بل دفاعاً عن أردوغان
منذ وصوله وحزبه للحكم ، ليس على ظهر دبابة ، أو تحت جناح العسكر ، الذين اعتادوا أن يكونوا في واجهة المشهد ، إمّا مباشرة ، أو عن طريق حكومات صوريّة يُحركونها من وراء ستار ، وهو يتعرّض لمحاولات إمّا لتدجينه ، فيكون صورةً عن سابقيه ، أو بإزاحته كليّاً بانقلابٍ عسكري ، كما حصل مع حكومة طيب الذكر المرحوم أربكان . إلاّ أنّه كان نموذجا مختلفاً ، وعيا وتخطيطا وانفتاحاً ، إضافة للنقلة الكبيرة التي أحدثها في الحالة الاقتصادية والخدمية ، فشعر المواطن التركي بتحسّن أحواله . فكانت مثل هذه المحاولات لا تلقى تأييدا من معظم الشعب التركي الذي وقف خلف أردوغان وحزبه فأُعيد انتخابه أكثر من مرّة ,
إلاّ أنّ هذه المحاولات لم تتوقف ، ولكن بتغيير الوسائل والأساليب. فكانت محاولات التشويه وافتعال المشاكل ، والتي تولى كبرها المعارضة الليبرالية والقومية والشيوعية . وكان نجاح الثورة المضادة في مصر بالإطاحة بحكم الرئيس المنتخب مرسي وبسهولة متناهية ، قد فتح شهيتهم لتكرار التجربة بمشاركة شريك الأمس فتح الله غولن وقوى إقليمية متضررة من النجاح التركي والدور الذي بدأت تمثّله . كما أنّ هناك من يتلبّسهم فوبيا الإسلام السياسي . ولا يريدون رؤية أي دولة يصل فيها أي حزب إسلامي للحكم ، حتى لو أنه من النوع المعتدل بل المعتدل جداً .
وكانت آخر هذه النماذج للتشويه ، استغلال وسائط التواصل الاجتماعي وخاصّة " تويتر " الذي أُستغلّ باستخدام حسابات وهميه لتشويه شخصيات تركية رسمية عامّة وعائلاتهم وأبنائهم ، ونشر أخبار ملفّقة بالفساد ، بل وانتهاك الخصوصية الشخصية لتلك الشخصيات والأفراد . وقد تمّ اتّصال مع إدارة تويتر لشطب تلك الإساءات والحسابات الوهمية التي تنشرها ، فلم تفعل كما يتم عادة في كل دول العالم . ونحن نلاحظ أن بعض اليوتيوبات المسيئة تختفي فجأة لأنه تمت إزالتها . فلجأوا للقضاء الذي حكم بوقف الدخول إلى تويتر إلا بضوابط وحدود معينة حتى تلتزم إدارة تويتر .
إنني ممن يؤمنون بحرية الإنسان وبحقه في الحصول على المعلومة ، مع يقيني بعدم وجود حرية مطلقة . فحريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين . كما أنّ كل حرية يُقابلها مسؤولية . والحرية المنفلتة والتي بلا ضوابط هي فوضى وانفلات ضررها على الأفراد والمجتمع كبير . وهذا مخزون في الوعي الجمعي لنا كشرقيين وكمسلمين . يتعلمها الأطفال في بيوتهم ومدارسهم ومؤسسات المجتمع المدني . أحترمُ حريتك وتحترم حريتي ، وأعرف حدودي التي لا يجوز لي أن أتجاوزها .
ولم تُعجب هذه الخطوة أعداء التجربة الديمقراطية الأردوغانية في الداخل والخارج . وقاموا بشن حملة علية فاتّهموه بالدكتاتورية و القمع وخنق الحريات ، وفي هذا تدليس كبير وقلب للحقائق . إذ أنّ هذه الخطوة كانت لحماية أعراض الناس والمحافظة على كراماتهم من العبث والتشويه والاتهام دون دليل واضح وحكم قضائي قاطع . فما أسهل الاتهام وما أصعب الإثبات . فالأصل في الناس سلامة الذّمة والبراءة ما لم يثبت العكس . وقد أظهر هذا النّفاق الدولي وازدواج المعايير . فيغضّون الطرف في مكان ويستعملون العدسات المكبرة في مكانٍ آخر .
وبالمقارنة بين حاليْن ورجليّن أقول لو الرئيس المصري مرسي كان أكثر حنكة وذكاء ودهاء ويقظة وقام باتخاذ إجراءات وقرارات استباقية ووقائية لما وصل الحال إلى ما هو عليه الآن و لتم حقن دماء كثيرة زكيّة لخيرة أبناء الشعب المصري ولما تعرضوا لإبتلاءآت وعذابات شملت أعداداً كبيرة من البشر . قلت ليته فعل ولكن مرسي ليس أردوغان ....!