الإسلاميون: "من كبر حجره ما ضرب"!
بسام حدادين
جو 24 : يجهد الوزير شراري الشخانبة لفتح كوة في جدار تصلب الحركة الإسلامية، سعيا لإقناعها بالمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة. وقد كرر محاولاته غير مرة، من خلال زيارات منزلية لقيادات في "الحزب" و"الجماعة"، كان آخرها لقاء مع السيد زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، و"منظر" تيار الصقور فيها.
لا أشك في النوايا الطيبة للوزير الشخانبة، لكن السؤال: هل الوزير مخول بإجراء حوار أو "مفاوضات" مع من يلتقيهم من قادة الحركة الإسلامية، أم أن "حراك" الشخانبة لا يتعدى رفع العتب الحكومي ومحاولات "جس النبض"؟
الإجابة عن هذا السؤال جاءت على لسان السيد سالم الفلاحات، المراقب العام السابق وزعيم المعارضة الداخلية لقيادة "الجماعة" المنتخبة حديثا، في ندوة تلفزيونية بثتها قناة "جو سات" الثلاثاء الماضي، ضمن البرنامج الحواري الذي تديره الإعلامية "الثورية" د. رلى الحروب. إذ كشف الفلاحات عن "مبعوث" خاص من كبار القوم جاء ليسألهم: ماذا تريدون؟ وعرض عليهم، بحد زعمه، 20-30 مقعدا في البرلمان القادم.
لم يكن الفلاحات يتحدث عن الوزير الشخانبة في إشارته إلى "المبعوث"، بل عن شخصية سياسية رفيعة، التقيتها وعلمت منها عن محاولات "شخصية" جادة قام بها هذا المسؤول السابق لمحاورة زعامات إسلامية نافذة، وحثها على المشاركة في الانتخابات النيابية، ودعوته الإسلاميين إلى "الواقعية السياسية" وتخفيض سقف مطالبهم السياسية غير المألوفة، حفاظا على "التوازنات الداخلية". وقد نفى لي "المبعوث"، على رأي الفلاحات، و"المتطوع الذاتي" على رأي الشخصية السياسية، أن يكون قد قدم أي عرض للجماعة.
الوزير الشخانبة لم يكن، في تقديري، سوى "وزير النوايا الحسنة". وأنا لست متيقنا من معرفته بالخط الساخن الذي كانت "الجماعة" والنظام يتبادلان من خلاله الرسائل "غير الرسمية". وهذا النمط من "الحوار" مفضل ومرغوب لدى "الجماعة".
أصابتني الدهشة وأنا أسمع الفلاحات يكشف عن اللقاءات السرية على شاشة التلفزيون، وعن الصد "الحازم" الذي تلقاه "المبعوث" من مضيفيه، وأنهم أبلغوه رفضهم المشاركة في الانتخابات قبل تحقيق "كامل" شروطهم المعلنة، والتي تبدأ بتعديلات دستورية جديدة تطال صلاحيات الملك ولا تنتهي بانتخابات نيابية وفق قانون انتخاب يعتمد 50 % من المقاعد للقائمة الوطنية النسبية، ومثلها للقائمة المفتوحة على مستوى المحافظة (نظام الـ89).
واسترسل الفلاحات في هجومه العنيف على "النظام"، وعرضه لمبررات "المقاطعة"، دون أن ينطقها، واعتبر ما يقوله رأيا شخصيا. وكان مدهشا -بالنسبة لي على الأقل- خطابه الراديكالي وثوريته (اقرأ تطرفه) بعكس الصورة النمطية التقليدية التي كان يظهر فيها عندما كان مراقبا عاما للجماعة. وكأنه يريد أن يقطع الطريق على الجناح الآخر في "الجماعة" الذي "وعد بالنظر" في ما جاء على لسان "المبعوث" الذي كشف عنه الفلاحات.
خلاصة القول: الإسلاميون سيقاطعون الانتخابات القادمة، والسبب الرئيس هو الصراع الطاحن بين الأجنحة المتصارعة داخل "الجماعة"، وعدم قدرتها على إدارة وتنسيق حملة انتخابية توافقية بالأسماء والسياسات. وليس الموقف من قانون الانتخاب هو أساس المقاطعة. وما التشدد والتصلب و"النأي بالنفس" عن موائد الحوار والخطاب "الثوري" الرنان سوى الدخان الذي يغطي على هذه الحقيقة.. "من كَبرَ حَجَره ما ضرب"!
الغد
لا أشك في النوايا الطيبة للوزير الشخانبة، لكن السؤال: هل الوزير مخول بإجراء حوار أو "مفاوضات" مع من يلتقيهم من قادة الحركة الإسلامية، أم أن "حراك" الشخانبة لا يتعدى رفع العتب الحكومي ومحاولات "جس النبض"؟
الإجابة عن هذا السؤال جاءت على لسان السيد سالم الفلاحات، المراقب العام السابق وزعيم المعارضة الداخلية لقيادة "الجماعة" المنتخبة حديثا، في ندوة تلفزيونية بثتها قناة "جو سات" الثلاثاء الماضي، ضمن البرنامج الحواري الذي تديره الإعلامية "الثورية" د. رلى الحروب. إذ كشف الفلاحات عن "مبعوث" خاص من كبار القوم جاء ليسألهم: ماذا تريدون؟ وعرض عليهم، بحد زعمه، 20-30 مقعدا في البرلمان القادم.
لم يكن الفلاحات يتحدث عن الوزير الشخانبة في إشارته إلى "المبعوث"، بل عن شخصية سياسية رفيعة، التقيتها وعلمت منها عن محاولات "شخصية" جادة قام بها هذا المسؤول السابق لمحاورة زعامات إسلامية نافذة، وحثها على المشاركة في الانتخابات النيابية، ودعوته الإسلاميين إلى "الواقعية السياسية" وتخفيض سقف مطالبهم السياسية غير المألوفة، حفاظا على "التوازنات الداخلية". وقد نفى لي "المبعوث"، على رأي الفلاحات، و"المتطوع الذاتي" على رأي الشخصية السياسية، أن يكون قد قدم أي عرض للجماعة.
الوزير الشخانبة لم يكن، في تقديري، سوى "وزير النوايا الحسنة". وأنا لست متيقنا من معرفته بالخط الساخن الذي كانت "الجماعة" والنظام يتبادلان من خلاله الرسائل "غير الرسمية". وهذا النمط من "الحوار" مفضل ومرغوب لدى "الجماعة".
أصابتني الدهشة وأنا أسمع الفلاحات يكشف عن اللقاءات السرية على شاشة التلفزيون، وعن الصد "الحازم" الذي تلقاه "المبعوث" من مضيفيه، وأنهم أبلغوه رفضهم المشاركة في الانتخابات قبل تحقيق "كامل" شروطهم المعلنة، والتي تبدأ بتعديلات دستورية جديدة تطال صلاحيات الملك ولا تنتهي بانتخابات نيابية وفق قانون انتخاب يعتمد 50 % من المقاعد للقائمة الوطنية النسبية، ومثلها للقائمة المفتوحة على مستوى المحافظة (نظام الـ89).
واسترسل الفلاحات في هجومه العنيف على "النظام"، وعرضه لمبررات "المقاطعة"، دون أن ينطقها، واعتبر ما يقوله رأيا شخصيا. وكان مدهشا -بالنسبة لي على الأقل- خطابه الراديكالي وثوريته (اقرأ تطرفه) بعكس الصورة النمطية التقليدية التي كان يظهر فيها عندما كان مراقبا عاما للجماعة. وكأنه يريد أن يقطع الطريق على الجناح الآخر في "الجماعة" الذي "وعد بالنظر" في ما جاء على لسان "المبعوث" الذي كشف عنه الفلاحات.
خلاصة القول: الإسلاميون سيقاطعون الانتخابات القادمة، والسبب الرئيس هو الصراع الطاحن بين الأجنحة المتصارعة داخل "الجماعة"، وعدم قدرتها على إدارة وتنسيق حملة انتخابية توافقية بالأسماء والسياسات. وليس الموقف من قانون الانتخاب هو أساس المقاطعة. وما التشدد والتصلب و"النأي بالنفس" عن موائد الحوار والخطاب "الثوري" الرنان سوى الدخان الذي يغطي على هذه الحقيقة.. "من كَبرَ حَجَره ما ضرب"!
الغد