إنتهاك وخرق القانون الدولي إحتراف أميركي وبإمتياز
محمد خضر قرش
جو 24 : من المضحكات أو قل من المحزنات وإذا شئت من المضحكات المبكيات أو ربما من عجائب الدنيا السبع أن تسمع وتشاهد في المرئيات الإعلامية وعبر الفضائيات عقد مؤتمرات صحفية أو تسمع تصريحات يطلقها المسؤولون الاميركيون بدءا من الرئيس الأميركي مرورا بوزير خارجيته وبقادة دول حلف شمال الأطلسي، يتهمون فيها روسيا بخرق وانتهاك القانون الدولي بسبب إرسالها لبضعة الآف من جنودها إلى أوكرانيا وبالذات لجزيرة القرم. فجون كيري إتهمها بأنها تريد العودة بالعالم إلى بداية القرن التاسع عشر!!!. من يتفحص هذه التصريحات يعتقد وكأن الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي يحترمون القانون الدولي ويلتزمون به ولم ينتهكوا يوما قط سيادة الدول ولم يحتلوها ويلقوا عليها قنابل النابلم المحرقة والمحرمة دوليا ويحاصروا بعضها ويقاطعوا الأخرى ويصادروا أموالها وينتهكوا حقوق الإنسان وينزعوا عنه آدميته التي منحها الله له يوم أن خلق الأرض والخلق في ستة أيام قبل أن يستوي على العرش. فالتصريحات الأميركية الأخيرة بشان التدخل الروسي في أوكرانيا تظهر وكأن الولايات المتحدة المتحدة الأميركية لم تحتل فيتنام وتقسمها إلى دولتين وتقصف شعبها الأبي بقنابل النابلم الحارقة ولم تنتهك سيادة كمبوديا ولاوس وكوريا وتعمل على تقسيم الأخيرة كما وأن الولايات المتحدة الأميركية لم تنتهك سيادة افغانستان وتقتل شعبها بكل أنواع الأسلحة وما زالت حتى كتابة هذه السطور تفعل ذلك بدون قرار دولي أو مرجع قانوني، وكأنها ايضا لم تنتهك سيادة العراق العربي وتدمره مرتين وتحتله فيما بعد بدون سبب او مستند شرعي ، ونفس الشئ ينطبق على الصومال وليبيا التي قصفتها عام 1986 عندما كان ريغان رئيسا واعادت تدميرها في زمن أوباما دون ان ننسى ما فعلته في لبنان عام 1958 والتدخل في الدومينيكان عام 1965 وغزو غرينادا عام 1983 وبعدها بنما عام 1989 بالإضافة إلى كل ذلك قيامها ومعها حلف شمال الأطلسي بقصف وتدمير يوغوسلافيا وتقسيمها إلى ست جمهوريات ضعيفة لا حول لها ولا قوة. فالولايات المتحدة الأميركية لم تتوقف عند حدود الغزو والاحتلال والتدمير الممنهج للدول العربية والإسلامية وإنما أخذت على عاتقها نزع آدمية الإنسان العربي والإسلامي والمسيحي المعارض لسياستها ونهجها بدءأ مما فعلته في سجن أبو غريب وقصف ملجأ العامرية في بغداد وقتل المدنيين في الباكستان واليمن والصومال بالطائرات بدون طيار التي ما زالت تجوب الفضاء العربي والإسلامي وتقتل بدون قرار قضائي صادر عن محمكة دولية بالإضافة للتآمر والانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب في تشيلي سيلفادور الليندي عام 1971 وقيام طائراتها بقصف مصنع للأدوية في السودان وقبل هذا وبعده لماذا تدعم بلا تحفظ إسرائيل على الرغم من رفضها تنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن مجلس الامن الدولي المتعلقة بفلسطين بل وتستخدم الفيتو ضد كل قرار يدين الاحتلال الإسرائيلي. لماذا أعطيَ العراق مهلة محددة بالزمان والتاريخ والساعة لتطبيق قرار مجلس الامن الدولي المتعلق بإنسحابه من الكويت ، بينما لم تفعل ذات الشيء فيما يتعلق بإسرائيل .ففي الحالة الأولى قادت الولايات المتحدة تحالفا غربيا مكونا من 32 دولة لتدمير العراق ،بينما مضى على القرارات المتعلقة بفلسطين وشعبها اكثر من 67 عاما بدون ان تطالب إسرائيل بضرورة الالتزام بالتنفيذ وفق تاريخ محدد!! وهنا يطرح السؤال الكبير: لماذا تتجنب الولايات المتحدة الأميركية حامية لواء الشرعية الدولية وسيادة الدول وحقوق الانسان من مطالبة إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي وباحترام سيادة الدول العربية وإنهاء احتلالها البغيض للأرض الفلسطينية وعدم الاعتداء عليها ؟؟ولماذا تنسق وتساعد وتدعم القرصنة الإسرائيلية في المياه الدولية ؟ ولماذا لا تطالب إسرائيل بالتنفيذ الفوري للقرارات الدولية المؤيدة للفلسطينيين ووقف الاستيطان ولماذا تتنكر لحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال ؟ لماذا تؤيد إجراء استفتاء على تقرير المصير في بعض البلدان مثل الجبل الأسود والبوسنة والهرسك وجنوب السودان وتعارض بشدة إجراءه في فلسطين وجزيرة القرم وتعتبره غير شرعي ولا يتوافق مع القوانين الدولية؟ لماذا تفرض الحصار والمقاطعة على كوبا منذ قيام الثورة الكوبية قبل ستة عقود تقريبا وبدون سبب أو قرار من مجلس الامن الدولي! وما هي الأسس والقوانين والمعايير الدولية التي تستند إليها الولايات المتحدة الأميركية في حجز الأموال والتحفظ عليها واحيانا مصادرتها في المؤسسات المصرفية والمالية الأميركية الموجودة داخل أراضيها وخارجها للعديد من الدول مثل ليبيا وايران والعراق وسوريا ! وما هي القوانين والقواعد الدولية التي تستند إليها في وضع قوائم ما يسمى بالارهاب ومصادرة اموال المنتمين اليها !!ولماذا يحق لها مراقبة عمليات التحويلات المالية العابرة للدول والقارات ومن وكَلها للقيام بذلك ! ولماذا يحق لها دون غيرها بتصنيف الدول والمنظمات والجمعيات ووضع لوائح وقوائم سوداء باسمائها ومحاربتها! ومن وكَلها باصدار التقارير السنوية حول حقوق الانسان في العالم ،فهل تصدرها بصفتها الساهرة والحامية لحقوق الانسان ! فإذا كان الوضع كذلك فأين حقوق الانسان الفلسطيني تحت الاحتلال واين حقوق بقية الشعوب حول العالم ! ولماذا تؤيد وتغطي كل الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني المظلوم والمكتوي بنار الاحتلال الطويل والغاشم . لماذا هي مع الشعب الأوكراني وضد الشعب الفلسطيني! ولماذا هي تؤيد الانقلاب على الرئيس يانكوفيتش المنتخب شرعيا وامام العالم كله وقبل ذلك دعمت وأيدت الانقلاب على المرحوم تشافيز لكنها في الوقت نفسه تؤيد وتدعم العديد من الحكام الدكتاتوريين في عشرات البلدان حول العالم !.ولماذا خططت ومولت الانقلاب على ثورة مصدق في إيران وعملت على إعادة شاه إيران !! وكذلك ما فعلته ضد الرئيس الشرعي احمد سوكارنو في اندونيسيا ودعمها ومساندتها للجنرال سوهارتو الذي انقلب على رئيسه الشرعي! ولماذا ايدت ودعمت كل الانقلابات العسكرية التي جرت في تركيا خلال العقود الماضية قبل ان تتوقف عند أوردغان وتسمح له بمحاكمة قادة الجيش وسجنهم ! القائمة تطول في الحديث عن خرق وإنتهاك الولايات المتحدة للقوانين الدولية وسيادة الدول ، فلا أعلم دولة في العالم لم تتدخل في شؤونها أو تعمل على قلب الأوضاع فيها بحجة حقوق الانسان تارة! والارهاب تارة ثانية ! والمحافظة على الاستقرار والسلام والأمن الدوليين تارة ثالثة! الولايات المتحدة الأميركية الدولة الوحيدة في العالم ويمكن إضافة إسرائيل بسهولة إليها التي لا يحق لهما التحدث عن حقوق الانسان والديموقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، فسجلهما في هذه المواضيع وغيرها هو الأسوأ والأفظع والأكثر رعبا ووحشية وغير المسبوق في التاريخ. فمن ينتهك آدمية الانسان في سجن ابوغريب ويقصف بوحشية متناهية ملجأ العامرية ويؤيد ويدعم ويساند كل انتهاكات إسرائيل ضد الانسان الفلسطيني ومصادرة أراضيه وبناء المستوطنات لا يحق له الحديث عن حقوق الانسان كما انه غير مؤهل للحديث عن القانون وقرارات الشرعية الدولية. الولايات المتحدة الأميركية أكبر دولة مارقة في التاريخ ،فكل سلوكها وتصرفاتها وعلاقاتها تنطلق من ذلك.فحديث الولايات المتحدة عن تدخل روسي في أوكرانيا ليس اكثر من موقف انتهازي ونفاقي لا يستند إلى القانون الدولي ولا إلى الشرعية الدولية وإنما إلى شرعية إزدواجية المعايير والغاب التي تطبقها. فعلى سبيل المثال لا الحصر لا يحق للعراق ومصر وإيران ولغيرها السعي لصناعة القنابل النووية أو امتلاكها بينما يحق لإسرائيل امتلاك واستخدام كل أسلحة الدمار الشامل!! واخيرا من وكَل الولايات المتحدة لأن تكون شاويش أو شرطي العالم.الولايات المتحدة الأميركية آخر دولة في العالم يحق لها الحديث عن القانون الدولي وحقوق الانسان والديموقراطية ففاقد الشيء لا يعطيه .