنه يتمنى أن يستقظ في الصباح ويجد قطاع غزة وقد ابتلعه البحر"!!! ألا يعكس هذا حقدا دفينا أكثر خطورة من إستخدام السلاح النووي؟ وهناك امثلة وتصرفات أخرى نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بدون تحفظ او خشية من ردود فعل الرأي العام الدولي ،مثل تدريب الكلاب على مهاجمة كل من يقول أو يصرخ بعبارة الله أكبر وإجراء فحوصات على خلايا ودماء الفلسطينيين لمعرفة درجة إختلافها عن خلايا اليهود لتسهيل إيجاد أسلحة وقنابل تفتك بهذا النوع من الخلايا وتترك الأخرى؟؟ الم تصدر تصريحات لحاخامين كبار يطلقون على الفلسطينيين بأنهم صراصير وثعابين وغير ذلك ، ألم تقدم سلطات الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي القاتل على المظاهرات التي قام بها الفلسطينييون داخل الخط الأخضر إبان الانتفاضة الثانية علما بأنها لم تستخدم الرصاص ولا مرة واحدة في تاريخها ضد المظاهرات اليهودية الكبيرة التي انطلقت في الكثير من المناسبات وخاصة بعد إجتياح لبنان عام 1982 . فهل لعاقل ممن يصنعون ويتخذون القرارات في الدوائر والسلطة الإسرائيلية أن يقول لنا ماذا تعكس كل هذه التصريحات والسلوكيات ؟؟ غير زرع الحقد والكره بالإضافة إلى إبراز غرور القوة .
المقدسيون باقون
لقد اكتسب المقدسيون خبرة طويلة في التعامل مع قوات الاحتلال وفي التعامل مع سياسة التمييز المتبعة. فباتوا اليوم اكثر اصرارا وتصميما وعنادا على البقاء في القدس ومقاومة إجراءات الاحتلال مهما فعلت جرافات الهدم التابعة لبلدية الاحتلال . فالمقدسيون لن يغادروا مدينتهم وعلى إستعداد للسكن في المغر ونصب الخيم فوق البيوت التي جرى هدمها وإذا ضاقت بهم الأمور فسينصبون خيمهم في الساحات وعلى الطرقات والارصفة والازقة فالشئ الثابت والأكيد لديهم هو انهم باقون في القدس ولن يبرحوها مهما اشتد ظلم الاحتلال .فالتاريخ مرشدهم ويقوي من عزيمتهم وتجارب كل الشعوب المظلومة تحفزهم على البقاء . فنظام التمييز في جنوب افريقيا إنهار واختفى من الخارطة وجدار برلين الذي بني قبل نحو 30 عاما قد زال وحطم بفعل إرادة الشعب الالماني وعليه فالجدار الذي تبنيه سلطات الاحتلال ولم يكتمل بناءه بشكل كامل بعد لن يكون مصيره بأفضل من جدار برلين .فنحن باقون هنا حيث كان لنا الماضي والحاضر وكل المستقبل إن شاء الله . فبلدية الاحتلال وجرافاتها واهمة إن هي اعتقدت أن بإمكانها كسر شوكة وإرادة الصمود والتحدي اللتان يكتنزهما عقل وقلب وسلوك كل شاب مقدسي بل وفلسطيني. وفي هذا المقام نقول كما قال الشاعر توفيق زياد باقون هنا ولتشربوا البحر. برودة الثلج في اعصابنا وفي قلوبنا جهنم حمرا .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير